الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شروط الحياة المادية لنشأة منظمة إلى الأمام الجزء 3

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2010 / 8 / 31
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


شروط الحياة المادية لنشأة منظمة إلى الأمام ـ الجزء 3


رأينا في الفصلين السابقين كيف تم الفرز السياسي بعد الإستقلال الشكلي و بالتالي تأثيره على الفرز الجماهيري بعد تشتيت الطبقة العاملة و الفلاحون الفقراء و الكادحين ، و ذلك بعد القضاء على الحركة الوطنية الثورية و جيش التحرير ، و انشقاق حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية عن حزب الإستقلال و تأسيس نقابة الإتحاد العام للشغالين ، بالموازاة لهذا الفرز السياسي و الجماهيري تأتي المنظمة الطلابية الإتحاد الوطني لطلبة المغرب في واجهة الضال الثوري ، و هي التي لم تسلم من تأثير القيادات البورجوازية الحزبية و النقابية ، و ذلك لضرب نضالية الحركة الطلابية الثورية التي لم تكن غائبة عن الحركة الوطنية الثورية خلال مرحلة الإستعمار المباشر ، و التي عرفت تنظيماتها المستقلة بعد تأسيس جمعية طلبة مسلمي شمال إفريقيا سنة 1912 و اتحاد طلاب المغرب في 1925 و جمعية الطلاب المغاربة سنة 1948 ، و كانت الأنوية الأولى التي أعطت الكوادر القيادية للحركة الوطنية الثورية من خلال مقاومة الإستعمار المباشر عبر الصراع الفكري و الثقافي و بالتالي الصراع السياسي ، و يعتبر تأسيس الإتحاد الوطني لطلبة المغرب في 1956 امتدادا لحركة طلبة المغرب خلال مرحلة الإستعمار المباشر.

و لا غرابة أن نجد أن الإتحاد الوطني لطلبة المغرب منذ تأسيسه لم يسلم من تأثير القيادات البورجوازية للحركة الوطنية ، و التي حددت من ضمن أولوياتها الحصول على الإستقلال الشكلي و الرهان عليه في حل القضايا السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية ، و كانت مقرراته لا تحمل أي موقف من النظام القائم نظرا لتأثير القيادات البورجوازية لحزب الإستقلال خاصة في المرحلة الممتدة من 1956 إلى 1958 ، عبر مقررات مؤتمراتها الثلاثة الأولى في دجنبر 1956 بالرباط و شتنبر 1967 بفاس و يوليوز 1958 بتطوان ، و كان للتحولات التي عرفتها الساحة السياسية و الجماهيرية بعد الإنشقاقات الحزبية و النقابية و تصفية الحركة الوطنية الثورية و جيش التحرير أثر كبير في التحولات داخل الحركة الطلابية ، و كان لا بد للحركة الطلابية أن تختار صف الجماهير الشعبية التي أفرزتها أحداث 1958 و 1959 بالريف و 1960 بالجنوب و فشل القيادات البورجوازية الحزبية و النقابية في حكومة عبد الله إبراهيم في 1960 و حظر الحزب الشيوعي في ظل هذه الحكومة ، و تمرير دستور الحكم المطلق في 1962 و الإنتخابات المزورة في 1963 ، كان هذه التناقضات التي أفرزتها السنوات الأولى للإستقلال تأثير كبير في تحول مواقف الحركة الطلابية التي سارت في اتجاه الحركة الوطنية الثورية.

و ذلك ما سيتجلى في المؤتمر الرابع للإتحاد الوطني لطلبة المغرب المنعقد في غشت 1959 بآكادير عندما طالب المؤتمرون بطرد الخبراء الفرمسيين ، الذي يشرفون على تنظيم أجهزة الجيش و الشرطة ، كما طالبوا بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين و إشاعة الحريات الديمقراطية و الإصلاح الزراعي ، و أعلنوا تضامنهم مع الحزب الشيوعي المغربي و طالبوا برفع الحظر عليه ، و وجهوا انتقادات صريحة ل"ولي العهد" الذي كان يشرف على المنظمة الطلابية ، و كان رد فعل النظام القائم مواجهة هذه المواقفة الجريئة بالقمع و الإعتقالات ، و سارت مواقف الحركة الطلابية في اتجاه القطيعة مع هيمنة النظام القائم على المنظمة الطلابية ، و التي تجلت تعبيراتها في خلع الرئاسة الشرفية ل"ولي العهد" في مؤتمرها السادس في يوليوز 1961 ، و بالتالي مقاطعة الدستور الإستبدادي لسنة 1962 لتستكمل الحركة الطلابية أسس خطها التقدمي الثوري ، و كان للدخول الجامعي61/62 أثر كبير في تركيز هذا التوجه و ذلك عبر خوض إضرابات للدفاع عن المطالب المادية و المعنوية للجماهير الطلابية ، كان أروعها إضرابات التعليم الأصيل التي دامت ستة أشهر، وصلت حد رفع شعارات سياسية تطالب باستقلال الجزائر ، و قامت الجماهير الطلابية باحتلال سفارة فرنسا بالرباط في 11 و 12 نونبر 1961 تضامنا مع الحركة التحررية الثورية الجزائرية ، و إدانة الحرب المغربية الجزائرية في 1963 مما دفع النظام القائم بمحاكمة رئيسها غيابيا و الحكم عليه بالإعدام ، أمام هذا الزخم النضالي و توسيع القاعة الجماهيرية لتشمل صفوف التلاميذ عمل النظام القائم في 21 يونيو 1964 بإصدار قرار مجحف يمنع غير الطلب الجامعيين بالإنتماء إلى المنظمة الطلابية ، كما حاول النظام القائم حل المنظمة في 15 أكتوبر 1964 بدعوى عدم ملاءمة قانونها الأساسي و مضمون قرار وزير الداخلية ل 21 يونيو 1964 ، و الذي و اجهته الجماهير الطلابية بالإضرابات و إبطال الدعوة المرفوعة ضد المنظمة في دجنبر 1964 ، و في نفس السنة صدر ظهير يلغي ظهير 1961 الذي يعتبر الإتحاد الوطني لطلبة المغرب جمعية ذات منفعة عامه.
و شكلت المؤتمرات المنعقدة بين 1959 إلى 1964 المنعطف الحقيقي في تاريخ المنظمة و ذلك بإبراز التوجه التقدمي داخلها ، و الذي اختارت فيه الحركة الطلابية صف الطبقات الشعبية باعتبارها منظمة الثورية لا تناضل فقط من أجل المطالب النقابية للجماهير الطلابي ، بل تعتبر نفسها الفاعل الأساسي في التغيير الثوري من أجل استكمال التحرر الوطني الذي تم إجهاضه من طرف القيادات البورجوازية الحزبية و النقابية ، كانت هذه المرحلة إذن حاسمة في وضع استراتيجية نضال الحركة الطلابية الذي لا ينفصل عن نضالات الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين ، و كان لهذا التحول أثر كبير في بروز دور الحركة الشبيبية في الإنتفاضة الشعبية في 23 مارس 1965 بالدار البيضاء .
و بذلك تم وضع معالم المد الثوري الذي ستعرفه الحركة التلامذية و الطلابية في المرحلة الممتدة بين 1965 تاريخ الإنتفاضة الشعبية بالدار البيضاء و 1973 تاريخ الحظر الذي ستتعرض له المنظمة الطلابية ، و خاصة بعد القمع الشرس الذي ستتعرض له الجماهير الطلابية خلال سنوات 1965 و 1966 و 1967 و تأثير الحركة الطلابية بفرنسا 1968 و المد الفكري الماركسي اللينيني ، و في ظل هجوم النظام القائم على المنظمة من أجل إضعافها و إسكات صوتها الذي يعتبر ما تبقى من أصوات المواجهة في الساحة الجماهيرية ، بعد سريان قوانين حالة الإستثناء و حل المؤسسات المزورة و خضوع و خنوع القيادات البورجوازية الحزبية و النقابية ، في ظل هذه الظروف العصيبة تأسس فصيل الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين باعتباره تيارا تقدميا وحدويا داخل الجامعة ، عمل على صيانة المباديء التقدمية للمنظمة و الدفاع عن جماهيريتها ، و كان لنجاح المؤتمر 13 للإتحاد الوطني لطلبة المغرب دورا هام في ترسيخ مباديء المنظمة عبر ابتداع أشكال تنظيمية تعيد الإعتبار للجماهير الطلابية في اتخاذ القرارات و بلورتها ، بعد أن كانت ممركزة في يد اللجنة التنفيذية ، و وضع المبايء الأساسية للمنظة الطلابية المتجلية في الإستقلالية و التقدمية و الديمقراطية و الجماهيرية ، و تسطير برامج لدفع الجماهير الطلابية من أجل حركة نضالية للدفاع عن المكتسبات ، و كان رد فعل النظام سريعا و ذلك بعقد مناظرة إفران الشهيرة في 1970 من أجل احتواء الحركة الطلابية ، و التي باءت بالفشل الشيء الذي دفعه لابتداع ممارسات قمعية جديدة ، حيث استدعى 15 عضورا من اللجنة التنفيذية للتجنيد العسكري في مايو 1970 ، و كان جواب الجماهير الطلابية سريعا و ذلك بشن اضرابات عامة لأسابيع من أجل إلغاء التجنيد الإجباري العسكري إلى ما بعد التخرج ، و لم تغب النضالات الطلابية عن مواكبة الوضع السياسي رغم القمع الشرس المسلط على الحركة الطلابية ، حيث شن طلبة الجامعة بالراط إضرابا في يوم 04 مايو 1970 ضد زيارة الوزير الإسباني "لوبيز برافو" للمغرب ، التي تستهدف عقد اتفاق بين المغرب و إسبانيا من أجل استغلال فوسفاط بوكراع في ظل الإستعمار الإسباني للصحراء الغربية ، هذا المشروع الإستعماري الذي استطاعت الحركة الطلابية إفشاله .

و كان للتوجه البيرقراطي داخل اللجنة المركزية أثر كبير في محاولة كسر المد الجماهيري للحركة الطلابية خدمة للقيادات البورجوازية الحزبية ، لتقليص دور الإتحاد الوطني لطلبة المغرب في تأجيج الصراع الطبقي خاصة بعد النجاح الباهر للمؤتمر 13 ، فكانت محطة المؤتمر 14 في 1970 المناسبة التي ينتظرها المد البيرقراطي من أجل تلجيم المنظمة و احتوائها من طرف النظام الحاكم ، و ذلك بدءا في انتقاء المؤتمرين و محاولة إقصاء بعض المؤسسات المعروفة بالمد التقدمي كالمدرسة المحمدية للمهندسين و المعهد الوطني للأحصاء و المدرسة العليا للأساتذة و كلية الآداب بالرباط ، و شكل هذا المؤتمر منعطفا خطيرا في الهيكلة التظيمية للمنظمة التي ألغت في مقرراتها بعض الأجهزة كالفروع و تهميش المجالس الطلابية و بالتالي إلغاء التشكيلة التنظيمية القاعدية للمنظمة ، و ذلك من أجل إعادة تركيز القرارات في يد اللجنة التنفيذي مما دفع الجماهير الظلابية إلى تجاوز قراراتها على المستوى النضالي ، حيث عرفت سنة 1970 إضرابات عارمة لم تشهدها الساحة الطلابية من قبل إن على مستوى القاعدة الجماهيرية الطلابية أو على مستوى الشعارات المرفوع ، و كانت فروع الإتحاد الوطني لطلبة المغرب بالخارج الدعامة الأساسية للخط التقدمي داخل المنظمة ، حيث احتل الطلبة المغاربة بسوريا السفارة المغربية بدمشق في مارس 1972 إحتجاجا على الأوضاع المزرية للطلبة بالمغرب مما أدى إلى اعتقالهم ، و كان من بين المكاسب الأساسية التي حققتها الحركة الطلابية على إثر هذه المعارك هي :
الزيادة في المنح بنسبة 15% .
ضمان حق الثلاميذ في التنظيم النقابي في إطار الوداديات.
إقرار إحترام حرمة الجامعة و استقلاليتها الإدارية و المالية و البيداغوجية .
إقرار مشاركة الطلبة في التسيير الذاتي للأحياء الجامعية .
إلتزام النظام القائم بوعد إصلاح التعليم .
و قرر النظام القائم في 17 أبريل 1972 الإفراج عن جميع الطلبة المعتقلين تحت ضغط الإضرابات الطلابية.
و في إطار التنسيقات مع المنظمات التقدمية ساهمت المنظمة الطلابية في تأسيس لجنة مناهضة القمع بالمغرب بتنسيق مع الإتحاد الوطني للمهندسين و النقابة الوطنية للتعليم العالي و جمعية المحامين الشباب ، و التي لعبت دورا هاما في فضح أشكال القمع المسلط على المناضلين الثوريين و مساندة المعتقلين منهم ، و لعبت الجامعة خلال هذه المرحلة دورا هاما في نشر الفكر الماركسي اللينيني خاصة بعد تأسيس منظمة إلى الأمام و منظمة 23 مارس .
و يأتي المؤتمر 15 المنعقد في يوليوز 1972 ليرسم من جديد الخط النضالي الكفاحي للمنظمة و يضرب عرض الحائط التوجه البيروقراطي داخل اللجنة التنفيذية ، و حدد على المستوى السياسي عبر :
ربط نضالات الجماهير الطلابية بالنضالات الجماهير الشعبية ، و يعتبرالشعار المرفوع من طرف المؤتمر: " لكل نضال جماهيري صداه في الجامعة " خير دليل عن التحول في اتجاه تركيز جماهيرية المنظمة الطلابية .
ربط نضالات الجماهير الطلابية بالنضالات الشعوب عاميا بمساندتها لحركات التحرر الوطني العالمية و على رأسها الثورة الفلسطينية .
التأكيد على النضال من أحل " تعليم شعبي عربي ديمقراطي علماني و موحد ".
العمل على صيانة حرمة الجامعة من خلال استقلالية الجامعة.
و تنفيذ هذا البرنامج النضالي الثوري أفرز المؤتمر هياكل تنظيمية مرنة لضرب المد البيرقراطي داخل المنظمة من خلال :
إعطاء المجالس الطلابية الصفة القانونية تماشيا مع ما أفرزته الساحة الطلابية قاعديا.
رد الإعتبار للفروع و العمل على تأسيسها من جديد .
رد الإعتبار للجنة التنسيق الوطنية و منحها الصفة التقريرية و تمكينها من وضع المعارك النضالية و قيادتها وتقييمها .
و كنتيجة حتمية للنجاح الذي عرفه المؤتمر 15 بعد تحقيق إعادة الهيكلة في اتجاه دعم المد الثوري داخل المنظمة الطلابية ، و بعد أسبوع من انتهاء أشغال المؤتمر أعاد النظام القائم هجومه من جديد على قيادة الإتحاد الوطني لطلبة المغرب ، و ذلك باختطاف رئيسها عزيز المنبهي و نائبه عبد الواحد بلكبير في 02 غشت 1972 و محاكمتهما غيابيا للتمويه على الجماهير الطلابية و الحكم عليهما بالسجن المؤبد ، و في يناير 1973 أصدر النظام قراره بحظر المنظمة الطلابية بعد عجز عن اخضاعها و قمع مناضليها الثوريين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - معلومات لاتحمل أي جديد ولا أ ي يتفسير
رشيد سعدوني ( 2010 / 8 / 31 - 00:12 )
السيد آمال،
في الحقيقة، أن تكتب مقالا من 10 أسطر يفسر الوقائع تفسيرا علميا أفضل من هذه الحمى المعرفية التي لايجمعها أي رابط. فما تقدمت به عبارة عن معلومات موجودة في كتابات محمد ظريف، ويمكن أن تشتريها في معارض الجامعة بأقل من 5 دراهم، أو أن تصادفها في أية جريدة صفراء. رجاء حاول أن تحيل على المراجع فهي مسألة مهمة جدا. لأن أغلب ما كتبته ليس لك.
الآن يعيش العالم أزمة مالية واقتصادية؟ أب تحليل يمكن أن تقدمه لها؟ هناك تراجع على جميع الأصعدة كيف يمكن تفسيره؟ الطبقة العاملة لم تعد تخضع للتحليلات القديمة؟ هاهي الأسئلة المهمة؟


2 - أمال لن يتوقف
محمد بلعيد ( 2010 / 8 / 31 - 05:10 )
نعم سيستمر الرفيق أمال في عرض تحليلاته وأفكاره بدون أن يزحزحه النباح، علما أن التحليل المادي يعتبر أن جميع الكانات تتعرض لالتصاق الطفيليات بها تتغذي عليها وتنام في حضنها لأنها عير قادرة على أن تنتج وتعيش حياة مستقلة. لذلك فإن التصاق المسمى رشيد بكتابات أمال يعبر عن هذا الواقع المضحك المبكي

اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: اليمين المتطرف يتصدر الاستطلا


.. فرنسا: هل يمنع حزب التجمع الوطني مزدوجي الجنسيات من الولوج إ




.. هل يعتمد ماكرون استراتيجية تشوية اليسار في الدورة الأولة للت


.. مظاهرات بتل أبيب والقيسارية ضد نتنياهو هي الأضخم منذ بدء الح




.. الناصرية 1 حزيران 2024 - مشاركات الحضور - ندوة سياسية لمنظم