الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مزايدة رخيصة ؟

فاطمه قاسم

2010 / 9 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


من المؤسف فعلا، عندما تتصفح الكثير من الصحف الناطقة باسم الدول العربية، أو الصادرة فيها تحت عنوان الحرية الصحفية، أو نتابع البرامج الإخبارية والسياسية والحوارية للعديد من القنوات العربية، في إيجادنا المعطيات التالية.
أولا : بعض هذه الوسائل يكتنفها جهل مخجل بالنسبة للقضية الفلسطينية ، وهو على كل حال جهل منتشر في المنطقة بكل ما يتعلق بالقضايا العربية الرئيسية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ، حيث أن هذا الجهل لا يفرق بين هذه القضية من القضايا الأخرى التي اشتهرت في القرن الماضي ، مثل قضية فيتنام أو قضية الجزائر أو قضايا الاحتلال الأخرى في جنوب الجزيرة العربية أو أفريقيا واسيا ، ولذلك يأتي تناول القضية وتداعياتها والعوامل المؤثرة فيها بشكل ساذج ، وسطحي .
ثانيا :بعض هذه الوسائل الإعلامية من صحف وفضائيات وإذاعات ،تكيل بمكيالين وهذا هو الأخطر ، حيث يطلبون في الحالة الفلسطينية معايير أكثر من مثالية ، بينما عندما يتعلق الموضوع بقضاياهم ، أو في سلوكهم السياسي ، فإنهم يبررون كل شيء ، حتى لو كان الانحدار إلى الحضيض ، بل هم يستأجرون اصواتا يطلقون عليهم اسم مفكرين مرة وخبراء ومحللين سياسيين مرة ومعرضين وممانعين .............الخ برغم أن تاريخ هؤلاء غير مشرف فمنهم من كانوا خدما بالمطلق لمن يهاجمونهم اليوم ، أو هم من النوع الذي عبر كل المراحل ولم يكونوا سوى أبواق للدعاية السوداء لكل من دفع أكثر ، فبعضهم كان قوميا متطرفا في زمن الاستئجار القومي ، ثم أصبح شيوعيا منحازا لا غبار عليه ، وبعضهم انتقل من الماركسية بنموذجها اللينيني إلى الماركسية بنموذجها الماوي ، ثم انتقلوا جميعا إلى المركب الإسلامي ، وحتى في هذا المركب فإنهم يتقافزون كالجرذان ، فبعضهم كان مع الجهاد الأفغاني بقيادة أمريكا ثم أصبح الجهاد الأفغاني الحالي وهكذا دواليك .
الآن في هذه المرحلة التي عنوانها القضية الفلسطينية ، يحتشد عدد من هؤلاء في صحف وفضائيات تهاجم الشرعية الوطنية الفلسطينية ، وتهاجم ذهاب القيادة الفلسطينية إلى المفاوضات ، وتدعوا الفلسطينيين وحدهم للدفاع عن فلسطين في مواجهة الانحدار العربي والإسلامي ، بينما هؤلاء أنفسهم يشكلون جزءا رئيسيا من المشهد السياسي والايدولوجي والثقافي في البلاد التي تستأجرهم في وسائلها الإعلامية ، وهم لا يستطيعون فتح فمهم بكلمة واحدة ضد هذه الدول ذات العلاقة مع أمريكا التي تكاد تحتل قرارهم بالمطلق ، أو العلاقة مع إسرائيل دبلوماسيا ، أو تجاريا أو امنيا ، فحين إذ تخرس هذه الصحف وتلك الفضائيات ، وأولئك المستأجرين عن الإتيان بأي حركة ، أو إطلاق أي نقد ، أو ذكر أي إساءة ، بل إن تلك العلاقات المصلحجية والهابطة ، تتحول فجأة إلى نوع من الحكمة والذكاء والعبقرية ، بينما عندما يحاول الفلسطينيون أصحاب القضية وأهلها ، الذين تقع عليهم المعاناة والألم ، عندما يحاولون بعد اليأس من الآخرين أن يحققوا هدفهم الكبير بكل المقاييس والمعايير الوطنية والقومية ، السياسية والدينية والأخلاقية ، فان هؤلاء تقوم عندهم الدنيا ولا تقعد ، عنها نسمع الصراخ من كل فج وصوب ، وترى أولئك المستأجرين تنتفخ أوداجهم ، ويخرج منها كيل لا يتوقف من الاتهامات والشتائم القذرة ، والافتراءات الكاذبة والمزايدات الرخيصة .
ونحن نعرف سلفا أن هذه الفضائيات لن تستجيب للمنطق من خلال النقاش والحوار الموضوعي، فهي إما جاهلة وسعيدة بأنها كذلك، أو مستأجرة للنفاق والمزايدة، وان من يستأجرون لا يملكون إرادة الاحتكام للمنطق وإلا لما باعوا أنفسهم أصلا.
والمهم هو ما نريده من أنفسنا كفلسطينيين ، وهو أن ننتبه إلى هذه الجوقات المستأجرة فلا نخدع مرة أخرى لنخلق المزيد من التشقق والانقسام ، وان نعي ما وراء ما يقولون فلا نسقط في فخ ما رتبه العدو عبر ما يقولون ، وعلينا أن نعرف ونكشف عجز من سيعترفون أننا في الخندق الأول من المواجهة ، فمن حقنا أن نختلف ولكن دون أن نحول خلافنا إلى ساحة مبارزة لمن يحقق الحصة الأكبر من حلمنا .
علينا كفلسطينيين أن نفكر في فضاء قضيتنا ، فهذا من حقنا ، من حقنا البحث عن كل جديد يدلنا على طريق تل بنا إلى كينونة فلسطينية ، دون أن نهتم إلى جوقات المزايدين ، لأننا حين نصل فان هؤلاء سيغيرون مواقفهم وأصواتهم وجوادهم ، وكلكم سمعتم ذلك الصحفي كم كان يتشدق دفاعا عن صدام ، ها هو من اكبر المتشدقين لصالح الولي الفقيه ، وكلكم يعرف ذلك المفكر الماركسي الذي أصبح إسلاميا جهاديا بامتياز ، وذلك القومي المنحاز فأصبح شعوبيا منحازا سبحان الله الذي يغير ولا يتغير .
يا أيها الفلسطينيون أرجوكم أن تتذكروا ماذا فعلت هذه الجوقات بكم مرة هنا ومرة هناك:
فهم لا قضية لهم وإنما قضيتهم، ووطنهم هو: من يدفع، ومن يدفع أكثر ومن يبيع النفاق والمزايدة ويدفع بها سعرا اكبر،
ولم لانذهب للمفاوضات ما دمنا نحمل أمانة قضيتنا ، ولمن نترك مقعدنا في التفاوض ؟ هل نتركه لمن ينظرون إلى القضية الفلسطينية كلها والى الوطن كله على انه مجرد ورقة تصلح للاختراق والمزايدة لصالح هذا وذاك،
فيا أهل مكة انتبهوا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رسوخ الموقف الوطني
خالد عبد القادر احمد ( 2010 / 9 / 4 - 20:34 )
السيدة فاطمة قاسم
تحية وبعد
مما يثلج الصدر ان ارى في مقالك هذا دعوة الى ان يترك لاهل البيت الفلسطيني معالجة قضاياه وشأنه, غير ان ذلك يحتاج من الفلسطيني ان يمتلك رؤيا تحرر واضحة قادرة على ارشاده السليم وهي مسالة تتعلق بادراك ووعي تاريخ ومسار تطور المجتمع الفلسطيني ( الخاص ) حيث لا نجد حتى الان حضورا لمثل هذه الدلالة الثقافية القادرة على تحديد الوطنية بعيدا عن عاطفة الحب ومحاولة ابداع المبادرة الفردية, اي لا وجود لبرنامجية علمية لاستراتيجية سياسية يخدمها مناورة سليمة, لذلك يسقط النهج القيادي في الاخطاء وتسقط معه النصيحة الشعبية ايضا, في الاخطاء,
ان هذا الارتباك هو الذي يفسح في المجال لكل من هب ودب ن يدلي بدلوه الامر الذي يجد له فورا صدى واستجابة فلسطينية وليس ادل على ذلك من هذا الاختراق الفصائلي العربي والاقليمي للحركة السياسية الفلسطينية, فكيف بالشعب الذي ينظر الى عمقه العرقي وعمقه الديني وينسى خصوصيته القومية
ان قراءة مسار التطور الحضاري الفلسطيني هو الكفيل بتصويب رؤيتنا الوطنية وتحديد مهامها القومية وكيفية توظيف الديموقراطية الفلسطينية لانجازها

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -