الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعترافات الشيخ احمد الكبيسي

رياض الأسدي

2010 / 9 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تبدو الآراء الجريئة التي يطلقها الدكتور الكبيسي (78عاما) من حين لآخر مثيرة للجدل لكنها مسموعة من قطاع كبير من الناس، فالرجل لا يتحرج عن الحديث من حوار الحضارات وأصول الدين حتى طبيعة الحور العين والولدان والنشوة الدائمة.. هذه الأحاديث وهي تكشف في النهاية عن عمق الأزمة التي تعيشها الأمة. فالرجل كان ولا يزال يصنف نفسه باحثا وداعية إسلاميا. لكنه داعية ليس من أولئك الذين يخرجون علينا بالفضائيات وقد ملئوا الدنيا عويلا وصراخا أيضا.
ولد الشيخ الكبيسي في الفلوجة تبعد عن بغداد مسافة 56 كيلومترا غربا ووقف الكبيسي خطيبا وعمره احد عشر عاما وفي زمن كان يستخدم فيه الناس الحمير في الركوب والفوانيس في الليل، وإذا ما سافر احدهم إلى بغداد يترك وصيته كأنه لن يعود إلى أهله. ولذلك هو يذكر الناس دائما بنعم الغرب التكنولوجية علينا. بيد أنهلا يتورع عن وصف الغربيين بالمتوحشين الاستعماريين أيضا! ويصف الكبيسي الشخصية العراقية بأنها (عقل جوال) وهو وصف دقيق لها فالعراقي باحث عن الأشياء والجمال والجغرافيا والغرابات بكلّ أشكالها. و هو يرى إن العناد الشراسة من لوازم العقل الجوال كما يرى الكبيسي. ويبدو إن الكبيسي لا يزال يعيش شخصية العراقي في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي إذ لم تعد تلك الصفات موجودة بشدة الآن.
يشن الكبيسي من وقت لآخر هجمات عنيفة على السلفيين المتشددين وعموم السلفيين وكذلك الأحزاب والجماعات الإسلامية وهو يرى عن معظم المشكلات التي يعاني منها المسلمون هي بسبب الإسلاميين وتسييسهم للدين. كما ينحو باللائمة على رجال الدين خاصة. ويرى إن الدين _ أي دين _ هو خالص لله تعالى وما الطوائف والمذاهب والأحزاب إلا نتاجا للمصالح الدنيوية البحتة بنسبة 99% وغرض هؤلاء ومآلهم النهائي هو ما يوضع في جيوبهم.. وهكذا قد وصفهم الكبيسي خير توصيف وهو الذي حدد بوضوح إن احدهم كان لا يملك مائة دينار وهو الآن من الطبقة الراقية حيث تبلغ ملكيته أربع مليارات دولار! من هو؟ لا يصرح الكبيسي بذلك لكنه يضرب أنموذجا واحدا فقط وما أكثر النماذج في العراق؟ ولذلك فإن الأمة في تدهور وانحدار دائمين بنظره. ومن هنا فإن التعددية في اللغات والأديان والسياسات هي ضرورات وسنن وضعها الله في خلقه. وإذا كانت اللغات لم تخضع للسياسية إلا قليلا فإن الدين بقي مطية لها منذ قرون طويلة.
كما هاجم الكبيسي الإسلاميون في أوربا وأميركا لأن أداء بعض الإسلاميين وليس (المسلمين) في الغرب سيّئ دنيويا بحسب هذا الفريق أو ذلك، فقد صبر الغربيون عليهم طويلا، مردفا بان الغرب بذلك يعبّر عن نفسه بصدق، وهو ليس ملزما بأن نفرض عليه شعائرنا وعاداتنا كما يرى الشيخ الكبيسي. وقد سجل بذلك موقفا جديدا يمكن الركون إليه في عملية صراع الغرب والشرق المزعومة.ورغم ذلك فإن الكبيسي لا زال أسير النظرة القديمة في ان الشرق هو مصدر الأخلاقيات في العالم والتاريخ. ومن هنا هو لا يريد ان ينظر إلا إلى الأخلاقيات الثابتة والمطلقة، في حين إن مثل هذه المفاهيم تخضع للنسبية عادة. فثمة أخلاقيات في الغرب كالحفاظ على الموعد وحفظ الأسرار تلقن إلى الأطفال في حين لا يرى في الشرق شيئا واضحا من هذه الأخلاقيات النسبية.
وتعد قضية الحرية والعدالة الاجتماعية من الأمور التي انتصر فيها الكبيسي للغرب واليهود على المسلمين فقال الكبيسي: "أنا أشهد الآن وأنا مسلم أنه في بريطانيا وفي أمريكيا وفي أوروبا وفي بعض دول أفريقيا .. وفي إسرائيل من العدل فيما بينهم مالا نملكه نحن المسلمين" ويبدو إن الكبيسي يفضل الكافر العادل على المسلم الجائر. فأين هو من الحديث :حاكم غشوم خير من فتنة تدوم!
والكبيسي أخيرا حزم أمره وأعلن صراحة إن صدام (مجرم) شكرا له ولصراحته. هذه الصراحة هي التي نحتاجها في هذا الوقت بالذات للتشخيص الدقيق والعمل أيضا. فلم يعد ثمة ما يمكن إخفاؤه عن الأمة في عصر الاتصالات السريعة هذه. وهذا التصريح ربما هو الذي يدعو بعض نقاد الكبيسي من وصفه بأنه (شيعي متخف!) خاصة وأنه لا يفتأ يصرح بأن المسلمين كانوا على مذهب جعفر الصادق جميعا.
وقال الكبيسي: أن الغناء بعضه حلال إذا كان الكلام محترما ويقال بشكل وقور ودون إسفاف ورقص ماجن، وضرب بذلك مثلا غناء أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب ومحمد عبده. الرجل ذهب بعيدا عن السلفيين وغيرهم من الأصوليين الذين يرون في الغناء حراما مطلقا. وهو الرأي نفسه الذي كان عليه سيد قطب حيث أباح الاستماع لأم كلثوم في وقته. وهكذا ثمة فروقا كثيرة بين الدعاة المسلمين والإسلاميين فقد أطلق الدكتور عائض القرني الداعية المعروف صاحب كتاب (لا تحزن) الشهير الذي بيعت منه مئات آلاف النسخ في السعودية وحدها جائزة قدرها مليون ريال لمن يجاري قصيدة من قصائده.. ما هذا البذخ يا شيخنا.. هذا المليون لو تبرعت به إلى منكوبي فيضانات باكستان..
ورغم ذلك قال الشيخ الكبيسي معترفا أنه ليس في بيته إنترنت وأنه يسمع به ولا يفهم طريقة عمله.. وقد حاول التعامل مع الإيميل وغيره من التقنية لكنه فشل فشلا ذريعا. مسكين شيخنا. لا يزال يجد صعوبات في التعامل مع الغرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - افكار
سمير فريد ( 2010 / 9 / 11 - 20:28 )
الاستاذ رياض الاْسدي عيد سعيد لك وللشيخ احمد الكبيسي ولجميع المشاركين في الحوار المتمدن ونتمنى ان يكون الشيخ احمد في بغداد لاْن المنصور تزهو به ان افكار الشيخ احمد دوما كانت تتصف بالصراحة وذلك لاْنه يعرف حركة المجتمع واين تتجه وعندما كان في بغداد كان يتكلم بين السطور ولكن الفراغ بينها ككان واضح كل الوضوح لذلك ترك العراق اْسوة بمن سبقوه ان الهجمة الاْرهابية التي تجتاح العراق اليوم لن تنتصر في نهاية المطاف وتاْريخ العراق يشهد بذلك واني اهيب بالشيخ احمد هو وكل الخيرين والذين يهمهم امر العراق وبالتالي امر المنطقة ان يستمروا بفضح كل افكار التخلف من اية جهة تصدر وتحت اي شعار ان العراقيين جديرين بان تكون لهم حياة تليق بهم


2 - شكرا للمتابعة
د. رياض الأسدي ( 2010 / 9 / 11 - 23:23 )
أود أن يعود الكبيسي إلى العراق ليعود إلى مشروعه الجبهة الوطنية الموحدة وإلى جريدته و إلى بيته مكان الشيخ في القلب قبل الأرض

اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل