الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحداثة سلطويا في المغرب

حميد المصباحي

2010 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية



للدولة في المغرب ميل غريب للتقليد،لدرجة أن دعوتها للحداثة لم تكن إلا تقليدا لكل ما يتجاوزه الغرب،فقد اختلقت التعددية،وسمحت بالإنتخابات،تحت رقابة الداخلية،ثم قلصت من إشرافها على الفرز،وأقحمت القضاء في النزاعات والطعون،وجعلت الصناديق شفافة،فتقلصت نسبة المصوتين،واحتكمت إلى رتبة الحزب لاختيار الوزير الأول،لكنها حدت من صلاحياته،مقترحة عليه وزراء من خارج الأحزاب السياسية،فقبل وتحول الوزير الأول إلى مندوب معين،يؤمر ليأمر،وقراره الوحيد هو ألا يقرر،فأية حداثة هاته؟
إنها حداثة الحدث،فالدولة المغربية اعتادت على تجديد شعاراتها التي ربما هناك سوء فهم لها من طرف أجهزتها،التي تطور أشكال غريبة للحد من فعاليتها أو تطبيقها،فيبدو الفساد وااللامسؤولية عائقا لما تطمح له الدولة من إصلاحات رغم محدوديتها،ومن المؤكد أنها تعرف لم توجد العراقيل أمامها ومنهم البارعون في اختلافها أو خلقها،عن جهل أو سوء نية،الله وحده المطلع،،فهي لا تفعل القوانين إلا فيما يمسها أمنيا،أما الرشوة ونهب المال العام،وتخلف الإعلام،وزبونية التوظيفات المباشرة،وهدر زمن التنمية،والمضاربات العقارية،فلا تحرك ساكنا تجاهها،هل هي حداثة؟
إن انتشار هده الظواهر،يجعل المجتمع غير مبال بما تصرح به الدولة حتى إن كان صادقا،وسيتعامل معها من منطلق المصلحة،في بعدها الشخصي الضيق،فتترسخ المنفعة كمقياس للإنتماء والتعاون والإنصات،ولا تتحقق قيم المواطنة،بما تمثله من احترام للقوانين وتفاني في خدمة الوطن،أو الصالح العام،لأن المثال هو الدولة نفسها،بكل رجالاتها،الدين يؤدي بعضهم واجبهم بكل تجرد ونزاهة،وهو مالا يركز هليه الناس،ومنهم من يسيئون لها ويحمون بأشكال غريبة،لا يطالهم العقاب إلا نادرا.باختصار الحداثة اختيار كلي،غير قابل للتجزيء،أو التأجيل،عناصره المعرفة النافعة للإنسان في وجوده الطبيعي والحضاري،صحة،شغل،رقي،حرية في الإختيار السياسي،ديمقراطية الدولة كتجسيد لدولة الحق والقانون،تحاسب رجالها قبل غيرهم،وتتشدد في عقاب المخلين بالقانون منهم،ودعم قيم التنافس،باعتماد الإجتهاد والفعالية،لا الولاءات لتحمل المسؤوليات في المؤسسات غير السياسية،واعتماد التصويت لاختيار الأنسب إن تكافأت الفرص،دعم المعرفة والعلم بدون وساطات،تشجيع الإختراعات العلمية والتكنولوجية.من هنا تبدأ الحداثة،إجراءات لا مجرد خطابات تشيد بالعلم دون ممارسته،وتدعو للديمقراطية باختزالها في التصويت،فهي ليست غاية،بل وسيلة لحسن تدبير شؤون المجتمع والرقي به،حقيقة إن الحداثة التي تحول إلى حدث،يحتفى به وكأنه تحقق،بينما هو لايزال شعارا،أو طلاء طال بعض القوانين،لكن الحياة العامة لم تطبع بعد بطابعه،كما هو حال السياسة العامة نفسها،رغم المجهودات،من ضخ للأموال وسن للقوانين،كأننا على يقين أن الحداثة في كليتها ستطبق في جوهر الدولة وسياساتها،عندما تصير تقليدية بفعل الزمن والتطور،أي عندما يبدع العالم صيغا جديدة في سياسة الدول والحضارات.
حميد المصباحي كاتب وروائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يحيط بمصير هاشم صفي الدين بعد غارة بيروت.. ما هو السينا


.. مصادر طبية: 29 شهيدا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي على ق




.. خليل العناني: المنطقة العربية في حالة اشتعال بسبب الإدارة ال


.. وزير لبناني يخشى -غزة ثانية- بعد القصف الإسرائيلي العنيف




.. بايدن يحضّ إسرائيل على عدم ضرب المنشآت النفطية الإيرانية