الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نداء إلى العقل

أسعد البصري

2010 / 9 / 1
الادب والفن


~~~
1
إذا كان من ضرورة للثقافة فهي القدرة على النقد وتشخيص الخلل وصياغة الأفكار..تلك التي يكون المثقف مكابداً لها ،واثقاً منها،مستعداً للدفاع عنها وتوضيحها وكأنها
أطروحته أو رسالته الخاصة بزمنه وثقافته.
هناك تواطؤ من السلطة والناس في العراق على رفض العقل وتغييبه وهذا أمرٌ خطر.ولا توجد أعذار مقبولة ..تذكروا فقط الظروف الصحية والإقتصادية الصعبة التي كان ماركس يعانيها حين أضاء العالم بأعظم نقد عقلاني وتاريخي للرأسمالية ومصير الإنسان.
ما يحدث في العراق من دعاية دينية وإغراق للإعلام بالشعر الشعبي هو غسيل مؤلم للعقلانية والعقل العراقي ولإمكانية وجود مثقف خلاق بدماغٍ يعمل.ثم هذا الفساد في كل شيء حتى الثقافة..فساد يجعلني لا أثق بإرسال أية وجهة نظر لأية صحيفة لعلمي أن السياسة مربوطة بالأحزاب والمخابرات ..أما الأدب فهو مربوط بالمجاملات والعلاقات.هذا عار وفسادٌ للملح فماذا بعد فساد الملح.
لم نعد بحاجة إلى شعوذة ومشعوذين ولا إلى غموض وغامضين...
نحن بحاجة إلى وضوح وواضحين إلى عقل وعقلانيين.

الغنوص والأفكار الظلامية التي انتصر عليها العقل البشري عبر التاريخ تعود وتنتشر في عراق اليوم كالأوبئة...على صعيد السلطة كما على الصعيد الشعبي..
هذا نداء إلى المثقفين العراقيين أن يقطعوا صمتهم وأن يتقدموا لنصرة العقل والمنطق..ما جدواكم يا مثقفين إذا كانت المفاهيم الأساسية والمبادئ الأولية للعقل العراقي تتهدد ويلتهمها غنوص ووعي عذابي معاصر وأنتم لا تتكلمون.
ثم أين المثقف الرائع زاهر الجيزاني الذي كان واحداَ من الذين تعلمنا هذه الأفكارمنهم...
لماذا هو صامتٌ حذرٌ مجامل...ألم نسمع منه وبشكل شخصي ومباشر عندما كان في دمشق أن الغنوص والغموض في ثقافة النخبة الدينية والثقافية يؤدي إلى تحفيز للغرائز الوثنية لدى المجتمع ويؤدي إلى عبادة آلهة صغيرة ومحلية تؤدي في النهاية إلى ظهور دكتاتور كبير،يكون هذا الدكتاتور مجبراً على طرح نفسه إلهاً ليشبع غرائز الجهل والوثنية لدى المجتمع.ألم يقل زاهر الجيزاني أن الفكر مرتبط بالأخلاق لهذا كل فيلسوف كبير لا بد عنده نظرية في الأخلاق.وأن الغنوص والغموض الثقافي يؤدي إلى عبادة الأشخاص وإلى الإنحطاط الأخلاقي.
صدمتي كبيرة بك يا زاهر الجيزاني لأنك اليوم مجامل وصامت.
أخذنا عنك حكمةً فرحنا بك وبها ولم يخطر ببالنا سرقتها منك أو تذكيرك بها.
~~~~
٢
~~~~~~~~~~
أحياناً عليّ أن أنفذ ما قاله شكسبير على لسان هاملت...
عليّ أن أقسو لكي أكون رحيماً..
فالقسوة تكون نوعاً من الرحمة والحب أكثر من المجاملة..
...تصوري عنكم كشباب عراقي مثقف و متوثب قارئ للفلسفة هو أن كل واحد منكم جالسٌ الآن في مكتبة المنزل يقرأ الكينونة والزمان لمارتن هيدغر ..وحين يتعب ذهنه الفتي من صعوبة مفهوم الكوجيتو-الكينونه داخل الزمان ل هيدغر..فإنه يأخذُ كأساً من النبيذ الأحمر إلى شرفة المنزل ويسمع بحيرة البجع أو سمفونية القدر ويريح ذهنه بشعر عمر الخيام ملك النبيذ والتأمل..أو يقرأ أوكتافيو باث ملك الشعر الفلسفي العميق..
ويترك سواق النيرن يسمعون صوت المحرك الروسي وقصائد عريان السيد خلف وأغاني سعدي الحلي..
.لقد قال ماركس أن محرك التاريخ هو العلاقات الإجتماعية..ولكن فوكو قال أن محرك التاريخ هو البنية..إن عريان السيد خلف وحمزة الحلفي وسمير صبيح وأمثالهم يمثلون عقل أمة لا عقل لها ..وهذا التعبير ل فوكو أيضاُ..
إن بنية الشعر الشعبي تحمل مفاهيم تخلف وعشائرية بالضرورة..وتهيج مشاعر بدائية مشكوك برقيها وإنسانيتها..لهذا ترى نفس عريان الشيوعي هو متدين ويكتب شعراً يمدح رموزاً دينية وطائفية وعشائرية..وهذا ليس خطأً شخصياً بل خطأً بنيوياً..لأن الشعر الشعبي ينطوي على تخلف بنيوي بالضرورة.
وهذا التحليل البنيوي يفسر لك لماذا يقف الجواهري في أواخر عمره أمام ملك حسين في عمان يمدحه ويتذلل إليه من أجل حفنة من المال... وأذكركم بالمقال الذي نشره مترجم الجواهري في جريدة السفير اللبنانية عن رحلة الجواهري أواخر عمره إلى طهران ليمدح الخامنئي.
ذكر المترجم أنه صدم صدمة كبيرة وصعق حين رأى الجواهري يلقي بنفسه ليقبل قدم الخامنائي.وقد رفعه الخامنائي وزجره قائلاً أنت من عائلة كريمة لا تفعل هذا ..فجدك الجواهري الأكبر مؤلف كتاب جواهر الكلام... ومنه جاءت تسمية جواهري..وجواهر الكلام أهم كتاب في الفقه الشيعي.
الجواهري يمدح وينافق..هذا ليس خطأُ فردياً بل خطأ بنيوي ..لأن بنية الشعر العمودي تنطوي على المبالغة والمديح والإرتزاق..
ثم أحب أن أوجه سؤالاً منطقياً هنا ..لماذا تتقبلون نقداً للمتنبي وأبي العتاهية وأبي نؤاس ولكن ترفضون تقبل أي نقد للجواهري؟
ما هو السبب؟
والسؤال الثاني ، موجه إلى الناقد العربي المعروف أدونيس ..الذي وجه ضربات قاضية وقاسية إلى الشعر العمودي المعاصر..ووجه نقداً أشبه بالإهانة الشخصية إلى الشاعر أحمد شوقي ولكنه حين يصل إلى الجواهري يخاف من العراقيين ويناقض كل أفكاره ويمتدحه مدحاً أشبه بالتقديس ويصفه بالصقر..
لماذا؟؟؟
أنا أتمسك بمقولة هاملت ولا أبالي.
علي أن أقسو لكي أكون رحيماً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص


.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟




.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و


.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا




.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف