الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الميدان شمعة فينيقية

عفيف إسماعيل

2004 / 9 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الميدان السرية:

مولدة الخفاء والأزقة الليلية والمخاطر لكي تضي ظلمات الوطن الموبوء بالدكتاتوريات المتعاقبة، التي من أول مراسيمها اللادستورية حظر الصحافة الحرة.ظلت الميدان تواظب علي إشراقها البهي في كافة الانظمة الإستبدادية المتسلطة، وتنحاز إلي بسطاء الناس في كافة قضاياهم العادلة في الحق في الحياة وتقاسمهم أحلام الخبز والحرية، تدعو إلي الصمود وتبشر بالأمل، وصدور أي عدد منها يعني: بصيص في العتمة.. الحلم الممكن.. الغد الآتي.. الدعوة المستمرة لمناهضة سلطات العسف والتسلط.. والقهر.. وهتاف لا يخفت من أجل فجر ديمقراطي لصباحات المليون ميل مربع المسبية في اغلب الأحيان بطاغوت البزة العسكرية، او بتلك اللحي الشيطانية التي لا تحتمل حتي صورتها في المرآة وتعبد إله الدمار والحرب والخراب العام والإقصاء المصحوب بكل تواريخ الاذي وخبرات الإرث البشري المظلم الذي تخجل منه حتي تلك الحروف التي تدونها ذاكرة الشعوب.
تعرفت علي " الميدان" لسان الحزب الشيوعي السوداني في أواخر السبعينات من القرن الماضي وهي تناهض سلطة الدكتاتورجعفر نميري 69-1985م الذي ظلت أجهزة أمنه الفاشية تعمل بكل جهدها وتدعمها خبرات ومخابرات أجنبية لكي تتعرف أين وكيف تطبع وتوزع هذه الجريدة التي تسبب لهم أرقاً مزمناً؟! والتي يعني صدورها ان تظل جذوة المقاومة ملتهبة، وهم يريدون لها أن تخمد في رماد إلي أبد الأبدين. وظلت تتصدر قائمة بحثهم بين المحظورات إثناء مداهمات ما بعد منتصف الليل لكل منازل شرفاء بلادي. منذ ذاك الوقت صار الصديقة الحميمة التي استمد منها طاقات البقاء والحلم بالأفضل دائماً في كأفة الأزمان المأزومة.
قبل الثورة الإكترونية والماكينات الناسخة والكمبيوتر كانت تأتي طازجة شهية كخبز الفقراء، تكاد تشم رائحة عرق الأصابع علي ماكينات" الرونيو" أو تتحسس بين صفحاتها لهاث أنفاس القائمين علي امرها خلف ا"الدرداقه" البدائية وحين تتصفحها بحروفها المطموسة أحياناً وبعض الأخطاء الإملائية يتفجر لديك إستعداد خرافي لكي تصير من طاقم توزيعها الطوعي المحفوف بالمخاطر، عندما أحملها علي صدري أصير طليقاً برغم الحصارات كأن لي ألف جناح وتنجب المخيلة سحرها في الإخفاء.
في ظل دكتاتورية الجبهة القومية الاسلاموية الخانقة لأنفاس الشعب السوداني منذ 30يونيو 1989م وصاحبة المشروع الحضاري في فن النهب والحروب العرقية والدينية التي تسير بالوطن معصوب العينين إلي ما بعد الدمار الشامل، ظلت "الميدان" نبضاً لا يخفت يعاند ألف موات ويضخ العافية في كل القوي الوطنية القابضة علي جمر التوق للحرية.
الميدان العلنية:
بعد ان قذف الشعب السوداني بالدكتاتور/المشير/ الامام/ جعفر نميري وحثالته إلي مزبلة التاريخ في6 ابريل 1985م ظل كل أصدقاء الميدان يترقبون بشغف إشراقها العلني، وتحقق الوعد بصدورها الأنيق في حجم" التابوليت" وهي تحمل هموم ترسيخ الديمقراطية والدفاع عنها والحفاظ عليها،وتدق النواقيس المبكرة ضد الانتكاسات، وصوتاً للمغلوبين والمهمشين، وتمتد يدها للتضامن مع كافة الشعوب الأخري في نضالتها في قضاياهم العادلة. ونقرأ بشهية الأصباح الديمقراطية "كلمة الميدان" مرشد عملنا اليومي ، ونترقب نهايات الأسبوع حيث تطل "الميدان الثقافي" كاملة البهاء والازهار.
في مدينتي الصغيرة بوسط السودان" الحصاحيصا" ظلت تلاحقها ملامح الخفاء، توجد عدة مكتبات لتوزيع الصحف،إحدها إمتلكها احد كوادر الجبهة القومية الإسلاموية بعد الانتفاضة مباشرة، وكانت "الميدان" تتعرض علي يدية لوادٍ ممنهج فهي تعود في صبيحة اليوم التالي كاملة العدد إلي دار التوزيع!!
أما المكتبة الثانية، التي هي "وقف" للجامع الكبير بالمدينة، ويعمل علي إدارتها أبن أمام الجامع الذي ظل يخفيها في الدرج الاسفل إلي ان يستبين بعد كل صلاة جمعة الفتوي التي تحرم ريعها في اغلب الاحيان وتحلله أحياناً اخري وسط جدل بيزنطي لا يهدأ، وظل صاحبنا هذا حائراً بين مزاج الفتوي حتي غربت شموس الديمقراطية في الجب الذي حفره أخوة يوسف الكذبة.
الميدان الإكترونية:
علي الشبكة العنكبوتية لأول مرة تتنفس ملء الفضاء والشهيق المعافي برغم الفخاخ الإكترونية وتربص قراصنة الإنترنيت. ونحن الذين سرقتنا المنافي إلي أقاصي الدنيا نترقب صدورها المميز، وأخبارها الراصدة لأهوال الوطن وجرحه المفتوح علي النواح والفجيعة، عندما نتدحرج بين صفحاتها نحس بالشموخ ونجدد إنتماءنا الطوعي بين كل حرف من حروفها إلي تلك الغرسة الخضراء بارض بلادي التي تثمر نجوماً حمراء، ونزهو بهذا التواصل المجيد إلي أن يفجعنا مستطيل اسود صغير "وداعاً المناضل ............."
نعم!
إنه هو!
إنه هو!
تتداعي الذاكرة
هو نفسة الذي ينعي الحزب جسارتة، ذاك المتجرد، المتفرغ الحزبي الذي لا يعرفه احد!!والذي أكتشفت صدفةً أسمه الحقيقي علي كراسة أبنه عندما طلب مني ذات سهو نادر ان أراجع معه واجبه المدرسي ريثما يعد لي حمولتي من " الميدان".
في عيدها الخمسين:
التحية لكل الزملاء الذين كانو ومازالوا يهدهدوا هذه النبتة الطيبة بنبضهم الدافيء إلي ان صارت شمعة فنيقية تتجدد.
" عاش نضال الشعب السوداني"
" عاش نضال الحزب الشيوعي السوداني"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة