الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما قد حدث للمصريين

محمد البدري

2010 / 9 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


حاول الاستاذ الفاضل حسن خضر في مقاله المنشور حاليا علي موقع الحوار المتمدن الاجابة عن سؤال د. جلال امين عما حدث للمصريين. فصاحب الكتاب هو ذاته احد الذين ساهمت ايديولوجياتهم فيما حدث ويتباكون عليه. مثلما يتباكي المخرج السينمائي المحدث في مجال السينما خالد يوسف وياتي بافلام حقيقة وواقعية عما يجري في عشوائيات مصر الذي انتجتها سياسة حركة يوليو.

اليسار المصري بكليته ساهم فيما نحن فيه وشاركهم سرا كثيرين من قاع المجتمع الذي استفاد من قرارات يوليو الفوضوية من اصلاح زراعي وتاميم وحل للاحزاب وطرد وبتر للطبقات العليا مع زرع كراهية للمجتمعات خارج مصر التي اصبحت محمية طبيعية تنمو فيها الفاشية والعروبة مع نثر لبذور الاسلمة السياسية عبر تعديلات في وظائف ومهام المؤسسة الدينية الاولي في مصر، ومما ساهم اكثر بالالتجاء الي العروبة كهوية وبالتالي للاسلام كبديل معرفي. بعد كل هذه التغيرات والقرارات القانونية والتعديلات الدستورية التي تؤيد هذه التوجهات يخرج د. جلال امين ومعه مثقفين وكتاب روايات يؤيدون هذه التغيرات ليسال ماذا حدث للمصريين وتاتي اعمال فنية لتعرض فضائح المنتجعات العشوائية نتيجة لهذه السياسات.

فتكرار طباعة كتاب جلال امين ليس دليلا علي مصداقية ما فيه فاكثر ما يباع في مصر هي الكتب التي لا تحمل اي مضمون ولا تشرح شيئا وعلي راسها الكتب الدينية. لكن اكثر ما يبكي عليه د. امين هو تآكل الطبقة الوسطي. وهو امر عجيب فطبيعي ان تتآكل الطبقة في ظل مثل هذه السياسات لا لسبب سوي ان الغطاء الطبقي الاعلي قد انكشف بعد الاطاحة به والاطاحة بالاحزاب التي هي الراس السياسي للطبقة فمن الذي كان يعبر عن طبقات مصر طوال الستون عاما الماضية؟ فالمجتمع الذي بلا طبقات هو مجتمع عاري لا مناعة لدية يمكن العصف به بسهولة. وما اكثر الامثلة وعلي راسها الاخ الكبير الاتحاد السوفيتي.

ولان سياسات حركة يوليو والتي وضعت موضع التنفيذ بالقوة وليس بالتراضي لم يكن لها من دراسات علمية باي شكل من الاشكال انما وضعت بهف اولي هو تعزيز السلطة وفرض الزعامة اي مخاطبة الغرائز عند الطبقات الدنيا بان هناك بطل هو حبيب الملايين مع ضمان اسكات اي نقد علمي لها من اي نوع لغياب باقي الرؤوس السياسية والعلمية والمعرفية اما بحل احزابها او بتاميم مؤساساتها واما بالسيطرة علي جامعاتها ومراكز ابحاثها مما جعل الراي الواحد ولو كان خاطئا هو الصحيح ولو كره العارفون.

كان اختبار الاخصاء الطبقي ومدي فعاليته ظاهرا جليا في حادثة التنحي حيث طالب اليتامي بعودة الطوطم. وصمت اليسار لسبب اكثر انتهازية وجهلا منهم لسبب ساذج وابله ان العدو الذي تسبب في تنحي الطوطم هو امريكا واسرائيل. فحتي اليسار الذي ظل حالما بان السوفييت اقوياء ويحمون النظم الثورية انكشفت غيبوبتهم عند الهزيمة لحليفهم القومي العروبي الاشتراكي والذي لم يكن في الحقيقة ينتمي الي هذه الاوصاف باي شكل من الاشكال. فما اصدق من المثل الذي يقول " الكذب مالوش رجلين (ارجل)" ، اي انه لا يمكنه الاستمرار طويلا في التاريخ فسرعان ما سينكشف. وقد كان، فنفس النظام اقام سلاما مع اسرائيل واصبح في علاقة استراتيجية مع الامريكيين وباتت الثروة العامة للمصريين التي كانوا يعيشون فيها بشكل (اشتراكي) باتت تباع علنا ويظهر علي اثرها طبقات جديدة لا تحمل قيما من اي نوع رغم ان حجم ثروات اقلهم شانا تفوق ثروة اكبر باشوات مصر زمن الملكية. فالثروة ببساطة هي عمل مجمد في الديب فريزر التاريخي للمجتمع. إن ما حدث للمصريين منذ يوليو هو قطع الكهرباء اي الطاقة عن المجتمع عن طريق تعليم ردئ وسياسة عرجاء واطاحة بالعقل مع تزييف للهوية وتشجيع للعنصرية والطائفية نفاقا للعرب الذين رفضوا زعامة الطوطم لهم، فكان ان تم تسييل الثروة واصبحت نهبا لكل مهرج فخرجت اجيال جديدة بمواصفات حددتها تلك السياسات وبالتالي فقد ظهر من يتاجر بهم في افلام سينمائية بعرضهم علي الشاشة البيضاء كما تعرض حيوانات السيرك وكشف سلوكيات تاسست في زمن النصر والهزيمة معا كلها فهلوة وعنف وكذب وانحطاط اجتماعي دون ان يقول اصحاب الاعماال الفنية او الادبية او السياسية انهم مؤيدين للسياسات التي انجزت البيئة التي اصبحت بالنسبة لهم مصدر ثروة من بيع اعمالهم الفننية والادبية.

يحلو للبعض تحقيب فترات التاريخ طبقا للحاكم، فكما حقبوا تاريخ مصر بجهل فاضح بانه عربي في فترة وطولوني واخشيدي وفاطمي ومملوكي وعثماني في فترات لاحقة فانهم وعلي نفس المنوال يقسمون فترة ثلاثين عاما الي ناصرية وساداتية وعلي اثر هذا التقسيم يقومون بالاغتسال من جنابة الفترة الاولي بمسح اوحالها وتعليقها في رقبة الفترة الثانية. هكذا يخرجوا طاهرين وعلي استعداد للصلاة او الحج في ساحة الشهوات السياسية باعتبارهم انبياء جدد او ثوريين ضلت بهم السبل من غير ذنوب لهم.

ساقتبس قولة السيد خضر " هل كان انهيار الجدار الحديدي الفاصل بين الطبقات الاجتماعية في مصر، قبل الثورة، سببا في ما آلت إليه أحوال مصر وأهلها؟ كسؤال لم يقدمه د. امين بل كان يؤكد علي صلابة البناء الاجتماعي والسياسي فمهما يكن من أمر، يرى أمين بأن المجتمع المصري قبل ثورة يوليو، أي الإطاحة بالملكية، واستيلاء الضباط على مقاليد الحكم، كان يتسم بقدر كبير من الاستقرار بالمعنى الطبقي"

فالاستقرار بالمعني العلمي له دلالات كثيرة وتبعات اكثر في قوانين الفيزياء والبيولوجي والاجتماعي. فكل ما هو مستقر احق بالقاء بغض النظر عن مدي عدالة ما فيه، لكن ان تتم عمليات كسر للاستقرار والتوازن القائم قبل يوليو 1952 مع توجيه الدفة الي هويات وايديولجيات وفلسفات لم تثبت صحتها مع تعرية وكشف للحم المجتمع وجعله نهبا لانتهازيين السلطة في الداخل ولصوص الخارج فتلك هي الثورية والعدالة الاجتماعية في زمن العروبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المشكله بدئت بالعصر الملكي
صفوت حسن جمال ( 2010 / 9 / 9 - 02:48 )
اعجب كثيرا لمحاولات الاستاذ البدري القاء كل التهم علي ثورة يوليو .. فرغم اني اتفق معه ولكن بشكل جزئي فقط فالمشكله بدئت منذ العصر الملكي عندما دعمت الملكيه الاخوان ليقفو بوجه المعارضه الليبراليه واليساريه .. واكدت علي كون الاسلام دين الدولة في الدستور .. بل كان الملك فاروق نفسه اواخر سنينه رجل متدين حتي انه اطال لحيته ..ولا ننسي ادخالنا بصراع ليس لنا فيه ناقه او جمل وهو فلسطين .. اضف الي هذا ان الملكيه اكدت هوية بمصر كدوله عربيه منذ نشات الجامعه العربيه ودخولها كعضو فاعل به .. اي الخلاصه ان الملكيه هي من زرعت والناصريه حصدت !


2 - بصراحة لم يكن في مصر يسار
محمد حسين يونس ( 2010 / 9 / 9 - 05:34 )
منذ 1923ازدهر اليسار قليلا ثم اختفي بعد ان وصم بالكفر والانحلال فابتعد عن الجماهير في جيتو من ابناء البشوات واليهود يتصارعون علي مفاهيم نظرية انتهت بتقديس ستالين والسير علي دربة.. عموما فيما عدا محاولات سلامة موسي لنشر الاشتراكية الفابية فان اغلب اليسار وقعوا في فخ الفاشست بما في ذلك منظرى عبدالناصر.. السؤال هل نحن الان لدينا يسارا قادرا علي قيادة الامة نحو المعاصرة والعدالة اشك فالجميع يعزفون نفس اللحن ماذا سيكون نصيبة من التارت

اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا