الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برودسكي : برداً وسلاماً على إسرائيل!

بدر عبدالملك

2010 / 8 / 29
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


قبل شهور استنفر العالم اعلاميا وسياسيا وامنيا حدث اغتيال المبحوح في دبي ’ وعرضت السلطات في دبي العملية بتفاصيلها الى درجة ذهل العالم من القدرة التقنية للسلطات الامنية المحلية هناك . تواصلت الضجة لايام كلما طفح على السطح موضوع جديد ’ ففي البداية كان العدد المتورط لا يتجاوز اكثر من 12 -14 شخصا ثم بدأ الرقم يتزايد ’ ثم بدأت الصور المعروضة تتسع الى حد بلغ فيها الرقم 26 شخصا متهمين كعملاء للموساد . سمعنا ضجيج الدول التي تم تزوير جوازاتها تعلن فحيحها من الجحور ’ قرأنا تصريحات دبلوماسية كاذبة لذر الرماد في العيون ’ انتظرنا الهاربين جميعهم أن يقفوا في قفص الاتهام في كل بلد وان يتم اصطياد ولو واحد منهم ’ توقعنا الكثير من شرطة الانتربول أن يفعله مع اشخاص اغلبهم ذهبوا نحو بلدان اوروبية ’ فان لم يذهبوا بنفس الجوازات التي استخدمت في الدخول او الخروج من دبي ثم استبدلوها بغيرها نحو مناطق اخرى ’ فانهم في النهاية غير قادرين على استبدال صورهم بكل سهولة حتى وان تزينوا بالشنبات والباروكة والالوان والنظارات ’ فنحن في عصر الكومبيوتر قادرين على رسم صورة الاشخاص بعدة ملامح ومن كل زاوية ’ بحيث لا يمكنه التملص بكل سهولة.
صمت العالم بنفس السرعة والقوة التي برز فيها الحدث ولمع بريقه واثار استغراب العالم ’ وقلنا ان الامن والشرطة الدولية الان منشغلة بكثافة وتنقب عن الهاربين ’ ولكن كل ذلك ذهب سدى ’’ وابن عمك اصمخ ’’ وما عادت حتى وسائل الاعلام ووكالات الانباء تجد لها خبرا منشورا عن تلك الجماعة العجيبة المحترفة لفن الاغتيال والتخطيط له عن بعد ! والتنفيذ عن قرب !! .
فص وملح وذاب هكذا بات المثل المصري هو المناسب لتلك الجماعات والعملية التي نجحت في تنفيذ مهمتها .
ربما الاعلام في اسرائيل ضج اكثر من اي بلد غربي واوربي ’ بل وهاجم الاسلوب الامني الاسرائيلي والعودة لسياسات التصفيات الجسدية السابقة كحقبة السبعينات ’ وحمّلوا السلطات العليا في الموساد مسؤولياتها كاملة ’ وبضرورة التحقيق معها قضائيا ودستوريا لمثل تلك التجاوزات غير القانونية بتزوير جوازات دول صديقة لاسرائيل! .
انشغل العالم باحداث جديدة وعواصف وفيضانات وحرائق ومباريات كأس العالم فنسوا تلك العملية الكبيرة في عالم الاغتيالات والتجاوزات من حيث ’ اولا تنفيذ العملية في بلد ثالث له استقلاليته وسيادته وثانيا استخدام جوازات ووثائق سفر مسروقة من مواطنين في دول صديقة . بعد كل هذا الضجيج والسكوت والملاحقة نجحت بولندا في اصطياد اول شخص من تلك المجموعة وهو برودسكي ’ ولا يهم كيف حدثت اللعبة والمطاردة والرصد ’ المهم هو ان برودسكي زوّر جوازا المانيا او هكذا تم بواسطة محترفي التزوير للوثائق في الاجهزة الامنية العالمية ’ ولكي لا تتحمل بولندا ضغوطا اسرائيلية وغيرها من وسائل قادمة من الاتحاد الاوربي كونها عضوا جديدا فيه ’ فعليها ان تلتزم بالاجراءات الامنية الوقائية في الاتحاد وتقديم كل اشكال التعاون بين اعضائه ’ لذا سلمت برودسكي الى المانيا بسرعة تحاشيا لكل شيء ’ بينما المانيا ’ التي لم تجد خلال الشهرين من التحقيق مع شخص استبدل جواز لاحد مواطنيها الا ان تراها تهمة بسيطة ’ وكأنها ليست معنية بقضية اوسع هي عملية اغتيال شخص في بلد ايضا له حقوقه الدولية وسيادته السياسية ’ خرج برودسكي من التوقيف في المانيا حاملا ترخيص امكانية السفر ’ خرج كما تخرج الشعرة من العجينة ’ بل ولم تعرف وسائل الاعلام المحلية بالتفاصيل بقدر ما عرفت كيف عاش المتهم برودسكي في بحبوحة السجون الالمانية . غادر مودعا المانيا بكل هدوء نحو اسرائيل ’ وهناك سيمنح ميدالية من المستوى الرفيع ’ كالتي تمنح لابطال مغاوير في انجاز مهماتهم بكل جدارة واتقان .
برودسكي ينعم في صيف 2010 باجازة صيفية مميزة على احد السواحل الاسرائلية ’ وبراتب مريح مثل اي عميل يتم مكافأته بشكل مجز لتلك المغامرة المتقنة ’ والتي اعتبرت اكبر مغامرة وحدث في عالم الاغتيال لعام 2010 ’ وحدثت بأرض دبي الهادئة والهانئة بامنها وارضها ’ غير ان امثال برودسكي المختفين حينها ’ كانت لهم ارض اسرائيل دائما وابدا بردا وسلاما ’ حينما تقفل في وجوههم مطارات العالم بحثا عنهم .
صارت اسرائيل ارض النعيم والطمأنينة لكل من يود انجاز مشروع اغتيال من هذا الطراز في بلد اخر’ المهم ان تدرك الدول ’ التي ستقبض على من يزيف جوازات سفرها بانهم يؤدون مهمة مشتركة لكل دول العالم كونهم يطاردون ارهابيين .
هذا ما جعل كل الدول التي زورت جوازاتها الموساد ان تغمض عينها عن حقيقة واحدة هي توظيف هوية تلك البلدان في عملية ارهابية بالمعنى القانوني والسياسي’ حتى وان كان التحقيق الداخلي السري معهم اجاز لهم قول اننا ننجز هدفا مشتركا في ملاحقة الارهاب العالمي والدفاع الامني عن بلدنا وبحاجة للدخول في تلك المناطق بجوازات سفر مقبولة ومشروعة هناك ’ لكون اسرائيل وجوازاتها ليس معترف بها في كل البلدان العربية ’ فيما الجواز الاوربي يشكل بردا وسلاما على اسرائيل في حقها اجتياز المناطق المحضورة بكل هدوء واحترام .
هكذا تورطت البلدان التي تم استخدام جوازها بينما كان في الجانب الاخر تفّهم غير معلن من تلك البلدان بمهمات الموساد ’’ الدولية’’ لمكافحة الارهاب ’ ورسالة لكل من يهمه الامر في تنقية وتصفية مثل هذه الاجواء من الشخصيات الارهابية وفق منطق المتصارعين في وضع دولي مزدوج ومختلف في مفاهيم كثيرة ’ وحائر في كيفية معالجتها بما فيها منظمة الامم المتحدة ’ التي لاذت بصمتها المطبق كون الفاعل هي اسرائيل ’ التي كانت ومازالت تتمتع بمقولة مهمة هي انها بردا وسلاما على العالم الحر وليس على اسرائيل وحدها !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة