الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب والناخب

حميد المصباحي

2010 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


الحزب جماعة بشرية،تسعى لأن تمثل تشكيلة اجتماعية محددة لخدمة مصالحها وتحقيقبعض طموحاتها الإقتصادية والثقافية،ولأن السلطة لم تعد تستمد سلطتها من ذاتها،بل من سلطة أخرى تشرع لها،فإن كل حزب يسعى للحصول على الأغلبية داخل هذه المؤسسة التمثيلية،والحزب يتكون من أفراديخضعون لنظام تراتبي وظيفي،يحدد به كيفيات اتخاذ قراراته ونشرها وتعميمهاعلى المواطنين،لكنه يتكون أيضا من فئة أخرى منتجة لمقوماته الإستراتيجية،تلك التي يسعى لتحقيقها كأهداف عندما يتسلم السلطة أ, يفوز بها،هذه هي قوة الحزب التي بها يكتسب كتلة ناخبةليست منتمية تنظيميا له،تصوت ثم تنسحب إلى انشغالاتها ،إلا من له مهارات سياسية إعلامية أو حتى تجارية تكون مفيدة للحزب،تخدم توجهاته،سواء كان في السلطة أو المعارضة،فأن يكون الحزب عماليا ليس معناه وجود كل العمال فيه،أو تحول قيادته إلى بروليتاريا،كما أن يمينية الحزب لاتعني احتكار الأغنياء له،فكم من غني دافع عن العدالة أكثر من الفقراء،وهذا ينطبق حتى على الأحزاب،التي لا تظل رهينة الإيديولوجي أ, الدوغمائي،فتغير تبعا لذلك توجهاتها المحكومة بابتداع كل ما يحقق مصالح بلدانها وأغلب فئات المجتمع الذي تسعى لتدبير شؤونه،هكذا هو الحزب في دول الحداثة،ليس جماعة تتوسع بانخراط الناس فيها،والسعي الدؤوب لأن يصير كل ناخب عضوا في الحزب يستقوي به في لحظات الإحتجاج أو حتى التمرد والمواجهة،ولا يرجع ذلك فقط إلى طبيعة الحزب فقط،بل إلى تركيبة الدولة وتاريخ المجتمع،بل حتى تاريخها هي أيضا،وهي تجربة الدول التي عرفت ثورات وعاشت بعدها تجربة الحزب الواحد، المالك للدولة سياسيا واقتصاديا وثقافيا،ومنها من اقتنع أو اضطر للقبول بالمشاركة في التنافس السياسي لأجل الفوز برضا الناخبين فانتصر في الإنتخابات ومنها من انهزم فتلاشى أو غير اسمه وتوجهاته السياسية والإيديولوجية ممتثلا لرغبة الناخبين معتبرا هزيمته انتصارا للديمقراطية ،ثم عاد للسلطة بعد أن جرب المجتمع غيره من الأحزاب السياسية،إنها لعبة الديمقراطية التي بها يتعلم المجتع نسبية الأحكام و المعايير القيمية التي يدافع الناس عنها دون تعصب أو عنف،بها ايضا تتعلم الدولة التخلص من عنفها مدركة أنه أبشع وسيلة تدافع بها الدول عن وجودها واختياراتها حتى لو كانت صحيحة،فكيف هي أحزابنا في المغرب؟؟
الحزب في المغرب له تاريخه،بحيث لا يمكن فصله عن صيرورة المجتمع المغربي نفسه،بحيث كانت هناك مرحلة الإستعمار،التي عايشتها الأحزاب الوطنية وتفاعلت معها،باقتراحاتها وحتى بمقاومتها في المدن والبوادي المغربية،ربما ترسخ بالتاريخ ارتباط الحزب بالحرية والمقاومة،كما أن سلطة ما بعد الحماية لم تتح للأحزاب المغربية إمكانية مراكمة تجربة الحكم واختارت بدلا عنها قوى ممثلة للأعيان ثقافيا واقتصاديا مما أدى فيما بعد للكثير من الإصطدامات التي دارت رحاها في الداخل والخارج،فرسخ في الحزب ضرورة الإنتماء التنظيمي كقوة فاعلة قادرة على تحريك الشارع والتحكم فيه احتياطا للمواجهات،وكل أشكال الإنتقام التي لجأ لها الحكم في بداية الإستقلال،فكانت قوة الحزب تقاس بقوته العددية ومؤسساته الموازية من جمعيات ونقابات وغيرها من الدروع الواقية كلجان الأحياء ،لكن حاليا يبدو أن الأحزاب الديمقراطية أدركت أن قوة الحزب في فعاليته التي لا تقاس بحضوره الجماهيري بل بعدد الأصوات المحصل عليها،إنها ما يؤهله كقوة لتمثيل الناس في المؤسسات التي تساهم إلى حد ما في تصريف القرارات او التأثير في فيها على الأقل.
حميد المصباحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يحيط بمصير هاشم صفي الدين بعد غارة بيروت.. ما هو السينا


.. مصادر طبية: 29 شهيدا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي على ق




.. خليل العناني: المنطقة العربية في حالة اشتعال بسبب الإدارة ال


.. وزير لبناني يخشى -غزة ثانية- بعد القصف الإسرائيلي العنيف




.. بايدن يحضّ إسرائيل على عدم ضرب المنشآت النفطية الإيرانية