الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


11سبتمبر:الحضور العسكري الأميركي المباشر للمنطقة وتناقص وزن إسرائيل

محمد سيد رصاص

2010 / 9 / 11
الارهاب, الحرب والسلام


يروي بوب وودوورد(في كتابه:"حالة الإنكار"،منشورات سيمون وشوستر،لندن2007،ص77)أنه في اجتماع مجلس الأمن القومي الأميركي باليوم التالي لهجمات 11سبتمبر2001،والذي تقررت فيه الحرب على أفغانستان،قام وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد بتوجيه السؤال الإعتراضي التالي للرئيس بوش:"لماذا لانذهب في حرب ضد العراق،وليس فقط ضد (القاعدة)؟...".
وفعلاً،فإنه بعد أسبوعين من سقوط كابول بأيدي الأميركان،قام نائب وزير الدفاع الأميركي بول وولفوفيتزبانتقاء(مجموعة تفكير)من اثني عشر شخصاً،من أمثال المستشرق برنارد لويس والكاتب في مجلة نيوزويك فريد زكريا والأكاديمي فؤاد عجمي ومستشار رامسفيلد ستيف هيربيتز، من أجل التداول("المرجع السابق"،ص ص ص83-84-85)،ليجتمعوا من يوم الخميس29تشرين الثاني2001ثم ليقدموا مذكرة للرئيس الأميركي يوم الأحد في سبع صفحات كانت تحت عنوان:"ديلتا الإرهاب"،وليستخدم في النص المعنى لكلمة ديلتا بإعتبارها "فم النهر الذي يخرج الأخير منه": "كانت المذكرة ذات وقع شديد على الرئيس بوش،مادفعه إلى التركيز على الطبيعة المؤذية- المهلكةmalignancy لمنطقة الشرق الأوسط"(ص85)،وقد عبَر هيربيتز عن روح المذكرة بالعبارة التالية:"نحن نواجه الآن حرب الجيل الثاني،ونبدأ بها الآن بالعراق"(ص85) الذي وصفته المذكرة بأنه "ضعيف وغير حصين "(ص85)وهو ماجعله "الطريق الأوحد لتحويل الشرق الأوسط"(ص85)،أومااستخدم الوزير كولن باول في بداية عام2003تعبير"إعادة صياغة المنطقة".
خلال التحضيرات للحرب الأميركية على العراق،كان المناخ السائد عند المعلقين الصحفيين في الصحف الاسرائيلية،رغم استفادة إرييل شارون من مناخات مابعد11سبتمبر لناحية استطاعة الاسرائيليين اقناع الأميركي الرسمي والعادي ب"توأمة تل أبيب وحيفا مع نيويورك كضحايا للإرهاب" و أيضاً استفادته من انشغالات واشنطن العراقية التي جعلت "التسوية "بحكم المنسية عند البيت الأبيض ماأعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي فرصة كبرى لخلق وقائع جديدة في الضفة الغربية ضد الفلسطينيين،أن إسرائيل قد أصبحت عنصراً "سيفسد الحفل الأميركي"في بلاد الرافدين إن شارك فيه أودخل إليه.
كان هذا الأمر آتياً من واقعة أن الحضور العسكري الأميركي المباشر إلى قلب منطقة الشرق الأوسط سيجعل وضعية تل أبيب في حربي1967و1982"غير ذات صلة"لمانفذت في تلك الحربين مهمات ذات طابع جوهري للمصالح الأميركية،وهو ماحصل أيضاً في حزيران1981لمادمرت إسرائيل المفاعل النووي العراقي:هنا،كان غزو2003الأميركي للعراق اعلاناً عملياً عن ماقاله ياسر عرفات في عام1991عن"أن انتهاء الحرب الباردة سيؤدي إلى نهاية دور حاملة الطائرات الأميركية التي اسمها إسرائيل"،مادام "الأصيل"قد حضر مباشرة لنزع "شوكه"من دون الحاجة إلى دور"الوكيل".
لم تكن المهمة التي وضعتها واشنطن أمامها في بغداد،وعبرها كبوابة"لإعادة صياغة المنطقة"،ذات طابع عسكري محض،وإنما كانت تحمل طابعاً أيديولوجياً،ربما كان أكبر تعبير عنه هو نص"مشروع الشرق الأوسط الكبير"( منشور في "الحياة"،13شباط2004)،الذي يحوي توجهات سياسية- اقتصادية- اجتماعية-ثقافية كان من الواضح أنها هي "خريطة الطريق"للدبابة الأميركية الآتية إلى الشرق الأوسط،وأن واشنطن،في حركتها العامة في مرحلة(مابعد بغداد)،لاتهدف فقط إلى كسب أنظمة لصفها،مع أنها آنذاك اصطدمت بسبب توجهاتها تلك مع أكثر من حليف بالمنطقة،,وإنما إلى كسب عقول وقلوب بالمجتمعات العربية،وإلى انشاء اصطفافات واستقطابات وتيارات أيديولوجية- سياسية موالية أومتلاقية معها (وضد تيارات محلية أيضاً)كماكانت موسكو تفعل مع الأحزاب الشيوعية الموالية واليسارية الحليفة:كان التقدير الأميركي آنذاك بأن ادخال إسرائيل في هذه العملية سيكون مثل سكب اللبن فوق صحن السمك ماسيجعله ليس فقط لايؤكل وإنما أيضاً مؤذياً ومضراً .
تغيَرت هذه الصورة الأميركية في عام2006مع بدايات تعثر المشروع الأميركي في العراق وأفغانستان،وبداية انفكاك التحالف الأميركي – الايراني في كابول2001وبغداد2003منذ استئناف طهران لبرنامج تخصيب اليورانيوم في شهر آب2005بسبب تقديراتها للضعف الأميركي المستجد ولقوة ايران الاقليمية الناتجة عن ماحصل إثر سقوط بغداد في يوم9نيسان2003:من هنا،أتى كلام الوزيرة رايس في الأسبوع الأول من حرب تموز2006الذي يصف الأخيرة"بأنها آلام مخاض ضرورية لولادة الشرق الأوسط الجديد" لكي يعيد صورة إسرائيل التي كانت مع واشنطن في حربي1967و1982.كان فشل إسرائيل في تلك الحرب مؤدياً إلى صورة جديدة مختلفة عن"ذلك المخفر الأمامي"عن ماكان عند الغرب الأميركي في أعوام1967و1981و1982وعند لندن وباريس في حرب السويس بعام1956. تكرر هذا الفشل الاسرائيلي في حرب2008-2009ضد قطاع غزة.
الآن،هناك،في إسرائيل،قلق عميق من ماهو موجود في الغرب الأميركي- الأوروبي من صورة جديدة عن تل أبيب في السنوات الأربع الماضية،وبالتأكيد فإن حماس إسرائيل الشديد لحرب ستشن هنا أوهناك في المنطقة هو من أجل تغيير هذه الصورة،تماماً مثل حماس محمد علي كلاي بعد هزيمته لأول مرة في شهر آذار1971 أمام جو فريزر لمباراة الرد.كماأن هناك خشية اسرائيلية عميقة من أن تدفع تل أبيب فواتير ضخمة ،ذات طابع مستقبلي استراتيجي،من تناقص وزنها الاستراتيجي عند الغربين الأميركي- الأوروبي،تماماً مثلما دفعت فاتورة كبرى عقب انتهاء الحرب الباردة لماأجبرتها واشنطن عل حضور مؤتمر مدريد (تشرين أول 1991)وفق مرجعيتي "القرار242"و" مبدأالأرض مقابل السلام"،ماعنى انتهاءاً لاستراتيجية "إسرائيل الكبرى"،وهو مافهمه إسحق رابين بعد خلافته لإسحق شامير عقب فوزه بإنتخابات كنيست تموز1992،وأيضاً كل رؤساء الوزراء الاسرائيليين اللاحقين بمافيهم شارون وناتنياهو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن