الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفاوض الفلسطيني

محمد سيد رصاص

2010 / 8 / 31
القضية الفلسطينية


اتهم ياسر عرفات من قبل أحمد جبريل ،في مقابلة تلفزيونية بصيف عام1983أثناء أزمة انشقاق (فتح) وتداعياتها الفلسطينية،بأنه يطمح إلى أن يكون"سادات فلسطيني"،مستدلاً على ذلك بعدم قيامه بأي رد فعل أثناء حضوره خطاب أنور السادات في مجلس الشعب المصري الذي أعلن فيه بأنه "مستعد للذهاب إلى آخر الدنيا من أجل تحقيق السلام ،بمافيه الذهاب إلى إسرائيل"قبيل أحد عشرة يوماً من تلك الزيارة للقدس الغربية والقائه خطاباً في الكنيست الاسرائيلي(19تشرين الثاني1977).
هنا، كان ملفتاً للنظر نزول ياسر عرفات عند قناة السويس ، من الباخرة التي أقلَته بعد الخروج من طرابلس في الشهر الأخير من عام1983،وذهابه للقاءالرئيس مبارك في القاهرة في أول كسر لقرارات القمة العربية ببغداد1978التي أقرَت المقاطعة العربية للنظام المصري بعد قليل من توقيع اتفاقيات كامب دافيد.من جهة أخرى كان هناك تشابه في الأسلوب التفاوضي بين الزعيم الفلسطيني والرئيس السادات الذي احتج في محادثات كامب دافيد(أيلول1978)،بعد أن أرهقه وأعجزه مناحيم بيغن في مفاوضات استغرقت أسبوعين،بأنه" قد قدم للإسرائيليين من خلال زيارته مالم يحلموا بحصوله خلال ثلاثة عقود" ليجيبه رئيس الوزراء الاسرائيلي بأن "الورقة في السياسة تفقد قيمتها بعد أن توضع على الطاولة" : في هذا الإطار كانت التنازلات الكبرى في مسارات العمل الفلسطيني قد حصلت في يوم15تشرين الثاني 1988لماأعلن المجلس الوطني الفلسطيني19بالجزائر"قيام الدولة الفلسطينية المستقلة استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية منذ عام1947"،وهو ماكان يعني عملياً الغاءَ للميثاق الوطني الفلسطيني واعترافاً بدولة إسرائيل وبالقرار242.كان هذا التحول الفلسطيني الجذري من أجل شراء هدف واحد متمثلاً في فتح حوار بين منظمة التحرير الفلسطينية والولايات المتحدة الأميركية وهو ماأعلن عن المباشرة فيه في يوم15كانون أول1988 بعد أن أعلنت واشنطن يومها بأن"المنظمة قد استوفت الشروط الأميركية الثلاثة:اعتراف بإسرائيل،نبذ الإرهاب،القبول بالقرار242"،الشيء الذي كشف لاحقاً عن أن هذه الشروط الثلاث هي فحوى اتفاق سري عقد بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين ووزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر اشترطه رابين على واشنطن لأي حوار فلسطيني-أميركي كشرط لتوقيع تل أبيب على اتفاقية سيناء الثانية مع مصر في أيلول1975. ولكن عملياً كان هذا التنازل الفلسطيني الضخم،والذي يمثل تنازلاً عن جوهر الصراع العربي الاسرائيلي الذي نشب في يوم 15أيار1948بعد يوم من اعلان دولة إسرائيل على التراب الفلسطيني، من دون أي مقابل من تل أبيب التي اعتبرت نفسها"على غير صلة" بمايجري بين واشنطن والفلسطينيين.
ربما،كان أبلغ تعبير رمزي عن هذه الذهنية التفاوضية الفلسطينية هو ماحصل في يوم13أيلول1993بحديقة البيت الأبيض أثناء توقيع (اتفاق أوسلو) لمابادر عرفات إلى مد يده لمصافحة رئيس الوزراء الإسرائيلي رابين وتمنَع الأخير ثم تحت الحاح الرئيس كلينتون حصلت تلك المصافحة أمام الكاميرات مع ماأصبح عرفات يدعوه بعد ذلك ب"شريكي رابين". في التعبير العملي كان مضمون ذلك الإتفاق يمثل نتيجة كارثية ولَدتها تلك الذهنية التفاوضية:حصلت أخطاء جسيمة من قبل المفاوض الفلسطيني ،والتي لايمكن أن يرتكبها مبتدىء في السياسة ،مثل تعبير(أريحا)الخاص بالمراحل التطبيقية للإتفاق فيمايتعلق بمرحلة(أريحا- غزةأولاً)حيث لعب الاسرائيلي حتى توقيع اتفاق القاهرة(4أيار1994) –أو)أوسلو2)- على فضفاضية وغموض هذا التعبير الذي يمكن أن يعني محافظة أريحا كلها أوالمدينة أوالمنطقة والمدينة معاً.كانت هذه قضايا اجرائية،أما في الأمور الجوهرية فقد حصل بيع كل شيء من قبل الفلسطيني (=اعتراف من مالك البيت المسروق والمغتصب بأحقية السارق في المسروقات) مقابل شراء السمك وهو في البحر لماتُرِكت "مواضيع الحل النهائي"(=الحدود- اللاجئين-القدس-المستوطنات-المياه-الأمن)إلى مرحلة لاحقة استطاعت إسرائيل خلال سبعة عشر عاماً من عمر ذلك الإتفاق ليس فقط منع الدخول في مباحثات جدية من أجل الخوض في "مواضيع الحل النهائي" وإنما كادت في تلك الفترة الفاصلة عن(أوسلو)أن تنجز وقائع على الأرض لصالحها جعلت "مواضيع الحل النهائي" في أراضي1967مماثلة أوأقرب لمافعلته بين عامي1948و1967في أراضي 48آملةً في جعل ماقبله بعض العرب حيال وقائع1948 بعد قليل من حرب5حزيران منذ موافقة مصر والأردن على القرار242(22تشرين الثاني1967) يحصل ثانية من "السلطة الفلسطينية"والأنظمة العربية تجاه القدس وأراضي الضفة الغربية.
الآن،وبعد أن ظل الطرف الاسرائيلي يصرخ لعقود من الزمن بأنه مستعد لمفاوضات مع العرب والفلسطينيين من دون شروط مسبقة ،أصبح بنيامين نتنياهو،وغداة موافقة "السلطة الفلسطينية"على مفاوضات مباشرة مع إسرائيل في 2أيلول2010،يضع شرطاً مسبقاً لتلك المفاوضات متمثلاً"في اعتراف بيهودية دولة إسرائيل"بعد أن نال كل مايبغي مسبقاً من عدم اشتراط وقف الإستيطان وعدم تحديد مرجعية لتلك المفاوضات كماجرى في مؤتمر مدريد عام1991 لماحددت مرجعيته في القرار242.
في عام1909 أسس دافيد بن غوريون منظمة(هاشومير)،أي الحراس.كان شعار تلك المنظمة هو التالي:"بالدم والنار سقطت البهودية وبالدم والنار ستقوم ثانية"،وهو مافعله مسترشداً به خلال أربعة عقود لاحقة حتى تأسيس دولة إسرائيل عام1948،الأمر الذي استمر عليه خلفاءه.
كيف يمكن التفاوض مع هؤلاء؟.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن