الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أميركا والطريق إلى الهاوية

سمير التنير

2010 / 9 / 11
بوابة التمدن



«لقد نشأت فقيراً، وكنت أقود سيارة قديمة، وأعيش على الوجبات المجانية. كان الانسان في أميركا يستطيع الخروج من حالة الفقر الى حالة أفضل. هكذا كانت طريق الملايين من الأميركيين. أما اليوم فنرى أشخاصاً يقودون سيارات يبلغ ثمنها 50 ألف دولار ويعيشون في شقق كبيرة. هذا كان من قبل». هذا ما يقوله وليم فينلي؛ واحد من الأميركيين العاديين.
طريق الأميركيين مختلف اليوم. انه الطريق الى اسفل. الطريق الى الهاوية. لقد خرجت أميركا من قبل، من كافة الأزمات الاقتصادية، خلال العقود الماضية، في كل مرة، أقوى من قبل. وسجل في الخريف الماضي صعود في النمو الاقتصادي. وعادت البنوك الكبرى تسجل أرقاماً قياسية من الارباح. وارتفعت اسعار الأسهم وعادت كما كانت اما أعداد الميلونيريه، فقد زاد بنسبة 17%. وأعلن 40% من أصحاب المليارات التخلي عن نصف ثرواتهم لأعمال الخير وذلك بعد موتهم.
على الرغم من استمرار الأزمة الاقتصادية لا يزال الأغنياء يزدادون غنى، والفقراء فقرا. والفجوة بين الإثنين تزداد اتساعاً. والحقد على «الناس اللي فوق» ينمو يوماً بعد يوم.
في الولايات الأكثر فقراً في أميركا يسود الاعتقاد ان الحالة تتدهور ويخشى الخبراء ان يظل الاقتصاد الأميركي ضعيفاً لسنوات عديدة قادمة على الرغم من برامج الدعم الحكومية التي لم تمس الكثرة الساحقة من الأميركيين.
يعتقد 70% من السكان ان الانحدار الاقتصادي مستمر. وليس هذا رأي الفقراء فقط، بل شرائح كثيرة من الطبقة الوسطى. لقد ضرب التراجع الاقتصادي الكثير من أصحاب المداخيل الكبيرة، والذين كانوا يؤلفون الكتلة الكبرى من الطبقة الوسطى. ويعتقد أربعة من كل عشرة من الأميركيين انهم لا يستطيعون المحافظة على وضعهم الاجتماعي.
وقد نشرت جريدة «نيويورك بوست» احصاءات عن وضع الطبقة الوسطى الذي يزداد تأزماً. وكتبت الصحافية اريانا هوفنغتون قائلة إن أميركا تنحدر لتصبح بلداً من العالم الثالث.
وفي الحقيقة فإن أميركا تعاني من أزمة اجتماعية طاحنة بعد أزمة العقارات، والأزمة المالية والاقتصادية، وأخيراً أزمة الديون. وعلى سبيل المثال تضاعفت نسبة البطالة ثلاثة اضعاف عما كانت عليه في أية ازمة اقتصادية واجهتها أميركا من قبل. ونسبة البطالة الآن هي 9,5% أي 15 مليون عاطل عن العمل. هذه هي الأرقام الرسمية. أما نسبة الذين يعملون جزئياً فتبلغ 17%.
يعتقد كثير من الأميركيين الآن ان «الحلم الأميركي» صار وهماً. فالوضع الآن هو كما يلي: فرص عمل قليلة، أجور زهيدة، عدالة اجتماعية مفقودة. كان الاقتصاد ينمو منذ شهور، لكن الفقر كان ينمو بسرعة أكبر. ويبدو الأمر بمثابة أزمة بنيوية تضرب الاقتصاد الأميركي كله. أما الأزمة المالية «فكانت نقطة التحول الى الأسوأ»، لقد غطى ارتفاع قيمة الاسهم والعقارات، والنمو الاقتصادي لمدة 30 عاماً، حقيقة عدم ارتفاع الدخل الفردي، ففي عام 1978 بلغ الدخل الفردي للرجال 45,879 دولاراً وفي عام 2007 بلغ ذلك الدخل 45,113 دولاراً فقط.
أين ذهبت النقود وأرباح الأسهم وأسواق المال، وارتفاع الناتج الاجتماعي بنسبة 11%؟ خلال 30 عاماً لم يترفع دخل الفرد إلا قليلاً جداً. ولم يتغير دخل 90% من الأميركيين بينما ارتفعت مداخيل السوبر ـ أغنياء ثلاثة اضعاف عما كانت عليه في عام 1973. وفي عام 1950 كان يبلغ راتب مدير الشركة 30 ضعفاً راتب العامل. أما الآن فيبلغ دخل مدير الشركة 300 ضعف راتب العامل.
لا تزال الفجوة بين المداخيل تثير حقداً مبعثه انعدام العدالة الاجتماعية. وفي الاقتصاد الأميركي الذي يعتمد على السوق الحرة المفتوحة يلقى باللوم على الفقراء ذوي المداخيل القليلة لعدم اغتنامهم الفرص المتاحة أمامهم. أما السوبر ـ أغنياء فيلقون المديح والتصفيق.
لم يجد السياسيون جواباً عن الحالة الاجتماعية المتردية في أميركا. هم ينتظرون فرص العمل التي لم تأت بعد. وحكومة باراك أوباما تنتظر ان يخرج الأميركيون من الأزمة الطاحنة بأنفسهم.
«في أميركا تطفأ الأنوار الآن»، هذا ما كتبه عالم الاقتصاد الفائز بجائزة نوبل بول كروغمان. إن أميركا الآن، لا تستطيع تحمل تكاليف إضاءة الشوارع. لم يعد للأميركيين نقود يشترون بها ما يريدون، وانخفضت اسعار عقاراتهم الى النصف، ولم يعد باستطاعتهم أيضاً الحصول على قروض رخيصة، وانخفضت رواتبهم، او لا يعملون على الاطلاق، ولذلك فإنهم عاجزون عن دفع الضرائب. وفي ولاية هاواي تغلق المدارس يوم الجمعة. وفي ولاية جورجيا أوقف النقل العام، وفي كولورادو تطفأ ثلث الأنوار في الشوارع.
لقد بلغت الأزمة الاجتماعية حداً ارتفع معه المشردون الى نسبة لم تصل اليها من قبل. وتمتلئ الكاراجات والأقبية والمستودعات بالساكنين الذين لا يجدون مأوى لهم.
ولإظهار انعدام العدالة الاجتماعية الكارثي في أميركا تورد الاحصاءات ان 1% من السوبر ـ أغنياء يحصلون على 37,1% من الناتج المحلي الاجمالي أما 80% من الأميركيين فلا يحصلون إلا على 12,3% من ذلك الدخل.





السفير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا