الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زمن بسعر الغيار

مالك مسلماوي

2010 / 9 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



احترام الزمن هو احترام الحياة, ولا جدال ... ذلك إن الحياة هي الزمن المتحرك دوما إلى أمام , ومحور هذه الحركة هو (الفعل) .. يعني سلسلة الأفعال التي يصنعها الإنسان بوعيه وإرادته لتحقيق رغباته وطموحاته نحو حياة أفضل . فان غاب الفعل غاب الزمن وتوقفت الحياة ... الزمن بدون فعل لا يساوي شيئا , يفقد قيمته وجدواه. لكن عن أي فعل نتحدث ؟ الحيوان – أيضا – يمارس سلسلة من الأفعال باستمرار مما يجعله قادرا على مواصلة الحياة : يأكل ويشرب وينام ويصحو ويمارس الجنس ويدافع عن نفسه وعن ما يخصه .... الخ , وكل ذاك – أيضا – بوعي وارادة ... و حيثما اقترب الإنسان من (ابن عمه) الحيوان على النمط ذاته من الحياة , بات كائنا غرائزيا لا يختلف بطريقة العيش عن أي كائن في الطبيعة ! وهذا ما ينكره الإنسان ويحتج عليه , لأنه يعتبر نفسه الحيوان (الأرقى) , لما يتصف به من قدرات ادراكيه وذكاء فائق . وما شددت عليه (الجهات) التي انفتحت على المطلق وأسست لعلاقة الإنسان (المخلوق) بالإله (الخالق)...
الذي يعنينا هنا مسألة في غاية الأهمية , ألا وهي الإجابة عن السؤال الأهم في عصرنا الحالي : كيف نحترم الزمن ؟ وقد ذهبنا إلى التسليم بمقولة : إن الزمن هو الفعل , فاحترام الزمن هو احترام الفعل .. ويرد السؤال بصيغة أخرى : كيف نحترم (الفعل) لنحترم الزمن ؟
إن سلسلة الأفعال المتعاقبة هي التي تكشف بوضوح نوع الحياة وطبيعتها والغاية منها .. إذا ما هو الفعل الإنساني المطلوب في سبيل إثبات جدارته وأهليته لصنع حياة تليق به ككائن راق ؟
بالتأكيد سنحصل على كم مختلف من الإجابات باختلاف الجهات المسؤولة حسب التنوع في البنى الفكرية والتكوينات النفسية والاجتماعية , وطرق التعبير عنها ..وقد تصب في مجرى واحد أو مجار مختلفة , إنما تبرز مسألة أخرى مهمة تلك هي المفارقة الدائمة (عندنا) بين الفكرة و تطبيقها , أو بين القول والفعل (النظرية والتطبيق) وفق المقولة الشائعة في الأدبيات السياسية ..لكن لاحظ الإجابات المتوقعة:
الفعل : هو مرضاة الخالق
الفعل : هو مرضاة الضمير
الفعل: هو مرضاة المجتمع....
لكننا نفترض دائما إن هناك فهما خاطئا , ما دام هناك ضمور و خلل في منظومة الوعي على المستوى الفردي والجمعي , ذلك ما ندركه ونلمسه على ارض الواقع المتهم بالخمول وفقدان الوعي , وإلا فمن أين نأتي بهذه النكسات والنكبات المتتالية لنبرهن بها بإصرار على فشلنا السياسي والاقتصادي والأمني...؟
أقول : من مساوئنا أننا اعتدنا أن لا نحترم الزمن , ولا نقيم له وزنا .. دأبنا على قتله لمناسبة وغير مناسبة , وهو أكثر الأشياء الضائعة في مجتمعنا , فمن المعتاد أن يذهب يوم الإنسان باهتا خاليا من الجدوى , ثم يمر يوم آخر وآخر لتطول سلسلة الأيام المهدورة حتى انقضاء العمر! ومن حق الإنسان البسيط أن لا يسال : كيف ضاع يومه أو عمره في غفلة منه , لأنه محكوم على الدوام بثقل الظروف وشبكة من (الأوجاع) اليومية في صراعه من اجل البقاء .. وتبدو الحياة دائرة مغلقة يمارس فيها موته البطيء .. وأول ما يموت فيه هو الرغبة في الحياة ! فمن يعلّمه صناعة الأسئلة ؟ ومن يفتح له الدائرة ليبحث بوعي كاف عن الإجابات الشافية ؟ ومن يزرع في نفسه الثقة لامتلاك وعيه وإرادته في العبور نحو واقع جديد , إذا كان إنساننا هذا قد بتر وعيه وتلاشت ثقته بنفسه وبالآخرين , فاستهوته الخرافة , والتبعية , والتكيف مع الواقع المريض ؟!
إن هذا الانطواء والجمود له أكثر من سبب متأصل , أهمها عزل العقل وتجريده من سلطته في الكشف عن المشكلات العميقة الراكزة في الأنساق الاجتماعية القائمة , من اجل تكريس دور (العقل الآخر) الذي يستمد سلطته من (الماورائيات) المتفاقمة خلال المراحل المظلمة و ما أكثرها في تاريخنا المليء بالانكسارات . واهم ما أنتجته ذلك العقل , هو النظرة الدونية للحياة على إنها معبر نحو الحياة الأخرى , فهي (وسيلة) وليست غاية , ولذا فمن يختار حياته يتهم بالانحراف , لأنه اختار ما هو دوني على ما هو سام وخالد ! ذلك ما أسس ل(أزمة الوعي) التي أدت إلى تحجر العقل ومحاصرته من جميع الجهات . ضمن شبكة معقدة من الممنوعات والمحرمات . وقد أدى ذلك إلى بقاء العقل هو هو منزويا في الزمن الساكن , يجتر التاريخ وينأى عن أي تطلع ..ثم تأتي العوامل الاجتماعية والاقتصادية المتردية التي استنزفت وعي الإنسان وصادرت حريته فأصبح تابعا ذليلا , وصيدا سهلا للمؤسسات اللاهوتية والإيديولوجية والسياسية .
أعود وأقول : من مساوئنا أننا لا نحترم الزمن , لأننا بلا إرادة ولا فعل ولا نظرة جريئة لما جرى ويجري .. لاحظ كم من الزمن الثمين يضيع منا في المراجعات والمعاملات في الدوائر الرسمية وشبه الرسمية ! وما مقدار الزمن المهدور في (نقاط التفتيش) والطرق المغلقة والشوارع المخربة ومحطات الوقود!؟ وما عدد الأيام العاطلة في المناسبات السياسية والوطنية والدينية ... والحديث يطول عما نحن فيه , فهل لهذا من انتهاء ؟؟ وهل لهذا العقل من قدحة ؟؟...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحافي رامي أبو جاموس من رفح يرصد لنا آخر التطورات الميداني


.. -لا يمكنه المشي ولا أن يجمع جملتين معاً-.. شاهد كيف سخر ترام




.. حزب الله يعلن استهداف موقع الراهب الإسرائيلي بقذائف مدفعية


.. غانتس يهدد بالاستقالة من الحكومة إن لم يقدم نتنياهو خطة واضح




.. فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران تعلن استهداف -هدفاً حيوياً-