الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لن تتسرب من مسامي ....

حنان عارف

2010 / 8 / 30
الادب والفن



هل سيأتي صباح لا أجد فيه عصفوري الصغير الذي أعتاد أن يوقظني من غفوتي كلما استسلمت للموت المؤقت؟
ينقر على نافذتي نقرات منتظمة و كأنها شيفرة بيننا ...
فما أن أسمعها حتى أقفز من السرير كفتاة أيقظها حجر رمى به حبيبها المنتظر بالأسفل
أنظر إلى النافذة فأراه هناك مبتسما منتظرا أن أفتح له الباب الذي لم يغلق يوما في وجهه
أمد له يدي فيلتقطني
أمرر أصبعي على منقاره الصغير ليأخذ وجبته الصباحية
أدعوه لنشرب القهوة معاً على أنغام زقزقته التي اعتدتها و اطرب لها أكثر من صوت فيروز الملائكي ذلك الصوت الذي أعشقه و لكنني لم أمتلئ به؟
أما هو؟؟
آه منك يا صغيري... لا ترمقني بتلك النظرة التي تخترقني ... تلامس ما بداخلي ... تزيد ضربات قلبي و نبضي ...
لما هذا الحزن في عينيك .. يكاد يقلب فرحتي بك ألما و حزنا ... حزني الذي انتهى يوم بدأ حزنك !
و لكن لا ...
لن يأتي ذلك اليوم الذي أصحو فيه على ساعة المنبه أو صرخات أمي
لن يأتي ذلك اليوم الذي أعود لتناول القهوة فيه مع قصص الحب الفيروزية أو أخبار القتل و الفساد و الخلافات السياسية.
هل سيأتي حقاً؟
لن أسمح له بذلك أبدا...
لن أدعك ترحل عني
أنت فقط اخبرني.... متى؟
حددي لي الزمان باليوم و الشهر و السنة....
ففي ذلك اليوم سيشهد العالم تقويم تاريخ جديد
قل لي متى؟؟
حتى أمزق ذلك التاريخ من أوراق روزنامات العالم ....
سأصلي ليتوقف الزمن و تكف عقارب الساعة عن الدوران....
لن أدعك ترحل عني
سأكون قاسية معك بقدر ما كنت لطيفا معي
ستطغى ديكتاتوريتي على ديمقراطيتك
سأكون إرهابية سأمارس عليك كل أنواع التعذيب
سأكون سجانتك أنا التي كنت دوما سجينتك دون أن تدري.
ستكون أسيري و لا مكان للرحمة عندي.. سأحتجزك بداخلي، في سجني المظلم حتى تنيره كما كنت تفعل دائماً.
لا تفكر بالهرب... لن ادعك تتسرب من بين أصابعي... تتبخر من مسامي.
لن أبكي عليك حتى لا تختبئ بدمعي و تهرب بعيداً
لن تخدعني و تختلط بدمي فأنت تسري بشراييني منذ أمد.
سأغلق عينيّ كي لا يروك فيهما تطلب الرحمة فيخبروا منظمات حقوق الإنسان فيطالبون بك أسير حرب...
و هل أبادلك بطيور العالم اجمع يا لسخف تفكيرهم....
ستنطلق الصرخات و نداءات الاستغاثة , ستعلن حالة طوارئ ,
سيتحرك الإعلام و تعقد المؤتمرات الصحفية , و تبدأ الوساطات العلنية و غير العلنية ,
همسات هنا و هناك:
هل سمعت عن قضية العصفور ؟ ترى ما شكله ؟ لابد أنه من النوع الفريد ؟
يقولون أنه بألوان قوس قزح ؟ إحدى عينيه زجاجية ؟
يستطيع الحديث كالببغاء ؟ يطيع أوامرها و يغني لها حتى تنام ؟
هذه الخبرية الصغيرة تكبر لتغدو قصة قصيرة و تنسج حولها الحكايا كلٌ يروي حكايته كما يشاء
و الناس يملؤها الفضول
تفاصيل ... تفاصيل الكل يريد أن يعرف التفاصيل
تعددت الروايات و اختلفت الحكايات و تضاربت الأقوال و كلٌ يُفصل تفاصيله على مقاسه
لم يعد هناك مزيد من الوقت , لم يعد هناك مجال للصبر
تُرتب المواعيد ...يُحدد الزمان و المكان
تُعقد المؤتمرات الصحفية , يتجمهر عدد كبير في الخارج
تُجهز الميكروفونات و تُنصب الكاميرات
العيون تترقب و الآذان تتأهب
أخيراً سنراه , هذا النسر القادم من مدن الذهب الغامضة
و تلك الأميرة من سلالة المركيز دو ساد
أما أنت ....
تبدو بأبهى حلة , أضعك على كتفي و نخرج.... لتكون الصدمة
تصمت الأصوات , تفرك العيون بالأيدي محاولة الرؤية
تبحث الكاميرات عن شيء ما ....!!!
يتجرأ الصوت ليسألني عنك و تعلو الأصوات
أشير إليك و أنت تطير حولي
تدور في المكان تلف و ترجع لتهبط على كتفي توشوشني بأذني من هؤلاء الحمقى ؟؟
انك تراهم و لا يستطيعون رؤيتك أنا وحدي من يراك
هل رأيت هل اقتنعت
فهل لا تزال تصر على المغادرة
إلى عالم مجهول
إلى أناس لا يشعرون بوجودك و لا يأبهون بحياتك
بينما أنت لي كل حياتي ...
هل لا تزال تريد المغادرة
و أنا لا قيمة لي دونك ...
ينعتونني بالمجنونة ... نعم أنا مجنونة بك
ينعتونني بالمشاغبة ... يغادرونني غاضبين
و أبقى أنا و أنت فقط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??