الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة الثامنة من سيرة المحموم في زمن الحمى (8 )

عبد الفتاح المطلبي

2010 / 9 / 11
الادب والفن


الحلقة الثامنة من سيرة المحموم في زمن الحمى ( 8 ) (الهذيان الثالث )

هذه ان الايام اكتشفت ان اخي الاصغر الذي يحضر لاجتياز الامتحانات العامة لبكالوريا الاعدادية محبط تماماً حتى انه يفكر بشكل جدي في ان يؤجل الاشتراك في الامتحان هذه السنة، قلت مشجعاً اقفز هذه العقبة، قال ساخراً العقبة في الاردن كيف اقفز اليها قلت لو انك استوعبت وتصورت ستقفز العقبة وتصل الى اسرائيل.. حينها لم اكن محموماً واكتشفت ان بعض الحمى انتقلت الى أخي.. الاصغر.
قال: في هذا الجو المتطرف صيفاً حيث تهاجر الطيور من نار الحر ويهاجر الاساتذة والاطباء والمهندسون من نار اخرى.. لا نجاح الا بطريقتين احداهما لا جدوى منها والثانية ربما تنفع، شعرت بالحمى تدب في جسدي.
قال: سمعت خبراً مؤكداً ان اجابات الاسئلة الامتحانية ستوزع مجاناً من قبل الوزارة بالتعاون مع اليونسكو.. دون ان يعلم بذلك الا المدير والمدرسين واثنين من كبار قيادات الوزارة لكن هذا ليس مهماً انما المهم ان لا تصل هذه الاخبار الى الفراشين والحراس والبوابين.. لانهم لو علموا ستحدث حرب اهلية.. قلت: من اين لك هذا وقد افزعتني الحرب الاهلية.. قال محاولاً نزع فتيل احتمال الحرب الاهلية.. ان هناك تنافساً وطنياً شريفاً بين غرب النهر وشرقه حول مستقبل شبيبة الوطن الشرقية والغربية.. الا تستوعب حساسية الموقف الوطني، منذ مئات السنين كان محدداً سلفاً.. اما الآن في زمن الحمى فلابد من اجراء تعديلات نزيهة لم يعد شيء محددا سلفاً لذلك جرى الاتفاق على تسريب الاجوبة الى الطرفين وكان اتفاقاً وطنياً على مستوى الوزارة لتهدأة النفوس وابداء حسن النيات.. عند ذاك تذكرت قصة الارنب الذي ولد في الغابة دون قائمين طويلتين و أذنين سماعتين.. ودون حذر الارنب البارع باختصار انه ارنب دون أرنبيته .. كان خائفاً من الاسد عندها قال له الأسد لا تخف مني يابني انا ابحث عن شيء اكبر عن حمار.. او ثور.. انت لا تغري اسداً احذر ابن آوى والضبع..
الهذيان مستمر ، قال أخي بشأن الامتحان تراني لست قلقاً..
عندها بكيت في داخلي.. بعدما علمت كم صرت مسلوباً مغلوباً..
قال أخي الصغير: لقد كففت عن هذياني المدفوع بتأثير زيادة غير متوقعة لهرمون الادرنالين المثير فأبدأ انت هذيانك.. قلت لارى اين انقطع الخيط لابدأ لكن امامي رؤوساً عديدة انقطعت من الخيط وعندما هممت ان امسك أحدها عرفت اين انفلت الخيط .. لقد قلت بان انفطار قلبي على ممرضتي العجوز لا ينطلي على خروف وجرنا الحديث الى ما جرنا اليه.. لكنني اشعر بسماجة محاولتي بين حين وآخر لتذكيركم بانه هذيان وهذا يحدث دائماً في زمن الحمى.. ومهما كانت الحال فأنني اعترف انني كذبت وللمرة الاولى وخجلت من كذبتي ، لانني لم أكن كاذباً قبل ذلك كانوا هم يكذبون لي، يصنعون الكذبة ولا يفكرون بقضية انطلائها او عدمه.. المهم انهم يصدقونها، ان انفطار قلبي كان قبل خروجي من المشفى.. كان بسبب الطبيبة المتدربة ذات العينيين العسليتين التي وقفت ازاء سريري آخر يوم والحمى تعلم بذلك قلبت اوراقي وتاريخي الطبي.. ورمقتني بعينين فتاكتين ، فانهار كياني في الحال وانفطر قلبي كان الجمع الذي في الردهة مشغولاً بحديث محتدم حول مريض اكل تفاحاً مستوردا بالامس ومات اليوم.. كيف يموت من يستطيع اكل التفاح الاحمر.. لاحظت من خلال اقامتي في المشفى ان هناك ارتباطاً جلياً هذه الايام بين الموت والفاكهة المجلوبة عبر الحدود وافران الخبز .. وعلى موائد المطاعم.. وربما سيكون موتي بعيون هذه الطبيبة المتدربة الفاتنة التي سجلت ملاحظاتها وانصرفت لا اعلم الى اين ولم استطع ان اشير لانفطار قلبي وكأنه صحن خزف مفطور توسلت بالاولياء والصالحين لاخي الكبير ان أبقى في المشفى لعلي اراها مرة اخرى ، لكن رئيس الردهة الغائب عن الفكرة كلها اصر على خروجي من المشفى بمصاحبة الحمى لي كظلي، عند ذاك لم يكن احد يفهم.. تركني اخي الكبير وهرب الى لصوصه على عجل والجميع ركب كل سيارته وغادر بسرعة مذهلة وكانهم يهربون من دنياصور داهم المنطقة.. اما انا وامي التي نسيت دائما نقودها فقد كلفت ابن اختها بايصالنا الى المنزل وكان يقود سيارته عبر الازقة الضيقة والخطرة هذه الايام بفعل القناصين وحيوان (الزيزب) الذي لم يظهر سوى مرتين في التاريخ، في ايام الامين والمأمون وهذه الايام.. لقد كان هذا الحيوان مختفياً في ادغال الخشخاش الافغاني وربما جلبه اخوتنا في الخالق والخلق الافغان الذين يتوفرون بكثرة هذه الايام وكان ابن خالتي يقود سيارته مثل شوماخر حتى انه كان يعتمر قبعته الموجودة في السوق العربي جنب العمائم الهندوسية والافغانية واشمغة عجلان واخوانه ، نحن شعب يدخل الينا كل شيء.. لاننا لا نملك أي شيء يخرج سوى البترول الذي يخرج ولا يدخل الينا.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص


.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟




.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و


.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا




.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف