الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليتها عيرت بما هو عارُ

قاسم السيد

2010 / 9 / 3
كتابات ساخرة


يحكى في حكاية من حكايا السلف أن رجلا قصد أحد المقاهي ليجلس فيها كعادة رجال ذلك الزمان الغابر إذ كان من المعيب على الرجل بقاؤه في البيت مع النساء وإن كن بناته أو أخواته وبالطبع من ضمنهن زوجته وكان صاحبنا يعتمر كوفية بيضاء اللون صادف أن إتسخت بشيء من التراب فصادف أن جلس قبالته جليس أخر فما كان من هذا الأخير إلا أن نبهه إلى إتساخ كوفيته بقوله نظف كوفيتك يا أخي فما كان من صاحب الكوفية إلا أن ينتفض واقفا ثم يغادر المقهى بعصبية واضحة ثم عاد بعد برهة وهو شديد التوتر ليعود إلى ذات مجلسه قبالة صاحبه الذي نبهه فلما نظر اليه عاود تنبيهه مرة أخرى الى إتساخ كوفيته وكرر عليه ذات القول أن نظف كوفيتك فما كان منه إلا أن يكرر ذات انتفاضته ويغادر المقهى بنفس العصبية وليعود بعد برهة أشد توترا من الأولى ووجد صاحبه بإنتظاره وحينما لم يجده لم يفعل شيئا لتنظيف التراب الذي علق بالكوفية عاود تنبهه له بأن ينظف كوفيته وكرر صاحبنا نفس تصرفه في المرتين السابقتين ولما عاد وقف قبالة صاحبه وهو يصرخ بعصبية لاتقل لي بعد الأن أن نظف كوفيتك فلقد نظفتها تماما فعجب من قوله فقال يا أخي كيف والوسخ لايزال عليها فعلى صوته أعلى قائلا ماذا أذبح بعد لكي تصدق بأني نظفتها فلقد ذبحت النساء الثلاث اللواتي عندي في البيت ففغر الرجل فاه متعجبا من جليسه كيف فسر تنبهه للوسخ الذي على الكوفيه على أنه لمز لشرفه وأن ثلمة قد لحقت به ومد يده ساحبا الكوفيه ليرية التراب الذي يعلوها قائلا له هذا الذي أردتك أن تنظفه لاأن تذبح نسائك لتنظيفه .
هذه الحكاية ربما كانت غارت في دهاليز ذاكرتي ولم ينعش هذه الذاكرة لتذكرها لولا المقال الذي تناقلته وسائل الانباء والذي نشرته صحيفة كيهان الإيرانية ذات النفوذ والقريبة من دوائر صنع القرار في إيران والذي هاجمت فيه كارلا ساركوزي زوجة الرئيس الفرنسي ووصفتها بالمومس الإيطالية التي تستحق الموت لدعمها الإيرانية سكينه محمدي اشتياني المحكوم عليهابالاعدام رجما لممارستها الزنى والأشتراك في قتل زوجها حيث مضت الصحيفة في معرض مقالها { ان استياء هذه المومس الإيطالية من المقال الذي نشرته صحيفتنا مؤخرا بينما هي تقيم علاقات غير شرعية مع أشخاص مختلفين قبل وبعد زواجها من الرئيس الفرنسي } وأضافت نفس الصحيفة الإيرانية { ان مراجعة تاريخ هذه المرأة الفاسقة ومساندتها لإمرأة محكوم عليها بالموت في قضية زنى مما يجعلها تستحق المصير ذاته } .
وإذا كان الصحيفة قد أصابت هدفها في مقالها الأول ونجحت في إزعاج سيدة فرنسا الأولى عندما اتهمتها بأنها وراء تدمير اسرة ساركوزي الذي كان يعيش مستقرا مع زوجته سيسيليا حينما نجحت في غواية الرئيس ودفعه للتخلص من زوجته الأولي والأقتران بها فأن الأتهامات التي وجهتها الى كارلا ساركوزي في مقالها الثاني ليست بذات قيمة قياسا لقيم الأخلاق والثقافة والشرف التي تنتمي اليها كارلا وعموم المجتمع الفرنسي والمجتمع الأوربي بدرجة أو أخرى والذي حسبته كيهان بأنه منتهى التحقير لزوجة الرئيس فهو في الواقع مصدر فخر لها فمجتمعها يقلق أشد القلق لو بلغت الفتاة الثمانية عشر عاما وهي محتفظة بعذريتها فهذا يعني أن مثل هذه الفتاة لاتحظى بالمقبولية الأجتماعية لدى أصدقائها وزملائها الشباب فمن الأمور الطبيعية أن تحظى الفتاة بعشرات العلاقات مع شبان مختلفين قبل أي علاقة مستقرة مع شخص ما بأي صيغة تكون سواء كانت علاقة زواج أو غيرها ولربما تمارس بعض العلاقات خارج هذه العلاقة ويتم التسامح فيها مادامت هذه العلاقات الجانبيه لاتهدد العلاقة الدائمة هذا هو المنظار الذي ينظر فيه المجتمع الغربي عموما لعلاقات الرجل بالمرأة .
وهناك عشرات العلاقات التي أقامها نجوم المجتمع الغربي وهم في قمة السلطة في الغرب خارج إطار العلاقة الأسرية وما قصة ديانا عنا ببعيدة فهذه الأميرة أقامت علاقات عديدة مع رجال مختلفين وهي زوجة للأمير شارلز ولي العهد البريطاني وبعد انفصالها عنه وكان أخرهم المصري محمد الفايد الذي قضت نحبها معه في حادث سير في باريس لكن ذلك لم يثلم سمعتها في المجتمع البريطاني خصوصا والغرب عموما فكانت شعبيتها طاغية حيث بكتها الملايين عندما ماتت وكذلك رئيس وزراء ايرلندا الشماليه بيتر روبنسون حيث أعلن إنه يغفر لزوجته خيانتها له وإنه سيجمد نشاطه السياسي ليتفرغ لرعايتها لحين شفائها كما أن علاقة مونيكا لوينسكي مع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون لم تنسها بعد الذاكرة فبالرغم من أن خصوم الرئيس استغلوا هذه الحادثة ضده لكنها لم تجبره على التنحي من كرسي الرئاسة لأن المجتمع لم ينظر لفعلته على أنها رذيلة لأن مثل هكذا علاقات أمر عادي في المجتمع الأمريكي بينما قضية ووترغيت أيام الرئيس نيكسن والتي أتهم فيها الحزب الجمهوري بالتجسس على الديمقراطيين أطاحت به من كرسي الرئاسة رغم أن فوزه في الدورة الثانية كان كاسحا لإن مثل هذه الفعلة تعتبر منتهى الخسة ضمن ملاك الأخلاقيات والثقافة الغربية ولو بقينا نسرد الأمثلة فإنها لاتنتهي .
عجبي الشديد من سذاجة الأعلام الأيراني من أنه لايعرف التعامل مع خصومة فهو بإمكانه أن يكون خصما وندا عنيدا لو عرف كيف يعبأ خطابه الأعلامي ويستطيع أن يمس الأمور ذات الحساسية في الأخلاقية الأوربية لاأن يتخذ المقاييس الأخلاقية الشرقية لمحاسبة خصومه هناك وبالتالي فهو لايستطيع أن يدين أحدا في الغرب اذا بقي يستعمل مقاييسه هذه اللهم الا اذا كانت الساحة الأيرانية هي الأخرى هدفا لخطاب هذا الأعلام وكان بإستطاعته من خلال إثارة عشرات المواضيع التي تشكل عبئا على الثقافة والأخلاق الغربية في مجالات السياسة والأجتماع من إصابة هدفه وأن يعيرهم بما يعتبرونه هُم عارا لاان يعيرهم بما تعتبره صحيفة كيهان عارا فليت كيهان عيرت بما هو عارُ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الخيانة الزوجيه مرفوضه في الغرب
اقبال حسين ( 2010 / 9 / 3 - 20:11 )
حديثك هذا غير صحيح،انا اعيش في الغرب،المجتمعات هنا لاترفض العلاقات الجنسيه قبل الزواج رغم وجود القليل من المحافظين الذين يرفضونها ايضا. لكن لاتتقبل ابدا الخيانة الزوجيه ،فهذا مرفوض تماما،ولكن ربما المجتمعات الشرقيه تتساهل مع الرجل وتدين فقط المرأة وهنا يدينون المرأة والرجل علي حد سواء


2 - الأستاذ قاسم السيد ..مع تحياتي
موسى فرج ( 2010 / 9 / 3 - 20:40 )
بين مقالتك ومقالتي خمس مقالات لكننا استشهدنا بذلك الرعقي ولكن لمرميين مختلفين ..ما رأيك أن نعير الآخرين بماهو متفق على أنه عار في كافة الثقافات المتمدنة ..ونحن كأشخاص على الأقل محسوبين عليها ..مع تقديري

اخر الافلام

.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد


.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا




.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس


.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام




.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد