الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفاوضات والخيارات المحدودة

أكرم أبو عمرو

2010 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو أن صراعنا مع عدونا التاريخي قد دخل مرحلة الخيارات المحدودة ، بل الخيار الواحد آلا وهو المفاوضات ثم المفاوضات ، ربما يذهب البعض مؤيدا ويطلق عليها وصف الطرق على جدران الخزان ، وهي في الحقيقة غير ذلك لأنها ستذهب بعيدا ويتلاشى صوتها وضجيجها في الوقت الذي سيعتبرها الكثير مخرجا له للتخلص من التزاماته تجاه شعبنا ، وليست بعيدة عنا تلك الفترة الطويلة التي استمرت قرابة الثماني عشر عاما بدءا من مفاوضات مدريد وما أعقبها من مفاوضات واشنطن ومفاوضات تنفيذ اتفاقات أوسلو ثم كامب ديفيد لنعرف مدى المماطلة والتسويف الإسرائيلي ، وهذا ما ستواجهه المفاوضات المقبلة ، فلماذا وصلنا إلى هذه المرحلة اقل ما يقال عنها أنها مرحلة قاتلة فعلى طول تاريخ صراعنا مع دولة الاحتلال الإسرائيلي كانت خيارتنا متعددة ومتنوعة بل ومفتوحة ولكننا قمنا بتقويضها وإذابتها بين ردهات الزمن وحقائب المصالح الفئوية والحزبية بل والشخصية أحيانا .
لقد كان خيار المقاومة أقوى واشرف وأنبل الخيارات، حيث كانت بمثابة الأظافر والمخالب التي نؤذي عدونا بها، ونجعله أمام حقيقة وجود شعبنا وحقوقه المهضومة التي ينكرها ، ولكننا قمنا بتقليم هذه الأظافر والمخالب ، وحتى لا يظن البعض إنني اقصد جهة معينة بل اقصد الكل الفلسطيني ، فالمقاومة تعرضت إلى الضغط الشديد أدى إلى تقليصها وتوقفها تحت دعوى أنها ليست الخيار الأنسب في ظل اختلال موازين القوى ، ونسي من يعتقدون ذلك انه لم يشهد التاريخ مطلقا تعادلا على الأقل في موازين القوى بين الشعب الواقع تحت الاحتلال والغاصب المحتل بل كانت القوة دائما لصالح المحتل .
الخيار الثاني الذي كان أمامنا هو اللجوء إلى العمق العربي ليكون حصنا وداعما لنا سياسيا وماديا ومعنويا ، ولكن هذا الخيار تلاشى تحت وطأة الاستقطاب العربي والإقليمي أطراف ما يسمى بالمعتدلين العرب، وما يسمى بأطراف المتشددين أو أطراف الممانعة العربية ، بل ذهبنا بعيدا وراء أوهام القوى الإقليمية وعلى سبيل المثال إيران وتركيا .
والخيار الثالث هو الصمود ، صمود شعبنا أمام كل العواصف والأعاصير التي تعصف به ولكن هذا الخيار بدأ يتلاشى فمن يغوص في أوساط المجتمع الفلسطيني ويستمع إلى أحاديث الناس طموحاتهم وآمالهم لا يسمع من أي شخص إلا هم البحث والجري وراء لقمة العيش وتامين سبل حياة كريمة له ولأفراد أسرته ، فقد طال الزمن ... زمن الحصار والفقر والبطالة وعشرات آلاف من الخريجين ومشاكل التعليم والصحة الكهرباء والماء وقائمة المشاكل طويلة ، فلا يمكن لشعب إن يبقى محاصرا إلى ما لانهاية .
اعتقد أن قرار الذهاب إلى المفاوضات المباشرة سيلقى ردود أفعال واسعة تتراوح بين التأييد والمباركة وبين الرفض والاستنكار، وهذا هو ديدن ساحتنا السياسية الفلسطينية منذ زمن ، واعتقد هنا أن لا وقت لردود الأفعال بكل أنواعها التي سيصل حد بعضها إلى التخوين ، فلقد سئمنا الصراخ على شاشات الفضائيات ، لقد حان الوقت لتلمس الأسباب والحقائق ، حان الوقت لوضع الخطوات العملية للخروج من هذا المأزق الفلسطيني الذي طال أمده والناتج عن حالة التردي الحالية ، يجب العمل وبسرعة إلى إحياء وتفعيل خيارتنا قبل أن يأتي وقت لا نجدها أمامنا.
أننا أمام فرصة سانحة وهي محاولة الخروج من هذه الحالة والتي ابرز ملامحها الانقسام الفلسطيني، هذه الحالة التي باتت مستعصية الحل بالوسائل التقليدية وعلى رأسها وسيلة الحوار ،فإنهاء الانقسام لا يمكن أن يتم إلا من خلال الاعتراف بحقيقة واحدة وهي انه لا يمكن لحركة حماس القضاء على حركة فتح وإنهائها ، وكذلك لا يمكن لحركة فتح القضاء على حركة حماس وإنهائها فكلتا الحركتين اصبحتا متجذرتين في المجتمع الفلسطيني وتحتلان المساحة الأكبر فيه ، وعليه فإن على كل من الحركتين الخروج من دوائرها الضيقة دوائره الحزبية والفئوية .
صحيح أن ما حدث بين الحركتين كبير فالدماء اهرقت ، والجروح غائرة ولكن إذا تعلق الأمر بمصير الشعب وبوجوده ، فهنا يجب القفز عن كل هذه الأسباب ، ولدى شعبنا من مخزون تراثه ما يمكنه من إزالة آثار هذه الأحداث إذا توفرت له الظروف الملائمة ، المهم إن نخرج من الحالة الراهنة وهنا أقول مرة أخرى انه لا سبيل للخروج إلا باستيعاب الآخر بمعنى أن على حركة حماس وحركة فتح استيعاب كل منهما الآخر وان تتخلصا من الحساسية المفرطة تجاه بعضهما البعض فكل منهما وعلى مستوى معظم العناصر إذا سمع كلمة فتح أو حماس ينتفض وكأن شيء وخزة أو لدغة فلماذا كل هذا وعلى ماذا طالما الجميع يتطلع إلى الوطن وتخليصه من براثن الاحتلال ،أن استيعاب الآخر يبدأ بالاعتراف المتبادل بحقيقة وجود كل منهما وإعلان مبادرات سريعة وتنفيذها وعلى رأسها التوقف عن الاعتقالات السياسية والإفراج الفوري عن كافة المعتقلين ، وتوقف التحريض الإعلامي وانتهاج سياسة الحوار والحوار المباشر مع كل الأطياف الفلسطينية وإعادة فتح كل المؤسسات التي أغلقت والسماح لها بممارسة نشاطها المعتاد ، واعتماد صندوق الاقتراع ليكون هو الحكم الفصل بين الجميع .
وإن لنا في تجارب استيعاب الكل التي مارستها بعض الدول خير مثال يمكن تطبيقة في فلسطين فهنا على سبيل المثال لا الحصر التجربة التركية التي يعرفها الجميع والتجربة الفرنسية التي اختفت فيها المعارضة ، محصلة القول لا بد من نهج جديد يعيد الأمل إلى شعبنا نهج قائم على الانفتاح والمصلحة الوطنية بدلا من نهج الصراخ والعويل والتراشق من بعد على شاشات الفضائيات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة