الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على مساحة جغرافية واحدة

قيس مجيد المولى

2010 / 9 / 2
الادب والفن



وجدت أن لدي من الوقت مايكفي حين تأملت بنصف عين بورد الرحلات القادمة وطبعا كان تركيزي على الطائرة القادمة من (بغداد- البحرين ) التابعة لطيران الخليج وكان توقع هبوطها الساعة الثانية والثلث من صباح يوم الثلاثاء
31 /1 /2010 ،في هذه اللحظة أي لحظتي التي كان العقل أولا يتفحص من حوله ولحظة عاطفتي التي تجمع الشتات من هنا وهناك كانت صالة المطار تخلو من المستقبلين سواي وبعضا من الأفراد وجدت أن إفطاري لابد أن يدعم بقدح قهوة فأتجهت إلى ستار بوكس وطلبتها في قدح من ورق ،تناولت القدح وبدأت برشفه أنهت الرشفة الأولى نصفه عندها تغيرت أفكاري ووجدت أن أسترخي جوار أحد الطاولات في الستار بوكس حين شاهدت (بول فاليري ) ملقى على الطاولة مع أعقاب سكائر وبقايا من قدح قهوة ،
أعتبرت ذلك توافقا والجليس الذي يبدو لي قدغادر
توا الكازينو كون بقايا سكارته لازالت يتصاعد منها الدخان ومع نفسي قلت شيئا رائعا أن يحضي المرء بالمصادفة على متطلبات اللحظة ورحت أتفحص الأوراق السمر (مات مالارميه في سنة1898 وبدأ كان الحركة التي كان رائدها وكاهنها قد ماتت معه رغم أن الشعر الفرنسي قد أخرج بعده (جان موريا،فرانسيس جام ،هنري دورينير،بول كلوديل )ولكن هولاء لم يكونوا من أتباع مالارميه أو على تماس مما كان مالارميه يكتب ، ولكن بذور مالارميه كأنها غرست في أحد تلاميذه المعجبين به فنمت هذه البذور وأزدهرت في جسد (بول فاليري ) ..
كتب فاليري في بداياته ألهة القدر وأراد بذلك أن يضع أمام القراء والنقاد مشروعه القرائي في الدراسات العلمية والرياضية والفنية والأساطير فكتب الهة القدر الشابهة والتي سرعان ما قورنت مع هيرودياد مالارميه لكنه إستخلص مما طرح أن أعجابه بأستاذه لم يمنع بتفعيل خصوصيته لقد أفرزت له قوة في الموهبة وعمقا معرفيا وذوقا رفيعا :
من يبكي هناك ..
غير الريح البسيطة
في هذه الساعة الوحيدة
ذات الجواهر القصية
لكن من يبكي
قريبا كل القرب مني
في لحظة البكاء ،

عدت لطلب قهوة أخرى رشفتها دفعت واحدة وأغلقت فاليري وتمشيت نحو البورد ، هذه المرة سُجلت الطائرة التي أنتظرها في وضع اللاندد وعند ذلك تيقنت أنها في وضع الهبوط لأطالع مابقي من الطائرات ومن أي من المدن (من شنجهاي-استنبول-السعودية-هونغ كونغ- وأسماء لمدن أخرى ) شعرت أن المرء بحاجة للإندماج مع كل شئ شعرت أن المرء بحاجة للتغيير ,ان لايقف الماضي البليد عقبة أمام الأنفتاح والسمو الإنساني مادام البشر من أصقاع الأرض يحطون على مساحة جغرافية واحدة وتنسجم خطاها وأيديهم ورموز لغاتهم ونتحرر من عبودية المكان. هبط القادمون من شنغاهاي وعند ممر المستقبلين هتفت لأحدهم:
(جن مانك هي ) ...
أعلم أنها ليست لغة صينية وليس لها معنى
لكنه رد بأحس منها بأبتسامه وأنحناء في الرأس ،
قطعا إنه رد لي على النوايا وأعتقِد أنها كانت طيبة في دواخلي
جعلني أن أضعه جوار ماوضعت من لحظات خاصة كانت لي في باخرة وقطار وغابات وصحارى وأجواء جافة وماطرة ووجوه كثيره لاشأن لي إن طلاها الرب بالأبيض أو الأسود ،
عدت لفاليري :
أنصت للأنهار
وأطلي النحاس بالأبيض
وأنا أطبع قبلة عميقة على خد من كنت أنتظره ، كانت يدي تؤشر بالسلامة لرجل أخر لاأعرفه وكان يرد علي التحية بأحسن منها ،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس


.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن




.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات


.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته




.. كلمة أخيرة - قصة نجاح سيدة مصرية.. شيرين قدرت تخطي صعوبات ال