الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقد السياسي للدولة

حميد المصباحي

2010 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية



الدولة التي لا تنتقد فهي كاملة،لا نقائص فيها،فهي خارج التاريخ،ولن تكون إلا حلما أو فكرة،
وكل دولة تجاهلها المجتمع،فهي لامحالة تجمع للغلط،نقدها،أي التفكير فيها غدا مستحيلا،وجودها مفارق،غير مفهومة،فهي إما تيوقراطية،إلاهية،في نظر الناس ونفسها،أو توليتارية لدرجة ابتلاعها كليا للمجتمع،أو بوليسية بتحول المجتمع إلى حارس لأبواب سلطاتها،ومنفذ فعلي لسطوتها وعنف وجودها الأمني حتى ضده هو نفسه.
لكن النقد الذي يعتبر سياسة،هو ما تحركه المصالح،أي ذاك الساعي لتحويل ممارسيه إلى مشاركين في سلطة القرار أو تنفيذه،أو تعديل قانون التنافس لإيجاد منفذ لأتباعهم أو حلفائهم،لكن النقد النظري للدولة،حتى إن متح من السياسة،فغايته المعرفة السياسية،وكشف المفارقات،هذه وظيفته،متعته،لا يريد بها الإنخراط في أية سلطة أو التحريض ضدها،إنها نظرة خاصة جدا،ونادرة الوجود في حقل الصراعات السياسية،فهي ليست ضد أحد،لكنها حتما لا تنتظر من السلطة إلا فهم نفسها،في تقليديتها أو حداثتها،والتعبير عن ذلك نظريا وعمليا،في السياسة والإقتصاد وحتى الثقافة،بذلك تكون الدولة حددت لنفسها مسارا عقلانيا،وبنت رهاناتها خارج منطق الممكن كما رسمه لها الساسة الذين يقامرون بالقرون لربح لحظات بجانبها،للتباهي،أو اقتسام رمزيات السيطرة،كامتداد لأصول يريدون لها أن تدوم،مهيمنة،مبالغة في هيمنتها،فكم من النقاد للدولة كانوا أكثر خدمة لها من التابعين،الذين يخفون الأزمات بصراخ التباهي في المنتديات وهم موقنون أكثر من غيرهم،أن الوضع يتطلب تدخلا عاجلا،لإعادة التوازن عندما يكون الإختلال دالا وبالغا،هنا الفكر السياسي يكون أكثر أهمية من السياسة نفسها،كأنه الملاحظ،الكاشف عمما لا يظهر للمتنافسين وهم في حمأة صراعاتهم،ونزالاتهم،التي تنسيهم وتشغلهم عن التفكير عمقيا واستراتيجيا في إعادة التوازن أو على الأقل إدراك أبعاده،فالإنتصارات الصغيرة قد تكون مؤشرا على هزيمة مدوية،المتأمل في السياسة وحده القادر على إدراكها وتحديد خطورتها،ليس بحدس،أو تخابر،إنما هي الثقة في الفكر كوعي له القدرة الدائمة على رصد المؤشرات البعيدة،وتحليلها بعيد عن ضجيج الساسة المهووسين بمعارك آنية.إن الفكر عفيف في مساراته,خجول حتى وهو يرى المهرولين خلف المآثم مبتسمين,لايضره شيء,المتأمل ليس كائنا يلاحق أمجاد الساسة,أو يعاتبهم,أو يشي بهم كما يفعل الصحفي أحيانا,المتأمل في السياسة,يعنيه بلده ككل الناس والمواطنين,غير أنه لايلح في مقابلة السلطة,أو الصراخ في وجوه البوابين وحراس الكلمات النبيلة والصادقة,إنه ليس ريحا عاتية تعصف أو تهدد بدلك,هو فقط صوت خافت تكاد لا تسمعه إلا إن أمعنت فيه النظر ودققت,لاتنقصه الجرأة,لكنه منشغل بما تؤول إليه الحضارة,التي بدون دولة لا حياة لها ولا وجود,ربما لهدا السبب يبدو المثقف هو مشروع يحاول أن يكون هدا الفكر,وهدا هو سر صراع الساسة ضده وخوفهم الفطري منه,يتجنبونه ويتحاشون الإنصات له إلا لماما,عندما تفرض السلطة دلك,بل حتى هي إن ابتليت بصمم المعرفة تتحامل عليه,وتشعر بالقرف من كثرة تأملاته وصمته الصارخ وحتى تحديراته عندما التي تبدو دائما للساسة مملة,سلطة كانوا أو حتى معارضة,الفكر مدرك مند زمن لعدوانية السلطة عندما لا تجد من يصارعها كما تريد هي,هي لا تستطيع العيش بدون أعداء,لكنه تبحث عن خدام,والمتأمل في السايسة مؤمن بالصداقة حتى إن كانت سرا,لكنه لايصادق أشخاصا,بل أرواحا مرحة,تنصت وتحاول رصد الغايات وحساب الخسارات,فلكل اختيار ثمن,لاتدفعه الدولة أو السلطة,بل حتى المجتمع نفسه,السلطة ربما يحتاج إلى هدا النوع من النقد أكثر من المجاملات لتصير سلطة العقل والنماء,وهي لن ترضي المجتمع مهما اكتسبت من الصفات الحميد وحققت من المصالح والحاجات,لأن المجتمعات متحركة وسريعة الميولات وربما ناكرة لكل جميل بدت لها فيه السياسة والسياسيون.
حميد المصباحي.عضو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يحيط بمصير هاشم صفي الدين بعد غارة بيروت.. ما هو السينا


.. مصادر طبية: 29 شهيدا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي على ق




.. خليل العناني: المنطقة العربية في حالة اشتعال بسبب الإدارة ال


.. وزير لبناني يخشى -غزة ثانية- بعد القصف الإسرائيلي العنيف




.. بايدن يحضّ إسرائيل على عدم ضرب المنشآت النفطية الإيرانية