الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنان من دون فلسطينيين!

فواز طرابلسي

2010 / 9 / 8
بوابة التمدن




عندما دخل لبنان عهد الرئيس ميشال عون، بعد استقالة سميّه المبكرة، أعلن الرئيس الجديد عزمه على تطبيق البند الأساس في خطاب القسم: مقاومة التوطين. ما نام الرئيس الليل وهو يعد لليوم العظيم وقد تعهد أمام الله والوطن والشعب والمقاومة أن يبقى صاحياً إلى حين الانتصار على مؤامرة التوطين!
وانتصر لبنان. تقدم بشكوى إلى الأمم المتحدة على الأمم المتحدة باعتبارها المسؤول الأول عن مأساة الفلسطينيين. وبعد جهود دبلوماسية جبارة وطويلة، اعترف الأمين العام للأمم المتحدة بمسؤولية المنظمة الدولية عن مأساة اللاجئين الفلسطينيين، تماماً كما اتهمها الجنرال الرئيس خلال لقاء عاصف له مع «لجنة شؤون اللاجئين» في المؤسسة الدولية. وكرر اتهامه أمام «لجنة محاسبة فلسطين» (لجنة محاسبة سوريا سابقاً) في الكونغرس الأميركي. فاتخذت الجمعية العمومية، في جلسة مشتركة مع مجلس الأمن، القرار الرقم 9/2012 القاضي بتدويل قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وعهدت الأمم المتحدة إلى الولايات الأميركية المتحدة استقبال فلسطينيي لبنان، لخبرة طويلة لديها في التعامل مع الشعوب الأصلية.
أسقط في يد القيادات الفلسطينية وارتبك وضع الأهالي. لكن لكثرة ما كرروا رفضهم للتوطين، ومطالبتهم بحق العودة، تراءى لهم أن الوسيلة الوحيدة للرفض لن تجر إلا إلى العنف والاقتتال وتكرار المآسي. رضخ كثيرون خصوصاً أنهم شاركوا الموقف الرسمي الانتصار على المؤامرة الإسرائيلية التي تهدف إلى توطينهم في... لبنان. فانصاعوا إلى تنفيذ تعهداتهم و«العودة» إلى جوار إخوانهم الهنود الحمر.
حلّت مشكلة التمويل دون كبير لأي عن طريق «طوال العمر»، وهم في لبنان أصحاب التحريريَن والبيوت. لكن لم يخل الأمر من إشكالات وحوادث في مجالات أخرى. ارتبط كثير منها بتقرير من يرحل ومن يبقى. تكون إجماع على ترحيل اللاجئين. ووافقت أكثرية على ترحيل الشباب. وترك أمر البحث في سائر الفئات إلى وقت لاحق. انقسم رجال الأعمال حول مصير الأغنياء. وجاء من يذكّر بالوفاء، لا للمقاومة، ولكن لشركة المقاولات الفلسطينية التي بنت مطار الشهيد رفيق الحريري الدولي. وقال قائل: ما دمنا نرحّل فلنرحلهم جميعاً. وعندما تبيّن أن ثمة محاولة للإبقاء على الفلسطينيين المسيحيين، أثير موضوع المجنسين. وتطرق البحث إلى ذوي الأصول الفلسطينية تدل على كثير منهم أسماء أسرهم: مقدسي وصفدي وعكاوي وغزاوي وغزي ورامي ويافي (كما في عبد الله اليافي) ويافاوي وعبده (نسبة إلى جوني عبده) وغيرها.
في خلاصة الأمر، وافق كثيرون وعارض كثيرون. لم يكن عدد الذين قالوا «حرام» أو «خْطَي» بالقليل. ورأى لبنانيون في الترحيل نهاية للمؤامرات واختتاماً للحرب الأهلية. وهناك من قبل على مضض على أمل تحسن الأحوال. ناهيك عن أصحاب المصالح في مصادرة الأملاك والشقق والعقارات والحرف والأعمال أو شرائها بالسعر البخس أو الاستيلاء على شراكة شريك في استقدام الخادمات أو مقاولة العمال أو المخدرات والبغاء.
وتوقف المسؤولون طويلاً أمام مصير المخيمات. بعد أخذ ورد، جرى التوقف عند ثلاثة خيارات صدف أنها تلك التي طرحها الرئيس الراحل بشير الجميل: بناء مشاريع إسكان شعبي فوق أنقاض المخيمات أو تشييد حديقة للحيوانات كبيرة أو استخدام العقارات مرائب للسيارات. استبعد الخيار الأول لأنه ينطوي على تدخل في حرية سوق العقارات والسكن. واستبعدت حديقة الحيوان لعدم الجدوى اقتصادياً، وأيضاً بعد أن علّق أحد الظرفاء قائلاً إن الحديقة مهما كبُرت فهي لن تسع من يستحق أن يوضع فيها. فقرّ الرأي على بناء مرائب لصف السيارات خصوصاً من منظار مساهمتها في حل أزمة السير، ولكن بشرط اعتماد مبدأ «الفاليه باركنغ».
على الصعيد الأمني، ورد من نهر البارد خبر اجتياح سكان الجوار للمخيم وقد أخذوا يتعاركون على احتلال الشقق والمتاجر المشيدة حديثاً وسكانها لم يغادروها بعد. وحدثت حوادث في غير مخيم يقصر المجال هنا عن ذكرها.
وخلال المناقشات في مجلس النواب، تساءل أحد النواب: بما أن المؤامرة تستهدف توطين الفلسطينيين في لبنان، في مقابل سداد ديونه، فكيف سوف يجري سداد المديونية وقد رحل الفلسطينيون؟ واستطرد: خسرنا ستين مليار دولار وهو ثمن باهظ للنصر في معركة مقاومة التوطين. رد عليه زميل له: بسيطة نقترض من البنوك. البنوك تقرضنا قدر ما نحتاج وأزود. ونهره آخر: كل شيء يهون في سبيل الحرية والسيادة والاستقلال.
لكن هذا كله لا يقارن بشيء إذا ما قيس بما ضرب البلد من أعاجيب.
نوّر البلد فجأة وشعشع ليس بالعلم وإنما بالكهرباء. وإذا «فائض قوة المقاومة» لا يؤمّن تيار الـ24/24 وحسب وإنما فاض البلد بكهربائه وبكبريائه، حتى عجزت مؤسسة كهرباء لبنان عن السيطرة على توترها العالي: الشرارات تنطلق من الأعمدة والأسلاك وهوائيات التلفزيون، تقذف النيران وصحون التقاط البث الفضائي تتوهج فوق السطوح كأنها أقمار برتقالية.
وتفجرت الينابيع كما في المعجزات. وارتفع منسوب الأنهر حتى أعلن الدفاع المدني الإنذار الأحمر من خطر الفيضانات. وساد قلق على طاقة بالوعة القرعون على تصريف ما ارتفع من مياه البحيرة، وفاضت مياه سد شبروح وأخذت تهدد الشاليهات الباذخة في المنطقة.
وبعد أن غادر من كانوا «يسرقون اللقمة من فم اللبنانيين»، امّحى الفقر. وسجل لبنان الرقم القياسي في مباريات «وأد الفقر» الدولية. ووئدت البطالة وأداً. إن البطالة كانت موؤدة. ظل الشباب اللبناني يهاجر، لكن ذلك كان تعبيراً عن روح المغامرة التي دفعت باللبنانيين الأوائل الى أن يمخروا عباب اليم، لا بدافع الحاجة المادية.
وبسحر ساحر حلّت قضية الضمان الاجتماعي بعد أن أعفي من أعباء دفع حصة الدولة من اشتراكات العاملين الفلسطينيين. وأقر قانون ضمان الشيخوخة.
وهذا مجرد غيض من فيض مما أنعم به النصر على اللبنانيين في ذلك اليوم المشهود.
فلا عجب إن عمّت المهرجانات المناطق. انعقدت حلقات الدبكة ودارت صحون الكبة على الآلاف المؤلفة (بعدما اتفق على خلطة مشتركة تتعايش فيها الزغرتاوية والزحلاوية والجنوبية والمالسة وكبة الحيلة والزُنكل).
وكان المهرجان المليوني الحاشد في باحات قصر بعبدا. خرج الرئيس مثل أيام زمان، إلى الشرفة لتحية الجموع، خلفه لافتة كُتب عليها: «ماذا يعني لبنان منزوع السلاح وإلى جانبنا دولة تريد توطين الفلسطينيين؟». وكان إلى جانب اللافتة لوحة جبارة تمثل الرئيس على شاكلة مار جرجس يصرع تنين التوطين. وتأكيداً على الوحدة الوطنية، نظمت رئاسة مجلس النواب والمقاومة مهرجاناً مليونياً هو الآخر في تبنين تبارى الخطباء خلاله في تمجيد المقاومتين وتوجيه التحيات لشعبنا المقاوم في فلسطين المحتلة. وللمزيد من التأكيد على الوحدة الوطنية، انعقد مهرجان مليوني آخر في أرض «سوليدير»، خطب فيه رئيس الحكومة ملوحاً بالقلم بيده وهو يصيح: «أنا أذهب حيثما أشاء ولا أحد يحدد لي إلى أين أذهب».
واختتم ذلك اليوم العظيم بعرض المسرحية الغنائية «ناطورة المفاتيح» للأخوين رحباني وفيروز، وقد أسهمت قيادات مقاومة التوطين في تسوية الخلافات على الحقوق الفنية داخل الأسرة. فأبدعت فيروز ومست شغاف القلوب حين شدَت «راحوا، متل الحلم راحوا»! فحار النقاد في تفسير معانيها الملتبسة. وكانت شائعات سرت بأن اسم سفيرتنا إلى النجوم ورد خلال التداول الرسمي في ترحيل الفنانين الفلسطينيين على اعتبار أن أباها فلسطيني! ولكن دمشق تدخلت شخصياً هذه المرة لطي الموضوع.
وفي الشأن الإقليمي، افتتحت في ذلك اليوم بالذات، مفاوضات السلام اللبنانية ـ الإسرائيلية عبر الوسيط الأميركي، اعترافاً من إسرائيل بهزيمتها في لبنان، أمام مقاومة التوطين هذه المرة. وإذ انعقد أول اجتماع في الناقورة، شوهدت النوافير تتقاذف النفط والغاز من الحقول المشتركة عبر الحدود البحرية اللبنانية ـ الفلسطينية.
[email protected]





السفير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انتظر
جمال السالم ( 2010 / 9 / 8 - 13:10 )
استنى سنة سنتين رح يصير الفلسطينيين يحكو انهم بنوا لبنان وانه اللبنانيين عايشين من تحت روسهم وبصيروا يطالبو بتقاسم البلد بدهم حصة من الخكومة والجبش وغيره وبعدين بصيروا يحكوا انه نسبتهم السكانية كذا وكذا حاليا بحكوا انهم مليون بلبنان يعني مثل ما صار بالاردن احتلال عينك عينك وهات فهمهم انه الاردنيين عايشين من المساعدات الامريكية والاوروبية واليابنية ومن السياحة و نص مليون اردني عايشين من الزراعة وشبكات المي والصرف الصحي مساعدات من ال يو اس ايد بضلو يحكولك انه من دونهم الاردنيين بموتو من الجوع رغم انهم اخذوا فرص كتير من الاردنيين لانه تم توطينهم بالمن الناشئة ولذلك اخذوا معظم الفرص الكبيرة


2 - تذكير
جمال السالم ( 2010 / 9 / 8 - 13:40 )
يبس تذكير انه ما فيه عائلة اردنية الا فيها واحد مغترب بجيب فلوس بس عشان يفهم الفلسطينيين

اخر الافلام

.. قائمة طويلة من لاعبين بلا أندية مع اقتراب فترة الانتقالات ال


.. -أشعر أنني أرى الكوابيس و أنا مستيقظ-




.. مراسل بي بي سي في غزة : -أشعر أنني أرى الكوابيس و أنا مستيقظ


.. على الأرض | مايوت.. ثغرة في جدار فرنسا




.. مصدر مطلع لـ-رويترز-: قطر تدرس إغلاق مكتب -حماس-