الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفاوضات -عوفاديا يوسف- المباشرة

سعيد مبشور

2010 / 8 / 31
القضية الفلسطينية


ربما التقت دعوات الحاخام الصهيوني عوفاديا يوسف، مع دعوات الكثيرين من العرب فلسطينيين كانوا أم غير فلسطينيين، ممن يرفضون نهج التسوية اللانهائية والمفاوضات العبثية الذي مضى فيه المفاوض الفلسطيني منذ مؤتمر مدريد وإلى الآن، وممن يأملون في اختفاء التسويات والمفاوضات والمفاوضين، مع اختلاف كبير بين الطرفين، إذ أن الحاخام الصهيوني داعية إبادة شاملة للفلسطينيين، فيما رافضو مسلسل التسوية ليسوا إلا معارضين للأداء الرسمي فلسطينيا كان أم عربيا.

واليوم إذ تعاود قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله دخول المفاوضات، سواء كانت بشروط الرباعية المنقوصة من التشديد على إنهاء الاستيطان، أو على أساس بنود المبادرة العربية المنتهية ولايتها وروايتها، أو تحت مسمى إحلال وضع نهائي تتأسس بموجبه دولة فلسطينية كاملة السيادة، ولا نعلم كيف تتحقق سيادة في رقعة أغلب أهلها مشردون، مجهولة الحدود والمصير، مقطوعة من أشجار التفاح والزيتون وحتى شجرة العائلة، ومنزوعة الأيادي والسلاح، ومتروكة بلا أسماء ولا أنحاء ولا آباء.

الحاخام الصهيوني المتعجرف، معروف بعدائه لكل ما هو عربي وإسلامي، وهي عداوة متأصلة في العقلية والنفسية والمسلكية الصهيونية التي تدعي الالتزام بتعاليم الدين اليهودي، والحقيقة أنها تعاليم تلمودية غارقة في العنصرية واضطهاد كل العناصر والشعوب والملل المخالفة لليهود، ولذلك فإن تصريحاته لم تكن مفاجئة، إلا في ما يتعلق بالموقف من الرئيس الفلسطيني، الذي هز أركان السلطة الفلسطينية وانبرت له الأقلام والبيانات الرسمية وغير الرسمية بالتنديد والشجب والاستنكار، في حين لم تقو هذه الأصوات على ممانعة الاستمرار في مسلسل التسوية المترامي الأطراف، الذي يبدأ دائما لكي لا ينتهي، والرامي دائما إلى إعطاء المزيد من الشرعية والوقت للكيان الصهيوني قبل غيره، وهي الشرعية التي عبر عنها نتنياهو من خلال المطالبة بالاتفاق أولا على يهودية دولة "إسرائيل"، والتلكؤ في ملف المستوطنات بين التجميد والاستمرار في التهويد.

المفاوض الفلسطيني يدخل هذه المفاوضات إذن على قاعدة بلا ضمانات، اللهم إلا بعض التطمينات الأمريكية من أن إدارة أوباما جادة في البحث عن صيغة اتفاق نهائي قبل نهاية ولاية الرئيس الأمريكي، وأنها ماضية في تثبيت حل الدولتين والمساعدة على العبور نحو دولة فلسطينية لا يعلم بمداها ولا حدود أرضها أو سمائها سوى الأمريكيون أنفسهم بعد مراجعة الإسرائيليين بالطبع.

والمفاوض الفلسطيني الذي يتبجح اليوم بكونه يهدف من خلال الجلوس على الطاولة إلى الدفاع عن الحقوق والثوابت التاريخية والمشروعة للشعب الفلسطيني، ينسى في كل مرة أن يقوم بالتأكد من محتويات حقيبة المفاوضات، ففي كل مرة يفاجأ الجميع، بأن بعض الحقوق والثوابت قد سقطت في الطريق إلى خارطة الطريق، فلا يجلس هذا المفاوض إلا وقد خلت حقيبة ملفاته من قضايا ظلت إلى حين ثوابت لا حق لعربي ولا فلسطيني في المساومة بها، ابتداء من طبيعة الحق المتفاوض عليه، حق السيادة على كل فلسطين برا وبحرا ونهرا، ومرورا بملفات العودة والمقاومة وغيرها، وهكذا يجلس المفاوض الفلسطيني بحقيبة أغلب ملفاتها تالف أو تائه أو متهالك، فتبدأ المباحثات، بفعل الدهاء الصهيو-أمريكي، على أسس غير تلك المرسومة أصلا في ذهنية المفاوض الفلسطيني ولا حتى ضمن ما تبقى من مفكرته الأصلية.

إن تصريحات كل من الصهيونيين المتطرفين العنصريين عوفاديا ونتنياهو، هي السقف الحقيقي والمعلن لهذه المفاوضات المباشرة الأهداف والنوايا والتخطيطات، والطرف الصهيوني لا يجلس أصلا لكي يفاوض، إنه يفرض وقائعه على الأرض، ثم يأتي إلى الطرف الفلسطيني المفاوض ليقنعه، مقابل بعض الأعطيات، بضرورة السهر على ضمان الأمن الإسرائيلي.

الكيان الصهيوني مشغول بأمنه الاستراتيجي لا بحقوق الفلسطينيين، لأن الفلسطينيين في حالتهم الراهنة ليس لديهم من القوة ما يفرضون به حقائقهم ومشاريعهم ورؤاهم على الأرض، وليس في جعبتهم سوى القليل من الأمل في عطف إدارة أمريكية مهزوزة تبحث عن غطاء لتأكيد أحقيتها في ولاية جديدة، ودعم عربي باهت يستمر معه مسلسل التنصل العربي الرسمي من كل الالتزامات تجاه الفلسطينيين تحت جميع الذرائع والمسميات، ناهيك عن جسد فلسطيني مقسم وممزع، تتداعى سائر أطرافه وفصائله بحمى التسابق نحو السلطة والامتيازات، وتضيع فيه أجندة المقاوم التي بإمكانها وحدها أن تحمي الثوابت وتقوي من حظوظ الحصول على المكتسبات لشعب فلسطيني أعياه الملل والأمل والانتظار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نص مهم للغاية
بن داوود ( 2010 / 9 / 1 - 23:03 )
.نص مهم تحية للكاتب ثم ازيد واقول إن العقيدة الصهيونية لا تفكر إلا لنفسها ولا احد

اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها