الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موسم العبادة ..... إلى اللقاء

حنان عارف

2010 / 9 / 7
الادب والفن


لكل شيء زمانه و مكانه , و بالتالي موسم محدد .
فالفلاحون ينتظرون الموسم كي يبيعوا المحصول و يشتروا لأولادهم ما يحتاجون اليه فيعبروا بذلك عن حبهم لهم و اهتمامهم بهم .
كما ينتظر الاطفال في القرى الموسم ليحصلوا على ما يريدون فيشعروا ببعضاً من الحب من الفلاح الاب.
ينتظر الأطفال في المدن الموسم أيضا ليحصلوا على ما يحتاجون, لكن ليس موسم بيع المحاصيل الزراعية و انما موسم التخفيضات في الاسواق.
فبعد أن اشتعلت الاسواق السورية بنار عجزت مديرية الاطفاء عن اخمادها اصبحنا نتجنب المرور أمام المحلات حتى لا يوسوس لنا الشيطان بشراء شيء ما فنغدو حتى اخر الشهر من النادمين .
للأسف اصبح زمننا زمن المواسم و التنزيلات " و التنازلات " , زمن التقسيط و القطارة , فلم نعد نستطيع الحصول على ما نريد إلا بالتقسيط .
كم شخص منا لا يستطيع الزواج الا بالتقسيط ,شراء بيت , اثاث , عرس , شهر العسل , و حتى إنجاب الاطفال " كله بالتقسيط " ....
أصبحنا نعيش حياتنا اليومية بالتقسيط, كل شيء أصبح يقسط حتى تنفسنا للهواء , و احلامنا أيضا .
لا نستطيع ان نحلم جميع أحلامنا دفعة واحدة, وإنما لا بد من إجراء عمليات حسابية ووضع خطة خمسية ثم تحديد الاولويات فهناك حلم مهم و هناك اهم و هكذا ...
فالأمر إذا ليس مادياً بحتاً, بالعكس ما يؤلم أنه تجاوز ذلك الى الجانب المعنوي من شخصيتنا فحتى مشاعرنا و احاسيسنا أصبحنا لا نجرؤ على الافصاح بها دفعة واحدة بل لابد من التلميح أولا و بثها على دفعات و بالتقسيط المريح .
مشاعرنا كرواتبنا و جيوبنا تنتظر بدورها الموسم القادم .
فكما هناك مواسم تخفيضات , هناك أيضا مواسم حب كثير منا ينتظر 14 شباط حتى يعبروا عن مشاعرهم و يقدموا الهدايا للاحبة و كأننا في باقي أيام السنة نكره بعضنا أو على الاقل لا نشعر بشيء تجاه الاخر الا في هذا اليوم " موسم الحب " لنخبره بأننا نحبه .
كثيرات من الامهات تنتظرن موسم " عيد الأم " ليسمعن من أبنائهن كلمات مثل " أحبك أمي " , و في حالات عديدة, تنتظر الامهات الموسم ليستطعن رؤية ابنائهن الذين ابعدتهم مشاغل الحياة اليومية و همومها .
و كأن هذه المرأة تغدو غريبة عنا لتتحول فجأة الى أم في عيد الام فقط , و من قال ان تقديم الهدايا لأمهاتنا حرام باقي ايام السنة و ما يحصل للأم ينطبق على غيرها فهناك موسم الأب , المعلم , حب الوطن...
الموسم الحالي الذي نعيش تفاصيله اليوم هو موسم الدراما , مسلسلات على مدار الساعة , برامج تفصل بين برامج أخرى, وتساؤلات في الاذهان : لماذا هذا الربط بين الدراما ورمضان , و هل رمضان شهر صيام أم شهر تخمة مسلسلات !
لماذا هذا السباق الماراتوني لإنجاز الاعمال الدرامية بحيت تعرض خلال شهر رمضان حتى لو كان الثمن خروج أعمال دون المستوى و بعضها يحمل اخطاء جسيمة .
وبرامج المسابقات التي أصبحت تنافس بشدة المسلسلات و في جميع الاوقات , بينما تدخل في سبات كامل باقي أيام السنة إلا في حال تسرب برنامج مسابقات يتيم, مع أن ذهن المشاهد خارج رمضان مهيء جيدا لتلقي المعلومات و فك لغز " الحزورات " , أم أن هذه الجوائز و الهدايا التي تُقدم تصنف تحت بند هبة و حسنة و زكاة لفقراء المشاهدين !
غريب أمرنا نحن البشر , نريد دائما من يُذكرنا بأننا موجودون, بأن هناك من ينتظرنا و يهتم لأمرنا , لماذا علينا ان نبقى بانتظار الموسم تلو الموسم لنعبر عما بداخلنا , لماذا لا نعيش حياتنا ببساطة و نقول ما نريد بصراحة , لماذا لا نقتنع بأن الله موجود دائما و ليس فقط في شهر رمضان , لماذا لا نتعايش مع هذه الحقيقة فنتجنب الكذب , الحرام , الغش , إيذاء الاخرين ...... كل أيام السنة , لا ان ننتظر كما في كل عام قدوم موسم العبادة في شهر رمضان المبارك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إنها مواسم ألإنحطاط ...!؟
سرسبيندار السندي ( 2010 / 9 / 8 - 15:48 )
بداية دعيني أشكرك على رقة المشاعر ألإنسانية التي فيك ... وعلى ما كتبت عن المواسم أحييك ... ما العمل وكل شئ قد صار حتى البشر بضاعة وتجارة ... والدين كما كان سابقا فالعمل في حقوله لا لحرفة أو مهنة بل لشطارة ومهارة ... أستحلفك بالله أليست مواسم ألإنحطاط وقد عادت بجدارة وقذارة ... تحياتي لك مرة أخرى .....!؟


2 - لك الشكرر
هاشم كوجر ( 2010 / 9 / 8 - 19:48 )
ياصديقتي نحن البشر ضعنا انفسنا ولانعرف اين نحن ولهذا نحن دائما في البحث عن نفسينا والبشر وخاصة المسلمين يجتمعون في الشهر الرمضان واصبح هذا الشهر شهر الدعاية والاعلام وشهر وشهر المسابقات لان في هذا الشهر يذكر البشر الله يقوم بصوم والصلات ولاكن الذي تراه دائما خلف الائمة في الجامع انه يخفر ذنوبه لان علية كثيرا من الذنوب فانه يدعو الله ان يخفر ذنوبه واو يبقى للصبح يصلي ويقرا القران في الليالي ليلة القدر كي يمحو كل ذنبه لماذا تفعل ملايحبه الله لماذا لاتقوم بالاعمال الجيدة كي يحبك الله ولاكن هذا الحياة لك مني الشكر


3 - أكثر من رائعة يا حنان
حسنين قيراط ( 2010 / 9 / 9 - 00:30 )

قرأت مقالكِ أكثر من مرة
أنتِ فعلا مميزة وأكثر من رائعة
أعزكِ الله ورزقكِ رضاه والجنة
لك شكري وإحترامي
في إنتظار المزيد


4 - لسهل الممتنع
احلام جمعه توفيق ( 2010 / 9 / 9 - 19:15 )
فكره جميله والاحلى الاسلوب البسيط البعيد عن التعقيدات والتى يظن البعض انها تميز,تحيه ودوام التالق

اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة