الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوجه الانسحاب الأمريكي المتعددة، تخلو من النصر

احمد صحن
كاتب وباحث

(Ahmed Sahan)

2010 / 9 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


ثمة علامة استفهام كبيرة تتعلق بالانسحاب الامريكي الجزئي من العراق، فالوضع في العراق لا يزال معقد ويثير القلق والحيرة، ان شكلا سياسيا في العراق لم تكتمل ملامحه بعد، وان عملية سياسية لم تبلغ من النضج لدرجة تمكنها من الصمود امام الغياب الامريكي الكامل عام 2011.. أتذكر اللحظات التي غادر الحاكم المدني بول بريمر العراق عندما انتقلت السلطة الى الحكومة العراقية المؤقتة بزعامة علاوي حيث تسليم السلطة وخروجه خلسة، ترى عن اي نجاح في العراق تحدث الرئيس بوش في حينها، وان احدا من ساسة البيت الابيض لم يزر العراق بشكل علني، آخرها زيارة نائب الرئيس الامريكي جو بايدن الى العراق في الظلام وخلسة ايضا، ما يدل على الخراب الامني العميم وركاكته، واسلوب "الترقيع" الذي تبنته الادارة الامريكية عندما وقعت في الشراك العراقي، ثم جاء اوباما خليفة لبوش الابن ليتحدث هو الاخر ويقول "العراق في الطريق الصحيح"، وكيف لا، وان معطيات الصراع الايراني الامريكي مهدت لهذا الانسحاب، ولولا التوافق بين طهران وواشنطن على الشكل السياسي الحاصل الان في العراق لم يتمكن الرئيس اوباما من سحب قواته ويفي بوعده الانتخابي ويستقبلها في واشنطن وخلافا لذلك عليه ان يستقبل جثامين القتلى من الجيش الامريكي. نعم العراق على الطريق الصحيح المؤدية الى الهروب الامريكي من العراق اذ ان الانسحاب الامريكي على ما يبدو يحمل وجوها وتوصيفات كثيرة لكن ليس من ضمنها النصر لان الالنسحاب لم يخضع الى اية معايير على الارض العراقية، بل حكمته معطيات السياسة الداخلية الامريكية، من قبيل؛ الايفاء بالوعود التي قطعها الرئيس في حملته الانتخابية، وشعارا سيكتب على لوحات الدعاية في انتخابات الكونجرس القادم. نعم ثمة انسحاب امريكيا لكنه سياسي في الاغلب، ليس نصرا على الاطلاق، جدولة زمنية – الاتفاقية الامنية - صنعها الرئيس بوش ليخرج بمنجز سياسي وقليل من ماء الوجه..لا يمكن بأي حال ان يسمى هذا الانسحاب نصرا، لان النصر في العراق لا يقبل الاجتزاء، ان تزيل امريكا نظاما ديكتاتوريا صلبا، عليها ان تبني نظاما ديمقراطيا صلبا ايضا، ان تحل جيشا عراقيا بجرة قلم، وتمضي سبع سنوات ولم نر جيشا بمستوى الكارثة، ثم بمستوى الوطنية، فكيف نقتنع ان بناء الجيش يأخذ وقت لغاية عام 2020، قد يكون انقلاب مايس في اربعينيات القرن الماضي سببا في عدم الارتقاء بمستوى الجيش، ربما..
ان واشنطن بانسحابها هذا ربما اكتفت بنصر رمزي مهدد بالزوال في اي لحظة ، هل كانت الذاكرة الامريكية الفيتنامية هي التي كانت تحكم ادارة اللعبة في العراق، احيانا يبدو الامر كذلك، اذ ان الشارع الامريكي امتعض كثيرا من عدد القتلى الذين ازدادوا في سنوات الاقتتال الاهلي العراقي في العامين 2006/2007.. الامر الذي دعا ادارة بوش الى ان تلجأ وتأخذ بتوصيات لجنة بيكر هاملتون وعلى اساسها تم الامن النسبي الذي حصل في السنتين الماضيتين.. كيف نوصف تصريح الرئيس اوباما بعد مضي سويعات قليلة على انتهاء الانتخابات العراقية، حين قال: "إن أمام العراقيين أياما صعبة"، كلمات كانت بمثابة نذير شؤم للأيام القادمة في العراق، عبارة لم تخرج من محلل سياسي أو جهة حزبية او إي مراقب، أن رئيس لأعظم دولة في العالم وهي الدولة التي تبنت مشروع تفكيك العراق وإعادة بناءه، يتفوه بتلك العبارة وهو يدرك تماما ما تخزنه الأيام من ويلات سوف تمر على العراقيين.
في ظني ثمة تراجع أمريكي حقيقي عن ما هو واجب تجاه العراق، حيث من الواضح ان ساسة البيت الابيض يأسوا من نجاح مشروعهم في العراق وبدأ شغلهم الشاغل في كيفية الخروج بأسرع وقت من ذلك البلد الذي تعصف به هالة الدمار بعد ان وقع وبسبب الأخطاء السياسية الأمريكية بين فكي الصراعات الإقليمية الدولية من جهة، والصراعات السياسية الداخلية/ طائفية / اثنية /إيديولوجية، وبالطبع رافقت عملية الانسحاب محاولات لإعاقته ومن المؤكد ان إيران على رأس الجهات التي ترغب ببقاء القوات الامريكية وان تمسك بها بكل ما تملك من سنان وأسنان كـ "رهائن" تقيها من ضربة عسكرية محتملة. في تقديري ربما تأخير تشكيل الحكومة وتردي الوضع الامني كانت من اهم المحاولات التي من شأنها ان تعيق الانسحاب. لكن الرئيس باراك اوباما بإصراره على الانسحاب ذلل تلك العقبات ، فتم الانسحاب.
نحن اليوم على مقربة من الشهر السابع بعد الانتخابات البرلمانية، والساسة العراقيون لم يتمكنوا من تشكيل حكومتهم، إذ تتصارع الكتل السياسية على شغل المناصب السيادية دون النظر إلى المصلحة العليا للبلد وهم يصرون بالمضي قدما بين رفض هذا الشخص وفرض ذاك، أكثر ما يدعو للاستغراب والسخرية على حد سواء ، هو دستورنا المطاط الذي لم يملك حدا فاصلا في البت بمسألة الاستحقاق الانتخابي واصبح من السهل الالتفاف عليه حيث يتم تفسير المادة 76 وفقا لأهواء الساسة ، وبين هذا اللغط المستمر والانسحاب الأمريكي فأن البلد يقترب من حافة الهاوية من حيث كل الأصعدة، فأمريكا، الدولة الأكثر فاعلية في العراق ، لا تبدو عليها اي ملامح او اهمية تتناسب وحجم المشكلة الدائرة، والكارثة القادمة.. فبعد الامن النسبي الذي تجاوز السنتين، ربما يعود العراق الى المربع الاول حيث الانهيار الامني الكلي والاقتتال الاهلي الطائفي، ان التفجيرات الاخيرة التي عبّرت وبشكل واضح من خلال جغرافيتها، ان الامن في عموم العراق لم يكن متماسكا اذ قوى الأمن لم تكن مهنية وان تلك التفجيرات التي حصلت في البصرة والموصل وديالى والفلوجة اي في شمال العراق وجنوبه وشرقه وغربه، هي عبارة عن رسالة موجهة من الخلايا النائمة مكونة من شطرين: الاول مفاده ان الامن تزلزل وتم إيقاظ الخلايا النائمة بفعل ما يصنعه السياسيون من تجاذبات سياسية، والثاني: تأكيدا على ان القوات الأمريكية انسحبت مهزومة ولم تكتمل مهمتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج