الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقراط ... العمل بحماس من أجل كمال النفس

قيس مجيد المولى

2010 / 9 / 13
الادب والفن


يولي اليونانيون القدماء أهمية إستثنائية للتاريخ السياسي والإجتماعي . وقد أدى ذلك بالمؤرخين في وصفهم لما يجري في بلادهم أن يسهبوا بالحديث عن الذين برزوا في هذين المجالين وقلما أو بالكاد أن يذكروا ضمن واجهات ذلك الصراع المفكرين من الكتاب والفنانين ولذا فإن محاكمة سقراط قد دخلت في الإتجاه السياسي والإجتماعي والتي خلفت فيما بعد جدلاً كبيراً حول مشروعية الحكم عليه بالموت . ولد سقراط في أحد الأقاليم المتأخمة لأثينا للعام 469ق.م من والدٍ ينحت الحجارة ووالدةٍ تجيد فن التوليد وقد ألهمته مهنة والدهُ(النحت) أن يسير بهذا الإتجاه في بداية شبابه لينشغل بهذا الفن فترةً ليست بالقصيرة وأستطاع من أن يلم بمكونات هذا العمل ويبدع فيه حيث ذكر الذين لازموه تلك الفترة بأن سقراطَ قام بتنفيذ مجموعة من التماثيل الصغيرة التي تجسد الإلهه عند اليونانيين والتي تسمى (الكاريت) ولأهميتها فقد كانت توضع أمام مدخل معبد الإكروبول وقد إنقسم المؤرخون حول المام سقراط بالنحت وقيامه بنحت هذه التماثيل تحديداً بين فريق يؤيد صحة هذا العمل وإجادته وفريق أخرَ أعتبر ذلك نوعاً من الميثولوجيا . ولابد من الإشارة إلى أن الفلسفة التربويه اليونانيه تولي أهمية لتربية الشباب اليوناني وكانت مناهجها تنسجم مع التوجهات الأثينيه حيث كانت التربيه الأساسيه المنهاج الرئيس لإعداد الشباب والذي يتضمن الموسيقى والتربيه البدنيه وكانت الموسيقى تُعَلَم بإتجاهين الإتجاه الأول والذي يشمل الإعداد الموسيقي لتعلم العزف على الناي والقيثاره ثم الغناء والرقص والذي يستند أصلاً على البطولات والمأثر وتمجيد القاده ومعارك أثينا مع الفرس في أواسط أسيا وسيطرة الأثينيين على شرق البحر المتوسط والإتجاه الأخر في تعلم الموسيقى هو الإهتمام باللغه أي دراستها وتعلمها وكان ذلك الإهتمام منصباً على حفظ نصوص الشعراء الملحميين والشعراء الغنائيين ( هوميروس _بيندار ) لان هذه الأعمال أحد وسائلهم لتثوير الحماس لدى النشئ للاعتداد بإنتمائه وبالتالي إستعداده التام للتضحية في سبيل أمته أما برنامج التربية والتعليم فغضافة غلى مايتم تعلمه من علوم الحساب والهندسة فهناك الإهتمام بالجانب الجسدي أي التربيه البدنيه (المصارعة- السباقات- الرمي- إجتياز الحواجز- المطاولة ) وغيرها من الفعاليات البدنية والتي تنمي أساساً حب المواجهة والدفاع عن الوطن والنفس ولقد كان سقراط ضمن ذلك المناخ التربوي والذي طغى فيه الإتجاه الأول الذي ذكرناه من تلك الفلسفة التربوية . أما حياته العائلية فلم تمر بسلام فقد كان يعيش بمشاحنات يوميه مع زوجته بسبب إستياء الزوجة من زوجها الذي يقضي اليوم بكامله في شوارع أثينا وأسواقها وساحاتها بدافع الحصول على المعرفة من خلال المجادلات التي يجريها مع أصدقائه ومعارفه ومن يراهم في تلك الأماكن حتى إن هذه المشاحنات قد تعمقت في نفس زوجته لتنقلب إلى سلوك شرير بدءاً من وصف زوجها بأوصاف غير لائقة فتنعته تارة بالثرثار وتارة بالكسول وأحياناً ترمي عليه النفايات أو تقلب من أمامه مائدة الطعام إلى قيامها بطرد أصدقائه الذين يأتون إليه لإحياء حلقات المجادلة وإستكمال حواراتهم التي لم يستكملوها ورغم ذلك السلوك فإن معاصري سقراط (أكسينوفان وأفلاطون) يشهدان على أن (أكزانتيت) وهو إسم زوجة سقراط كانت إمراءة محترمة وأمراءة مُحبة تسعى لتربية أولادها والقيام بالواجبات الأسريه المطلوبة ولم تجد في سقراط ماينسجم مع طبيعتها تلك ولعل الغرابة حين سئل سقراط عن سبب هذا الإختيار الصعب فقال بانه إمتحان لي فإذا ماتحملتها فسوف أتحمل التعامل مع الناس الأخرين . لقد ركز سقراط في فلسفته في البحث عن الحقيقة وتلك التي تسمح بتعريف المفاهيم الأخلاقية بإبراز السمات العامة والأساسية لمفهوم ما أي تلك السمات التي تفسر الماهية ليقدم ذلك بطريقة الأسئلة والاجوبة ويتجه في كشفه للحقائق من أن إختيار المفهوم العام شئٌ معقد لذا يقترح على الأخرين الأخذ بأحد أركان هذه الحقيقة المراد الوصول اليها وهذا ماطبقه في حواراته عن (الفضيلة- الشجاعة- الحكمة ) وغيرها من هذه الحقائق . لقد رائ سقراط إن المعارف تسمح للانسان أن يمتلك سلوكاً حكيماً يستطيع من خلال هذا السلوك تفجير قدراته ويستخدم بدراية كامله طاقاته الماديه ومواهبه العقليه وميوله ورغباته لذا فان سقراط قد إستنتج بأن المعرفه تعني (الخير ) وإن الجهل يعني (الشر) ونصح بأن يعمل المرء بحماسه من أجل إكتمال النفس وإن إختراقاً فكريا وأخلاقياً للأنا قادرٌ بأن يصل بالانسان إلى الحياة السعيدة الفاضلة لذلك فقد وضع الجسد وأفعاله في البون الأخر حين دعا الإنسان بمقولته الشهيره (إعرف نفسك بنفسك)
أما في محاكمته فقد تصرف كمعلم لمحاكميه داعياً مواطنيه إلى السمو بالفضائل الروحية وجعلها فوق مستوى الفضائل المادية ولم يتنكر سقراط لروح المبادرة لدى الأثينيين في تعزيز قوتهم ومضاعفة ثرواتهم ولكنه يعتقد إن إزدهار المدن يقوم على غنى الحياة الروحية ولايقوم على ركوب المراكب وأجتياز الأسوار وأمور أخرى ودعا إلى خلق المواطن ( النخبة ) ووصف توجه الدوله بعكس ذلك بأنه إغراق المواطنيين بالبلاده الاخلاقية والعقليه . لقد رفض افلاطون إخلاء سبيله لان هذا الإخلاء يعني لديه التوسل للصفح عنه ورفض حضور عائلته إلى المحاكمة كي لايفسر بأنه يستدر العطف ويؤثر على قرار القضاة وتقبل الموت من أجل سمو المعرفة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -إيقاعات الحرية-.. احتفال عالمي بموسيقى الجاز


.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب




.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن