الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حفنة من تراب 1

لطيف الحبيب

2010 / 9 / 12
حقوق الانسان



حفنة من تراب (1)
وداعا
للأغبياء إذ ينظّرون
للقادة الذين ما قادوا سوى أوهامهم
للأحمق الذي يرى أصابعي
- حين أشير إلى القمر- ولا يرى القمر-

قصائد – الشاعر فاضل السلطاني 1982

حين يكون التجاوز

التجاوز الأول : عنف و عسف المفردة
حدثني صديقي " ألا تتوقف عن هذا الجنون ؟" صديقتك المولعة فيك حد الدمع وحيدة عند اشراقات شمس آذار الأولى , وتلهث أنت متأبطا بعض الأخبار وراء محطات مترو برلين , بعد أن أمضيت يومك في مدرسة للأطفال المعوقين , أطفال من عالم أخر , يقولون عنه عالم مجنون , يسكن عند حافة المجتمع المتحضر لا يعرف غير الألفة والهدوء والسكينة ومفردتهم تقطر حبا تحدق في عيونهم طويلا عالم نقي صافي كفطرتنا , من سراديب التاريخ يخرج عليك البعض من بني قومك قساة غلاظ تتجاوز أعمارهم حدود الحكمة, ينهالون عليك بمفردة عراقية مشينة نابية, اعتنوا بنحتها لتختزل كل الرذائل, من أين تعلمتم يا أبناء قومي قذف الأخر بمفردات ونعوت قاسية موحشة ؟ لغة لا تمت للإنسان بصلة .. من أين تسربت لنا هذه المفردات؟ من القران أو نهج البلاغة ! من ماركس أو انجلز ! أو ربما من خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء. مفردات عنيفة متعسفة مسعورة تمرغ وجه الإنسان بالوحل . لم اعد تلقائيا في حديثي مع الأخر العراقي , متوجسا اختار جملتي بدقة لئلا تؤول , أو اركن إلى الصمت خوفا ورعبا من أن تنهشك عيون لا تعرف غير الزيف والرياء وقسوة وعنف المفردة ودقة توظيفها . أحبتي لقد قننتم حريتي .

التجاوز الثاني : استسهال
تجالس قامات ثقافية عراقية في برلين عامة القوم , لكنهم وفي غفلة من امرنا اختفوا في زوايا غرفهم الدافئة , وحلموا " متى تعود بغداد حيث المعلم في مدرسته , والموظف في دائرته , والمحامي في مكتبه, التاجر في متجره ,البقال في بقاليته , الخباز في مخبزه , والسمكري في ورشته , والشاعر في صومعته , والشيوعي في مفارق الليل مع خليته , وحين يجن ليل بغداد, تتقاذفهم النوايا , وتحثهم خطاهم في مفترقات الطرق السالكة نحو البارات والنوادي والجمعيات والاتحادات والمقاهي, الكل يشرب من نفس الربعية مسيح أو عصرية , فريدة أو شهرزاد , أواخر الليل تثقل كل الرؤوس , وتبتهج باجة الحاتي . لكل هذه المجتمعات لغتها ومفرداتها السائدة , لكن برلين لغة واحدة سائدة .. لغة استسهال الأخر.

التجاوز الثالث: شجرة اللبلاب
عن الانتماءات بكل تنوعها , أطلق دكتاتور على مدينة عراقية جنوبية تسمية الشجرة الخبيثة , ربما كان يعني شدة فعلها المقاوم ضد نظامه , تأصلت هذه التسمية وأصبحت أفقا واسعا كأفق الكوميديا السوداء , لكن السوداوية فيها لم تأت من إعلام النظام فقط, بل من بعض مقاومي النظام . إنها النكتة السوداء التي تحفز في الذهن العراقي المنفي سياقات من الفكاهة, تحولت إلى مفهوم يستند إلى تسميته الأولى التي جاءت على لسان طاغية أوغل في قتلنا ولا يفارق حتى اليوم أحلامنا الباهتة . ألا نتوقف قليلا عند هذه النكات السمجة التي اتسعت جغرافيتها وشملت العراق عربا وأكرادا وسنة وشيعة , ونفهم إنها تحريض ضد المدينة والإنسان وخدمة مجانية لفعل قبيح مقصود ثلاثي الأبعاد طائفي , عشائري , سياسي .
ا
لتجاوز الرابع: أمراء
حدثني صديقي الجزائري العربي بوهبتون " في قرية في صحراء الجزائر تعج بالحمير لنقل الماء والمسافرين ومواد البناء , قرر أهل القرية أن يجعلوا من قريتهم إمارة , اجتمع القوم واختلفوا .. من يكون الأمير ؟ احتدم النقاش وطال ولم يتفقو , تفرق أهل القرية , صرخ بهم شاب في مقتبل العمر " يا أهل القرية دعوها إمارة ونكون كلنا أمراء لها " , رفع احد شيوخ القرية عصاه قائلا " ياسادتي إذا أصبحنا كلنا أمير , فقولوا لي بالله عليكم من يسوق الحمير ؟ .
من أين نأتي بمرجعية اجتماعية مثل شيخ القرية لتضع حدا للتجاوز








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالحبر الجديد | نتنياهو يخشى مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة ال


.. فعالية للترفيه عن الأطفال النازحين في رفح




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - اعتقال عشرات المؤيدين لفلسطين في


.. العربية ترصد معاناة النازحين السودانيين في مخيمات أدرى شرق ت




.. أطفال يتظاهرون في جامعة سيدني بأستراليا ويدعون لانتفاضة شعبي