الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابتسامة أعرض (قصة قصيرة)

بشير زعبيه

2010 / 9 / 7
الادب والفن


لم يستغرب هذا الانصياع الفوري العجيب وهو يهوي بسوطه عشوائيا على الرجل الذي بقي نصف واقف مهيئا كل مساحة من جسده للجلد .. بل هذا ما زاد حركة الصوت وهو يعلو في يده ثم يهوي شراسة دفعته الى احساس بلذة اضافية وجعلته يعدل من وضعه قليلا وهو يقف في الجانب الأيمن من الصندوق المكشوف لسيارة تشبه تلك السيارات التي تستخدم عادة في رحلات الصيد ، فيستند بيده اليسرى الى الحاجز الحديدي الذي يفصل مقعدي السيارة الوحيدين عن صندوقها الخلفي بشكل يسمح لليد اليمنى بمزيد القوة وحرية الحركة دون التوقف في الوقت نفسه عن جلد الرجل الذي صار مركزا لدائرة ضيقة تصنعها حركة السيارة وهي تدور حوله ..
لم يستغرب هذا فقد كان يدرك حين قرر الخروج واختار هذه الطريقة لقتل ملل حاصره في السرير وان ما على الرجل أو من صادف أن يكون هذا الرجل الا الطاعة حتى وان فاجأه كما حدث الآن في الشارع ودون أية مقدمة :
- أنت .. قف
فيقف الرجل الذي لم يكن يبدو عليه السير في اتجاه محدد ..
- مدّ لي هذا الوجه الحقير .. أريد أن أصفعه ..
واذ حاذته السيارة تماما وصار في امكانه التعرف بوضوح على على صاحب الصوت المطل بجزئه العلوي من فوقها ، سارع الرجل بمدّ رقبته الى أعلى ثم مال برأسه الى الأمام مظهرا حرصا على أن يكون وجهه في وضع مناسب للصفعة ..
لم تكن صفعة واحدة .. أما هو فان انحناءته منهمكا في توجيه الصفعات لم تكن مريحة فانتصب آمرا :
- اقلع هذه السترة .. سأجلدك الآن ..
سارع الرجل أيضا الى التخلص من سترته ومما تحتها وأدار في لمح البصر ظهرا عاريا نحو مصدر الأمر الذي بدا في وضع الوقوف أكثر راحة وزهوا وهو يهوي بالسوط على الظهر العاري وأينما اتفق من جسد الرجل حين دق باليد الأخرى على سقف السيارة ناحية السائق وأمره بالتحرك في شكل دائري ..
لم يصمد الرجل طويلا ولم يتمكن من الحفاظ على وضعه واقفا فهبط بجسمه قليلا متخذا وضع الركوع .. واذ رآه هو كذلك أمر السائق بالتوقف بينما توقف تلك اللحظة عن جلد الرجل .. امتدت يداه الى أعلى البنطال ودون أن يفك الحزام حشر اليد التي كانت لاتزال ممسكة بالسوط في فتحة البنطال واقترب بحيث أصبح يطل على الرجل تماما من فوق السيارة .. وبلمحة منكسرة وهو يدير رأسه ببطء جانبا ثم الى أعلى فهم الرجل ما الذي سيحصل لذلك لم يفاجأ بالصدمة الخفيفة الأولى لرشاش السائل الساخن الهابط على الرأس أولا ثم يعم بتدفق أكثر ما أتيح من الجسد المستمر في الكوع قبل أن يتحول الى دفقات قصيرة ويتوقف نهائيا ..
لم يستغرب كل ذلك وهو يتأهب لأمر السائق بمغادرة المكان فقد أطاعه الرجل كما يجب وفعل كل ما طلب منه .. لكن ما لم يطلبه هو تلك الابتسامة ! ..
هذا بالضبط ما رآه غريبا ، فحين همّ بادارة ظهره لاحظ أن الرجل رفع رأسه وهو لايزال راكعا وتوجه له بابتسامة رضا حقيقية ، حتى أنه لاشك لم يستطعم ملوحة السائل الذي تسلل الى زاويتي الفم اللتين تباعدتا أكثر لتصنعا ابتسامة أعرض ..
(تمت)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا
نجوى على ( 2012 / 5 / 30 - 01:47 )
لا استطيع التعبير .. أعترف بمقدرتك الرهيبة فى محاصرتنا فى دائرة تصنعها لنا بخيالك وتقذف بنا فى داخلها رغما عنا . نعايش لحظاتك كما شئت أن تصنعها لنا. الألم .. الإنكسار ..الإستياء . القهر ....القرف . الغضب المشحون بالثأر والتمرد .. لم أكن أعلم بأن الكاتب يستطيع أن يخلق فى داخلنا ثورة !!

اخر الافلام

.. غير محظوظ لو شاهدت واحدا من هذه الأفلام #الصباح_مع_مها


.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف




.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب