الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لن اذهب الى البحرين هذا العيد!

وجيهة الحويدر

2010 / 9 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


سمعتُ رنين الهاتف وانا مشغولة في إعداد وجبة الإفطار لعائلتي في آخر ليلة من رمضان. أتجهتُ لناحية الهاتف برغبة الرد على المتصل، اثناءها طلبتُ من ابني الأكبر "عماد" ان يُكمل قلي اللقيمات، وخففت على حرارة "الهريس" ومن ثم التقطتُ السماعة وبادرت بالسلام.

كانت على الخط الثاني صديقتي "نورة" وبعد ان ردت علي التحية، سألتني السؤال المعتاد في كل عيد:

- هل ستذهبين الى البحرين هذا العيد؟

لم اكن مثل كل مرة مترددة هل اذهب ام لا. خاصة بعد ان اصبحت البحرين مزدحمة جدا، حيث تحولت الى مكان تنفيس لكل السعوديين بسبب قربها وسهولة السفر اليها.

كان الأمر بالنسبة لي محسوماً وواضحاً هذه المرة، والقرار اتفقت عليه مع زوجي واولادي منذ فترة طويلة من حلول العيد، فأجبتها بكل ثقة:

_ لا، لن اذهب الى البحرين هذا العيد!

انهيتُ مكالمتي معها بالسلام، وعدتُ الى المطبخ لإنهاء بقية الاكلات الرمضانية قبل ان يحل موعد الإفطار.

صديقتي "نورة" لم تتساءل كثيرا عن أسباب عدم ذهابي الى البحرين، لأنها تعرف الإجابة من قبل، كان اتصالها ذاك هو المحاولة الأخيرة منها لكي تدفعني ان أعدل عن رأي.



البحرين بلد شقيق وشعبه طيب، لكن الاسباب التي كنت اذهب من اجلها الى البحرين تغيرت تماما في هذا العيد.



كنت اذهب الى البحرين لإقتناء الكتب، الآن في السعودية لا يوجد كتاب يُمنع او يُصادر، فقد صدر قرار بإلغاء وزارة الاعلام، والإكتفاء بوزارة الثقافة، وعُدّل فيها جميع القوانين واللوائح الخاصة بالمطبوعات، وسُمح للجميع بحرية التعبير عن الرأي، وقبول التعدد الفكري، ولم تعد وسائل الاعلام بكل انواعها ترضخ للرقابة الحكومية، والمكتبات صارت منتشرة بعدد مراكز التسوق المتواجدة في المدن والحارات.



كنت ازور البحرين من اجل ان أقود سيارتي واتبضع بحرية في الاسواق بدون ان اشعر انه ثمة رجال الهيئة تلاحقني وتتبع خطواتي، وتحرمني من ابسط حقوقي وهو ان اشعر بأمان في تنقلاتي. الآن لم يعد ثمة اثر لوجود اولئك الرجال الأشاوس، الذين يتجسسون على الناس وينغصَون عليهم حياتهم، حيث قامت وزارة الداخلية بتوظيفهم في صفوفها من اجل ملاحقة الفارين من العدالة، والارهابيين، ومروجي المخدرات.



كنت اذهب الى البحرين من اجل التمتع بالحرية الدينية والتسامح بين شتى اصناف الأديان والطوائف، حيث كان بإمكاني ان اتوجه في البحرين الى اي معبد او كنيسة او حسينية او مسجد والاستماع أو الإطلاع على ما يجري في دور العبادة تلك، لزيادة معرفتي بجميع الطقوس والثقافات الدينية الجميلة. الآن في السعودية صار التسامح الديني وقبول الآخر نهج الدولة، بعد ان صدر القرار الملكي السامي بخصوص الحريات الدينية، وصار كل دين ومذهب معترف به، وله ُصرح او معبد في مختلف مدن السعودية، وبات السعوديون يتعاملون مع معتنقي الاديان الأخرى بالمحبة وبذوق رفيع منبثق من عمق التسامح الاسلامي.



كنت اذهب الى البحرين من اجل المشاركة في نشاطات المؤسسات المدنية والحقوقية هناك، وحضور الدورات التدريبية لزيادة معرفتي بسبل المطالبات السلمية الحقوقية، لكن الآن في السعودية، اقرت وزارة الشئون الاجتماعية بالسماح بإنشاء مؤسسات مدنية وجمعيات أهلية لحقوق الانسان، وسمحت بتشكيل الاحزاب السياسية والنقابات العمالية لحماية المواطن والمقيم على حد سواء. وايضا وزارة العمل ألغت نظام الكفيل، والحكومة اقرت بميثاق حقوق الانسان العالمي بدون اية تحفظات.



كنت اذهب الى البحرين من اجل حضور المهرجانات الثقافية، والافلام السينمائية، والإحتفالات الموسيقية، والمعارض الفنية التي تُقام في المناسبات، حيث يأتي فنانون وكُتاب وادباء ومفكرون وفرق عالمية من شتى بقاع الارض، من اجل ان يطلعوا الناس على فنونهم وثقافتهم وابداعهم في البلد الحاضن. الآن مع الانفتاح الجميل الذي تنعم به السعودية، والذي اقرت به جميع مؤسسات الدولة، اصبحنا نبراساً يُقتدى به في الشرق الاوسط من حيث الاحتفاء بالشعر والثقافة والادب وكل الفنون الابداعية، فالمتاحف، والمسارح والدور الثقافية والسينمات باتت جزء من التكوين الاجتماعي السعودي الحديث. وصارت وزارة التعليم اكثر انفاتحاً واريحية على المناهج التعليمية الآخرى، ولم يعد احد من السعوديين يرسل بناته وأولاده الى البحرين للدراسة في المراحل الاساسية، ولا حتى الجامعية.



كنت اذهب الى البحرين لأحس اني امرأة راشدة ومسئولة وحرة، ولو ان ذاك الشعور كان محدوداً بفترة مكوثي هناك، لكن الآن في السعودية بعد ان ألغيت سُلطة المحرم بقرار من وزارة العدل، ورُفعت الوصاية عن المرأة الراشدة، واعتمدت مدونة الاسرة، وصادقت على وثيقة "سيدوا" بجميع بنودها التي تمنع التمييز ضد المرأة، منذ ذاك الحين وأنا اشعرُ بأني في بلد يحترمني ويقدرني ويعاملني كأنسانة.



وانا اتقلب في فراشي، فجأة رن الهاتف في صباح يوم العيد، فأستيقظتُ من نومي والابتسامة مازالت ترتسم على تقاسيم وجهي من ذلك الحلم الجميل، واذا بصديقتي "نورة" تتصل بي لتخبرني من جديد بخطة السفر الى البحرين. حيث كنا قد قررنا القيام بها مع ازواجنا وأولادنا من اجل الاستمتاع هناك بثلاث ايام العيد، بعيدا عن الرقابة الشديدة، والكبت الخانق المتفشيان في كل مدن السعودية وشوارعها، واللذان يمارسان على الناس بأغلال مايسمى"بالخصوصية السعودية"، او بسوط الدين البديل....



قمتُ بالاستعدادات اللازمة للرحلة، وانطلقنا جمعياً مع عائلتي وعائلة صديقتي "نورة" الى "جسر الملك فهد" المكتظ بالسيارات، حيث الانتظار تجاوز الثلاث ساعات، وأنا مازلت احلم مع كل السعوديين بذلك اليوم الذي لا يدفعني فيه بلدي الى ان اذهب الى البحرين في العيد!ا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حلم جميل
مازن صلاح ( 2010 / 9 / 13 - 19:32 )
استاذه وجيهة....بآي حق يقرر بعض من الناس (مع شكي الكبير في قدراتهم الفكرية) ماذا علبي ان افعل و كيف امضي هذه السنون من عمري... بغض النظر عن صحة اسلوبهم او اسلوبي في العيش فهم يعيشون كما يحبوا فلماذا انا لا يمكنني ذلك!!!!!! تحياتي لك وجيهة


2 - سيدة وجيهة أهلا بك بعد هذه الغيبة
Jenny Hayek ( 2010 / 9 / 14 - 03:36 )
بالفعل حلم جميل ..قبل ان أكتشف أنه حلما
امتلأت نفسي دهشة وانا مسرورة جدا لما كنت أقرا
وكنت أتساءل متى حدث هذا التطور في السعودية؟؟؟ وكاد قلبي يطير فرحا
لكن الفرحة للأسف لم تطل وعاد التشاؤم ملاأ نفسي
بعد ان عرفت انه كان حلماً
لك كل التقدير مع التمني أن يصبح حلمك حقيقة


3 - أمنيات
عبد الرضا حمد جاسم ( 2010 / 9 / 14 - 04:29 )
السيده الحويدر المحترمه
تهنئه بالعيد وتحيه
وأنا أقراء ما كتبتي تحفزت للرد ولكن فقت مفزوعاً فرحاً لأجد نفسي في حيره ماذا سيكون لو لم يكن ما كتبتي حلم
تقبلي تقديري وأحترامي


4 - أمنيات
عبد الرضا حمد جاسم ( 2010 / 9 / 14 - 04:29 )
السيده الحويدر المحترمه
تهنئه بالعيد وتحيه
وأنا أقراء ما كتبتي تحفزت للرد ولكن فقت مفزوعاً فرحاً لأجد نفسي في حيره ماذا سيكون لو لم يكن ما كتبتي حلم
تقبلي تقديري وأحترامي


5 - كامل التعاطف
اقبال حسين ( 2010 / 9 / 14 - 09:30 )
كامل تعاطفي معكم،لايستطيع انسان ان يتخيل ان ماذكرتيه مجرد احلام تتمنين تحقيقها،هذا يعني انكم تعيشون داخل سجن.


6 - أهلا بك أختنا وجيهة.
جلال البحراني ( 2010 / 9 / 14 - 11:18 )
أهلا بك أختنا وجيهة.
أهلا بك معلمة لنا في البحرين، و بطلة تشعل شموع ظلامنا في هذا الخليج المعتم.
خنقتني العبرة!! و أنا أقرأ المقال و أقارن نفسي أذهب للسعودية لشراء زيوت السيارات و قطع الغيار، لي و لأصدقائي لتصليح سياراتهم ( حرفة أجيدها أيضا!) لرخص سعرها في السعودية مقارنة بالبحرين!
كتبت رد مطول، و لكنه ضاع، فلم أبدل البروكسي للدخول لموقع الحوار المتمدن فظهر لي
الموقع محظور

هذا الموقع مغلق لمخالفته الأنظمة والقوانين في مملكة البحرين.
إن كنت ترى أن هذه الصفحة ينبغي أن لا تُحجب تفضل بالضغط هنا.
كل له ليلاه يبكي عليها!


7 - كدت أصدق هذا الحلم
جعفر منصور ( 2010 / 9 / 14 - 12:25 )
الأحلام لا تتحقق في الظلام . ومعا ذلك كان حلم جميل سيطول تحقيقه


8 - حلم لاح لعين الساهر
حنان بكير ( 2010 / 9 / 14 - 14:42 )
اذا كانت اول الطريق خطوة، فر بما تكون بداية التغيير حلم.. فلا أقل من ان نحلم.. وربما نلتقي في ذات حلم. تحياتي


9 - السيدة وجيهة العزيزة
- المحامي جريس الهامس ( 2010 / 9 / 14 - 21:38 )
كنا نأمل أن يكون حلمك خقيقة علّه ينعكس على النظام الأسدي في سورية الذي يعتقل ويعذب حتى الموت كل من يقول لا أوكل من يصل لقراءة الحوار المتمدن المحجوب في البلدين التوأمين بالديمقراطية - سورية والسعودية --حتى حذف شعبنا حرف السين نهائياً من كلامه لأن الإستبداد المزمن إغتصب السينات كلها ولله في خلقه شؤون يا عزيزتنا -- المصيبة واحدة س س


10 - احلمي كما تشائين
حسين محيي الدين ( 2010 / 9 / 14 - 21:49 )
ستبقى السعودية رائدة للتخلف والاحادية لعقود قادمة وليس لشعوب الحجاز الا أن تحلم


11 - عيد بأي حال ...
ماجد البصري ( 2010 / 9 / 15 - 11:31 )
قبل أن اتمم قرائتي لمقالك هيأت نفسي أن أرد عليك بتهنئة وأبارك لك كفاحك في ترويض التوحش في بلدك , وكنت , ولازلت من متابعي (حركة الاصلاح )في الجزيرة العربية .عليه لابد أن يصبح الحلم حقيقة , لان هذه هي أحلام الشعوب , بل الحد الادنى من التمنيات ,لابد أن يصح الصحيح .مع التمنيات الطيبة بالعيد .


12 - مااطولك ياليل
أمل منصور ( 2010 / 9 / 15 - 13:34 )
صدقتي وشكر


13 - تحية وتقدير
سعاد خيري ( 2010 / 9 / 16 - 09:42 )
ستبقى السعودية قي طليعة الانظمة الرجعية والاداة الفعالة لاقطاب الراسمالية في استعباد الشعوب وتضليلها اذا لم نحلم ونحن نعيش في عصر يتيح لنا ان نشرك البشرية باحلامنا فالاحلام كانت وستبقى الخطوة الاولى في الكفاح الوطني والعالمي في مواجهة اعداء البشرية فلتكن احلامك محفزة لاحلام الملايين ومنطلقا لطاقاتهم في الكقاح من اجل تحقيق اجمل وارقى الاحلام لك ولعموم البشرية


14 - اعتقد ان ما تدعين اليه هو عين التخلف
عائشة اسامه العسوي ( 2010 / 10 / 22 - 07:57 )
اعتقد ان ما تدعين اليه هو تبذل المرأة وعين التخلف والحماقة نعم انت تريدين التبرج والسفور والتبذل الله يعطيك ما تستحقي


15 - عائشة العسوي
امل محمد الروقي ( 2010 / 11 / 9 - 22:29 )
ما اقول يا عائشة غير الله يخلف على المخ اللي انتي شايلته تبين تموتين وانتي عبده لهم موتي بكيفك لكن احنا ما نرضاها لأن احنا ولدنا احرار وسنعيش احرار وبإذن الله نموت احرار اغمسي نفسك في الذل كما تشائين فلا احد سيقول لكي اخرجي تبرجي فليس لأحد حاجة بك

اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة