الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عوامل نجاح الديمقراطية

ايمان محسن جاسم

2010 / 9 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الديمقراطية كما ظهرت في العديد من الأدبيات السياسية هي حكم الشعب للشعب، بمعنى بزوغ مرحلة جديدة تظهر فيها تيارات سياسية واجتماعية متعددة قادرة على التعبير عن خصوصيتها السياسية والاجتماعية والثقافية مع تعددية في الأحزاب السياسية.
فما بين التيار الداعي إلى تفعيل وزيادة قوة الدولة بوصفها "سلطة" سبيلاً لنجاح الديمقراطية، وما بين التيار الآخر الذي ينادي بضرورة تقليص هذه السلطة، لابد أن يكون هناك اتجاه وسط يعمل على تحقيق التوازن في كلا التيارين.
حيث أن استمرار قوة الدولة لا ينطوي على عنصر سلبي بشأن التطور الديمقراطي ومستقبله. فليست هناك علاقة ضرورية بين الديمقراطية وضعف الدولة، ولا بين السلطوية وقوة الدولة.
فالتطور الديمقراطي الناجح المستند على زيادة ورفع مستوى الوعي السياسي لقيم المشاركة السياسية الديمقراطية والبناء القانوني والمؤسساتي لمجتمع الدولة، يحتاج إلى مجتمع قوي ناضج وحديث، ولا يتعارض على هذا النحو مع وجود دولة قوية، بل على العكس يحتاج نجاح التطور الديمقراطي إلى وجود دولة قوية ولكنها منفتحة وحديثة. على أن ما نقصد به من وجود سلطة قوية للدولة هنا ليس بمعنى ممارسة التعسف والإكراه واستخدام القوة والقهر، وإنما سلطة قوية تمتلك عناصر قوتها من الشعب الذي يدعم هذه الدولة بمعنى آخر أن تكون الدولة مع المواطن في تحقيق الأهداف ومنها الديمقراطية.
فبعض عمليات التحول الديمقراطي والمراحل الانتقالية فيها قد تحمل أحياناً في البلدان ذات المجتمعات التعددية مخاطر الانقسام والنزاعات الأهلية، وضعف الدولة يمكن أن يؤدي إلى تدعيم الانتماءات الأولية العائلية والعشائرية والدينية أي الانتماءات الأدنى من الانتماء للدولة. ولا شك أن شيوع هذه الانتماءات يقلص احتمالات التطور الديمقراطي لأنها ترتبط بثقافة غير ديمقراطية، تقوم على التعصب وليس على التسامح، والانغلاق لا الانفتاح، والجمود بدلاً من المرونة وهكذا.
فالمسألة المهمة عند تناولنا لأصول ومفاهيم الديمقراطية تكمن في الآليات التي يمكن أن تطبق فيها الديمقراطية. فهناك اختلاف كبير بين الديمقراطية الغربية القائمة على التجاوز غير المحدود للأفكار والعادات والتقاليد، وبين الديمقراطية القائمة على أسس ومبادئ ثابتة .
ففي المجتمعات الغربية تعتبر الديمقراطية ظاهرة عامة بمعنى أعطاء الحرية بكامل أشكالها سواء للرجل أو المرأة. أما الديمقراطية في بلداننا فهي تختلف، إذ تتحدد بعوامل مقيدة في مقدمتها بالتأكيد التعصب سواء القومي أو الديني الذي يشوه نتائج الديمقراطية ويجعل من الجميع أقليات في البلد ويضعف دور الدولة كبناء ثابت .
كما أن نفس هذا العامل (أي ضعف الدول) قد يغري بعض القوى غير الديمقراطية لاستخدام الوسائل التي تتيحها الديمقراطية كمجرد وسيلة للوصول إلى السلطة ثم الانقلاب على الديمقراطية ذاتها قبل أن يتعمق الالتزام بها.
ويعني ذلك أن ضعف الدولة يرتبط غالباً بانتشار ثقافة غير ديمقراطية، فضلاً عما يمكن أن يؤدي إليه من زعزعة النظام العام وبالتالي إشاعة الفوضى أو عدم الاستقرار في المجتمع. الأمر الذي يقف حائلاً أمام التطور الديمقراطي. وبالتالي فان قوة الدولة ضرورة ملحة لهذا التطور وليس العكس. والدولة القوية في النهاية ليست مرادفة للدولة التسلطية، ونقصد بالدولة القوية هنا هي الدولة التي تمتلك عوامل وأدوات القوة سواء من الناحية الاقتصادية أو البشرية أو العسكرية أو الأمنية وغيرها.
وفي تجربتنا الديمقراطية في العراق لازالت هنالك ثمة مخاوف متبادلة قائمة بين الأحزاب والقوى السياسية، فكل منها يخشى احتكار الآخر للسلطة إذا وصل أليها. ويتمثل ذلك في الخطاب السياسي لمختلف الاتجاهات السياسية وهذا متأتي من ضعف البناء الديمقراطي وعدم رسوخه في أذهان البعض كطريق لبناء الدولة .
والشيء الآخر هو عدم وجود تنمية اقتصادية فالجميع يعرف إن ارتفاع مستوى المعيشة ضروري لزيادة المشاركة السياسية، ولا يعني ذلك قبول النظرية القائلة بأن الكثير من معدلات النمو الاقتصادي خلال العقود الأخيرة قد تحققت في ظل حكومات غير ديمقراطية. ولكن التجارب توضح أن المشاركة السياسية تزداد بزيادة وتحسن الأداء الاقتصادي واتساع حجم الطبقة المتوسطة وارتفاع مستوى التعليم وبالتالي الوعي العام.
من هنا يمكننا أن نستنتج بأن الديمقراطية ليست مجرد مؤسسات سياسية أو انتخابات أو تعددية حزبية، بل هي أيضاً تحولات عميقة في بنية المجتمع وفي الثقافة السياسية السائدة وبالتالي فالديمقراطية هي عملية بناء وتأسيس تبدأ بالإنسان أولاً، وهذا يعني أن مقاربة الديمقراطية في بلد ما يجب ألا تقتصر على التمظهرات الخارجية للمؤسسات السياسية، بل يجب الغوص داخل البنى العميقة للمجتمع وقواه الفاعلة الظاهرة والخفيفة للتعرف عما إذا كانت قد تمثل قيم الديمقراطية أم لا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشكر -اضافة
مهندس احمد سعودى ( 2011 / 10 / 29 - 22:03 )
اشكرك على هذة المعلومات واتمنى ان اضيف مايلى ديمقراطية بدون نظام قوى وفعال ومحدد المهام والمسئوليات سوف تصبح فوضى مع وافر الشكر والتقدير

اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب