الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وزارة الثقافة وتحديات نظرية المؤامرة

فراس الغضبان الحمداني

2010 / 9 / 1
العولمة وتطورات العالم المعاصر


كنا ومازلنا وسنبقى نتغنى بتاريخ حضارتنا وعراقة ثقافتنا وكل هذا معناه إن رصيدنا من الحضارة والثقافة في الماضي .. أما حصيلتنا اليوم ونقولها بموضوعية وبدون انحياز هي الخرافة .

والدليل على ذلك كان من المعقول والمتوقع والمفترض إن يدخل العراق بعد 2003 إلى العصر الديمقراطي وليس الديموغرافي ، ويقدم للناس ونقصد كل العالم نماذج من نتاج إبداعي وحضاري وهو امتداد حقيقي لحضارة سومر وآشور وعلم ابن سينا وأدب المقفع وشعر المتنبي وامتداد لإبداعات جواد سليم والسياب والبياتي والملائكة والجواهري وإبداعات أخرى في شتى العلوم والفنون .

ولنا الحق إن نتفاخر بها وتتولى وزارة الثقافة الإفصاح عنها والترويج لها في أسابيعها الثقافية في القارات السبع بعد إن اعتقد الناس إن العراق قد تمزق في محيط الإرهاب واندثر كل شيء وأولها ثقافة وفنون بلاد الرافدين .

هذه المهمة ليست بالسهلة أو المتاحة ولكنها أيضا في ضوء معطيات الواقع الثقافي وموارد العراق النفطية ليست بالمستحيلة لكنها تحتاج الى توحد الرؤية والخطاب الثقافي الموجه إلى الداخل والخارج ، وكان من المفترض إن تكون هناك إستراتيجية ثقافية في وزارة الثقافة يعدها البرلمان بالتعاون مع النخب الثقافية والعلمية والأكاديمية ويضعها أمام وزير الثقافة الأستاذ ماهر دلي لكي يكون ملزما لتنفيذ مفردات واضحة المعالم تحدد هوية العراق الثقافية التي تسمو فوق كل الميول والاتجاهات الطائفية والعنصرية والقومية والشخصية والمصلحية ، وتقدم للناس والعالم الخارجي ثقافة عراقية أصيلة ومزدهرة ومتعددة الألوان والمضامين ومنطلقة للمستقبل ومتفاعلة مع ثقافة العالم وليس منكفئة على طقوس ظلامية تفرق العباد ولا توحد العباد وتشيع ثقافة دفع الإنسان لجلد ذاته وتحقير نفسه وتجعل منه شخصية مستنفرة تتحفز للانتقام والتخريب والتدمير وليس للتعمير والبناء وتستخدم العنف والتصادم بدلا من الحوار والتعاطي الفكري وتقبل الرأي واحترام الرأي الآخر ، وهذا هو أساس الثقافة الديمقراطية نقيضة الثقافة الديكتاتورية مروجة العنف والعنصرية .

كنا نأمل ونحلم بان تكون وزارة ثقافة العراق الجديد بعد التغيير وزارة متفتحة تمثل واحة أو جزيرة للحرية تسكنها النخب الثقافية التي تمثل عناصر الثقافة العراقية بكل أطيافها وإشكالها يقودها وزير لديه خطة واضحة المعالم للترويج لثقافة البلد الواحد المتطلع للمستقبل تساعده في ذلك ( رئاسة أركان ثقافية ) أي وكلاء ومدراء تم اختيارهم على أساس الاحتراف الثقافي ومستوى الإنتاج الإبداعي وليس على أساس الولاء والمحاصصة لان ذلك معناه إننا قمنا بارتكاب جريمة اغتيال جسد الثقافة وتشويهه بصورة معلنة لإرضاء الطموحات والولاءات الحزبية .

ولو تأملنا مشهد الوزارة الحالي وهيكلها الإداري لاكتشفنا حقا أنها تمثل الفوضى الخلاقة المتعددة المحاور حزبيا وطائفيا ولا تمثل تعدد وتنوع الثقافة العراقية الأصيلة فلكل من هذه المحاور يدق على ليلاه وليلى في العراق مريضة .

لقد حارب البعض من المتنفذين في وزارة الثقافة الوزير دلي حيث عطلوا مهامه ورؤاه ووضعوا الصعاب إمام العديد من الخطط الذي أراد من خلالها النهوض بواقع الوزارة إلى المستوى الطموح ولكن الأحزاب لا تريد ثقافة للعراق بل تريد وزارة لتوظيف الرفاق ولعل اخطر ما في الأمر إن النخب الثقافية ومنظماتها المتعددة وشخصياتها اللامعة مازالت تقف منقسمة إمام هذا المشهد ولا تنجح أو تنتفض على هذه الأوضاع وتطالب صناع القرار بان يتعاملون مع وزارة الثقافة كونها وزارة سيادية راقية لا يتدخل في قراراتها المتخلفين والمتخاصمين بل يكون وكلائها ومدرائها بيد المثقفين الحقيقيين لإدارة شؤونها والرقي بها لتكون وسيلة لتثقيف الشعب وإعادة الوعي للوزارات والوزراء والنواب لكي يذعنوا للأبعاد الثقافية والحضارية .

إن هذه المهمة لا تتحقق إلا بوزارة ثقافة مستقلة عن الميول والاتجاهات وترفض كل الذين يتسلحون في الاستمالات والأجندات الطائفية وينهلون من السيئ الماضي ولا يتطلعون إلى المستقبل ، أو الذين يتصيدون بالماء العكر لإعاقة عمل الوزير في خطته للمشروع الثقافي الطموح ، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه لان مخططات الأحزاب تجري بما لا يشتهي وزير الثقافة دلي .

وفي الختام نتساءل هل هناك نخبة مثقفة تقدس الإبداع وتضحي في سبيل الثقافة وتتطوع لإحباط نظرية المؤامرة التي تحاك ضد الوزارة والوزير .

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة