الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنهج العلمي الاسلامي في التحديث

حسين علي الحمداني

2010 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


يمكن أن نتردد لحظة واحدة في إدراك إن البحث العلمي الحر بمناهجه ومكوناته المتعددة والمتنوعة،هو السبيل الوحيد للوصول إلى الحقيقة , والبحث هذا يتحقق حيث نتحرر من الانطواء على الذات والانغلاقوالانفتاح على الغير بحوار عقلاني منفتح، لان الحقيقة لا يملكها الفرد المنعزل ولا الحضارة المنطوية على ذاتها. ويبدو أن النظريات والأفكار والعلوم والحضارات لم تنشأ ولم تزدهر إلا بالانفتاح والحوار والاستفادة من الغير، ولعل علم الأصول وتطوره في الفكر الإسلامي في عصوره الأولى نموذجا لهذا الانفتاح والحوار والاستفادة.

والإسلام ذاته في قرونه الأولى كان يبحث عن الحداثة ويواصل معها فكانت هنالك سلسلة مترابطة من الأحداث الفكرية التي جعلت من الإسلام دين أمم كثيرة وشعوب ما كانت لتدخل الإسلام آنذاك لولا مجموعة من القيم والممارسات التي جعلت من هذا الدين مرغوبا لدى هذه الشعوب والأمم .

فأنشئت مدارس فكرية وعلمية عديدة في أمصار العالم الإسلامي وانبثقت مع مرور الزمن أفكار ورؤى كانت غايتها بالتأكيد أن يواكب الدين الإسلامي العصر ولا يتناقض معه بحكم إن الإسلام كدين لم يكتمل في يوم واحد بل احتاج إلى عقدين ونيف من السنوات لتكتمل الرسالة ، وهذه فترة زمنية استطاع فيها الإسلام من أن يترسخ عبر التدرج حينا وبناء القناعات حينا آخر .

وهذا يجعلنا نستنتج بأن الدين الإسلامي واكب تطورات كثيرة في الـ23 سنة التي اكتمل فيها القرآن الكريم وانتقل فيها من مكة القرية إلى يثرب المدينة بل وتعداها إلى الحبشة وما حول المدينة المنورة .

فكانت الدولة الإسلامية في عهد الرسول (ص) ومن بعده قائمة على الانفتاح والتسامح من جهة ومن جهة ثانية انفتحت بشكل كبير على الأمم والأديان الأخرى فكان هنالك ما يشبه بالحوار الحضاري بين العرب المسلمين وغيرهم حتى وصل الإسلام إلى إسبانيا عابرا المتوسط حاملا لواء القيم التي مهدت له البقاء أطول فترة .

إذن الدين الإسلامي هو دين تجديد وإلا لاكتفى بأن ينتشر في الجزيرة العربية فقط , وعندما نقول دين متجدد لأنه رسالة ليس للعرب وحدهم بل للعالم بأجمعه , هو دين كل زمان ومكان ولا يمكن أن ينغلق على ما أنجز في عصر من العصور لأن ذلك سيحول هذا الدين إلى تراث جامد غير قابل للتطويــر والتجـديد وسيأخذ القالـب الــذي توقـف عند الآخرين .

في زمننا المعاصر هذا وجدنا الكثير من مفكرينا يطرحون بشكل متأخر فكر تحديث وتجديد الفكر الديني فالأمر يتعلق هنا بتحديد دور ومكانة الإسلام في صوغ المستقبل الأخلاقي والفكري، وبالنتيجة التنظيم السياسي والاجتماعي، للمجتمعات المسلمة.

لكننا هنا نجد بأن طرح هذه الأفكار بعد قرون طويلة من الصمت , هذه القرون شهدت جمودا فكريا واكتفاء بما أنجز وسط تطور هائل شهدته الأمم الأخرى وسبب ذلك بأن الفكر الديني ابتعد عن المنهج العلمي الدقيق في تناول القضايا المعاصرة واكتفى أغلب مفكرينا بالنظر للدين كتاريخ فحسب شأنه في ذلك شأن الكثير من الحوادث التاريخية .

لذا فقد تاه الفكر الديني في متاهات خطيرة انعكست على حياة أتباعه الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.وخطر هذا الاضطراب وعدم نقد المفاهيم يتعدى ذلك إلى العلاقات البينية والعلاقات الكونية ما يعني عدم تحقيق الاستخلاف واستعمار الارض والمشاركة في الحضارة، بل يعني إعاقة عجلة الحضارة القائمة والمتحركة.

لذا نحن أمام مجموعة كبيرة من المفاهيم والمصطلحات بغية مراجعتها وإعادة تركيبها وفرزها وفق آليات المنهج العلمي وليس الكلاسيكي الذي اعتدناه في السابق .

ومن الطبيعي جدا أن لا نستخدم ذات الآليــات النمطيــة في عملية تحديث وتجــديـد الفكر الدينــي ، لأن هــذه الآليات كانت أحد عوامل التراجع لعدة قرون .

وهذا ما توصلت إليه الكثير من الجماعات الإسلامية سواء في الجزيرة العربية أو المغرب العربي أو حتى في مصر وغيرها ، اليوم نجد دعوات صريحة وعلنية للمراجعة بعد أن كانت هذه الدعوات تكبح في مهدها قبل ولادتها , بالتأكيد هنالك أسباب كثيرة لعل في مقدمتها استخدام الإسلام كغطاء شرعي للكثير من النزعات الفردية الهدامة التي تؤسس وتنظر لرسم صورة سيئة للإسلام عبر عمليات همجية هنا وهناك , الشيء الآخر ما يصدر من فتاوى هي فوضى أكثر مما هي فتوى من أشخاص بعيدين جدا عن الأهلية لإصدار هذه الفتوى أو حتى إبداء الرأي في مسائل بسيطة , وهذا ما انتبهت إليه المملكة العربية السعودية بتحديد جهة الإفتاء في مجموعة من العلماء رغم تحفظ البعض على هذا القرار باعتباره يمثل فرض إرادة الدولة على رجل الدين .

إذن نحن علينا في بداية الأمر أن نؤسس لمصالحة إسلامية – إسلامية جادة بعيدة عن عقد التاريخ وحوادثه وان تكون هذه المصالحة على المنهج العلمي ، لأننا نعيش الآن قطيعة فيما بيننا وعلينا إزالة هذه الحواجز لأنها العائق المهم في تجديد وتحديث أفكارنا وبالتالي تحديث الفكر الديني .

ما نحتاجه اليوم الوسطية التي غابت حتى عن الخطاب الإعلامي , فالتطرف هو السائد والعنف هو اللغة التي يتحاور بها الأضداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله