الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفردات الجريمة .. مفردات اإبداع

فراس عبد المجيد

2010 / 9 / 6
الادب والفن






حين تعم الفوضى مجتمعاً من المجتمعات، وتختلط فيه القيم السياسية والثقافية والاجتماعية

بعضها ببعض، وتمتد هذه الفوضى الى أكثر من نصف قرن.. تتفرغ الكلمات من معانيها وتصبح " كليشات " جاهزة لا تحمل أي مضامين، حتى أنها غالباً ما تناقض ما رسم لها من معانٍ ودلالات. فالهزيمة ظلت تسمى نصراً، والتراجع والانسحاب هجوماً، والجريمة بطولة، والسرقة حسماً أو " حواسم " .. وصار القتل شهادة والانتحار شهادة والموت حياةً واللائحة تطول وتطول.

فكم يلزمنا من الوقت لإنجاز معجم جديد يضع معاني جديدة لمعانٍ وكلمات ليست جديدة بالضرورة في اشتاقاقها وجذورها، ولكنها جديدة في مراميها ودلالاتها؟ وكم يلزمنا من الجهد والمعاناة لقراءة الواقع السياسي والثقافي والاجتماعي ، بكل مفرداته، وبكل تشابكاته واختلاطاته، لنتمكن من فك " شفرة " تلك التشابكات، وإعادة الأمور الى ما كان لها من نصاب، إن كان ثمة نصاب يبقى محافظاً على وضعه طيلة عقود ؟

قد تبدو مثل هذه التساؤلات في غير أوانها، بعد أن تكرست " لغة " جديدة وضعت لها أسساَ وقواعد ومفردات ومعجماً يستعصي على المحو والإلغاء. فاللغة منذ أبي حيان التوحيدي وابن خلدون، الى رولان بارت ودريدا .. كائن حي ويتطور ضمن شروط موضوعية لا علاقة لها بالتمنيات الشخصية والرغبات الذاتية، وإلا لتكاثرت اللغات وتناسلت بشكل مخيف، بقدر ما تحمله الذات البشرية من رغبات وأهواء وتقلبات.

إلا أن السؤال يبقى مطروحاً، ولكن بصيغة أخرى:

كيف، إذن، يمكننا أن نعيد الى لغتنا " الجميلة " صفاء نطقها وعمق دلالتها ودقة معانيها في واقع مأزوم في كل شيء، في حياته اليومية، وفي عمله، وفي ثقافته، وفي وضعه كإنسان له حقوق وعليه واجبات؟

قد تبدو الإجابة مستحيلة على مثل هذا السؤال، ما لم تنشأ في مجتمعنا علاقات جديدة تقوم على أنقاض علاقات قديمة قامت، وكادت أن تترسخ في واقع بني على الخوف والانتقام وانعدام الثقة، ما لم تنشأ علاقات تبنى على ثقافة التسامح والقبول بالآخر والحوار الحضاري الذي يشكل الحاضنة الطبيعية والنموذجية للغة جديدة تتحرر مما علق بها من مفردات الجريمة والعنف والتلفيق، وتفتح الآفاق رحبة أمام مفردات الإبداع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا