الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس بوذياً !!

محمود الزهيري

2010 / 9 / 15
كتابات ساخرة


مازال يتمازح مع بعض أصدقائه حينما يختلف في بعض المسائل الدينية بأبعادها الإجتماعية المأزومة بفسادات الفاشية الدينية المصنوعة علي عين نظام الإستبداد والطغيان , ولا يصل إلي حل مرضي أو مقنع ويعلن عن رأيه بقدر يراه البعض صريحاً مؤلماً , ويراه آخرون أنه صفيقاً مجرماً , وقليل يتفقوا مع هذا الرأي , في هذه الأثناء كان يعلن علي سبيل المزاح : انه بوذي , وهذا هروباً من مناقشات عقيمة خارجة من رحم غير رحم العقل والشرف العقلي !!
كنت أفكر في هذا الكلام الذي يتمازح به صاحبنا معلناً بوذيته , أو حي زرادشتيته , ولو كان هو حتي ممن يقدسون البقر , فهذه ديانات أرضية وثنية تعبد الأوثان أو الأصنام التي تمثل بصورة رمزية آلهتهم , لدرجة أنني تذكرت منطوق نص الآية القرآنية :( ومانعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي ) أي يجعلوا هذه الأصنام واسطة بينهم وبين إلههم الذي في السماء , وهذا كان الحادث في شبه الجزيرة العربية , وبعض المناطق الأخري من العالم الذين صنعوا الألهة أصناماً.
أما هذه الأوثان والأصنام في غير شبه الجزيرة العربية فتمثل آلهة أرضية حقيقية بالنسبة لمعتنقي هذه الديانات , وكان من أسمي مايسعي إليه من يعبدون الأوثان آلهة , انهم يريدوا الإرتقاء بالمعتقد من الأرض ليرتفع بها إلي السماء , وجعلوا رسالتهم صاعدة من الأرض إلي السماء .
أما الأديان السماوية الإبراهيمية المتمثلة في اليهودية والمسيحية والإسلام , فرسالتها أتت من السماء إلي من هم علي الأرض من غير عناء ومشقة , ووضعت لهم النظام الديني الإعتقادي الذي يطهر الأرواح وينير طريق الإيمان ليكون خلاصهم من عذابات الدنيا التي قد تصادفهم من بني البشر أثناء صراعاتهم علي سبل العيش وأسباب الحياة .
أظن أن هذا المراد لم يتحقق إلا كأمثلة ونماذج مشعة بفيض البذل والعطاء والتضحية من أجل البشر إلا في نماذج واضحة في تاريخ الأديان الثلاثة الإبراهيمية .
لما كانت الأديان السماوية قائمة في أساس الإعتقاد بها علي اليقين بالغيب بداية من الإله الحي في ملكوت الغيب , وحتي الكتب السماوية طريقة الإبلاغ بها كرسالات سماوية أتت من رحم الإيمان بالغيب , وكذا الأنبياء والمرسلين من السماء لازال الإيمان بهم كأنبياء ومرسلين آتياً من رحم الغيب , وماكانت المعجزات وخوارق العادات التي أجريت علي أيادي الأنبياء والمرسلين من السماء إلا لتأكيد هذا الغيب أو المجهول الغيبي , أو حسبما يسميه الفلاسفة ماوراء الطبيعة أو ينعتوه بالميتافيزيقا .
ولما كان أصل المسألة إيمان غيبي بإله غيبي , ورسالات غيبية , وأنبياء ورسل أتوا إلي البشر من رحم الغيب , فلماذا يتفاخر كل منتسب إلي دين من الأديان الثلاثة الإبراهيمية بغيبه ويحقر الغيب الآخر الذي يؤمن به غيره والذي لم يشاهده أو يحسه بأي حاسة من حواسه؟
وليت الأمر يقف عند حدود التحقير والإذدراء , بل يصل الأمر لدرجة الدم , لتتحول العقائد الغيبية إلي عقائد الدم والقتل والإرهاب , فنري من يجعل إلهه ممسكاً بسيف أو رمح , أو نبل , ونري من يجعل إلهه ممسكاً بسنجة أو مطواه , أو خنجراً , ونري من يجعل إلهه مصوباً بندقيته أو مسدسه تجاه المخالف في الدين والمعتقد , بل هناك من يجعل إلهه سارقاً ولصاً يسرق المخالف في الدين , وهناك من يجعل إلهه ممسكاً بلوحة مفاتيح الصواريخ الإستراتيجية أو التكتيكية , ليسيطر ويهيمن علي المخالفين له في الدين ويجعلهم تحت سطوته وهيمنته .
فهل الله كذلك ؟!
الإله الوثني لم يصب جام غضبه علي المخالفين لأتباعه , ولم يلعنهم , ويذدريهم ويحتقرهم , ولم يدعو لقتلهم , ولم يأمرهم بصناعة مفاهيم الدم والقتل والإرهاب , وإنما الدفاع عن النفس أمر تعرفه البشرية قبل ظهور الأديان الوثنية , وقبل بزوغ نجم الأديان السماوية الإبراهيمية , فلماذا تحدث هذه الأفاعيل المجرمة , والجرائم المشينة الحقيرة في حق المخالف في المعتقد , وفقط في الديانات السماوية الإبراهيمية ؟!!
أظن أن الأمر ليس كامن في الأديان أو في المعتقد الديني , ولكنه كامن وساكن في عقول المنتمين لهذه الأديان حيث أبواب المصالح الدنيوية هي التي تحرك هذه الصراعات وتصنع الفتن والأزمات لينتفع أصحاب معتقد علي حساب أصحاب المعتقدات الأخري من المنتسبين للأديان الأخري , ويظل الصراع مؤججاً مشتعلاً والمستفيد الأكبر منه هم رجال الدين ذوي المصالح الكبري ومن هم وراءهم من صناع ومديري الفاشيات السياسية الإستبدادية , ويصبح الأتباع وكأنهم خدام للآلهة والمطيعين لها والمؤدين لفرئضها وسننها السماوية الإلهية , في أنتظار لرضا الإله , في حين أن رجال الدين هم من جعلوا من أنفسهم وسطاء بين البشر وبين الآلهة , وهذا ماكان يفعله عباد الأصنام والأوثان في سابق الأزمان في شبه الجزيرة العربية .
لذلك فصاحبي يقول في وسط هذه الصراعات والنزاعات الغيبيبة , وأري أنه يحتفظ بإيمانه الديني السماوي الإبراهيمي ولكنه مازال مصراً علي رفضه لهذه النزاعات التي تصل أحياناً لصراع الدم بين المنسبين للدين الواحد ويقول علي سبيل الرفض بصيغة المزاح : أنا بوذي !!
وإلي هذا الحد بالرغم من بوذية صاحبنا هذا المدعاة , فلم يعترض عليه المؤمنين بالديانات السماوية الثلاث , اليهودية والمسيحية والإسلام , ألستم معي أن أسلحة التكفير والتلعين والتفسيق وإباحة القتل سيكون لها فعلياتها لو تحول مجرد أدعاءه للبوذية إلي إدعاءه التحول من دينه ومعتقده السماوي إلي دين آخر ومعتقد سماوي آخر , وخاصة بين المسيحيين والمسلمين وفقط , لأن اليهود لن يقبلوا من هوغيريهودي الأم والأب ولاتشغلهم مسألة الدعوة أو التبشير ؟!!
ومع ذلك صديقي هذا ليس بوذياً !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مكان الداء
abdul al lat ( 2010 / 9 / 15 - 05:56 )
ليس مكمن المشكلة في عقولهم بل هو في صميم نصوصهم
المقدسة,و هي في النهاية أديان أرضية لو كانت سماوية
بحسب رأيك ما كانت لتزخر بهذا الكم من تعاليم القتل و الرق و السلب
و التدميرعلى طول تاريخها


2 - المشكله هي بمحاولات التبشير بالاديان
دحمي بن مرزوق ( 2010 / 9 / 16 - 01:52 )
تحيه طيبه للاستاذ محمود
المشكله والفتنه ليست باعتقاد دين اومذهب
التوارث الثقافي والديني موجود وسيظل
لكن المشكله هي الصراع على التبشير والتنظير للاديان والمذاهب
هذا بالتأكيد سينتج عنه فتن وعداوت واحقاد لانهاية لها
وقضية الفتاه المصريه المتحوله كما يقال من المسيحيه للاسم اكبر دليل
الاديان ان اعتبرها خرافات لكن لكل انسان الحق بما يعتقد او بما اعتقد اجداده بالاصح لكن ان يتحول الدين الى سيف مسلط او قنبله مؤقته فهنا الخطرر
اقول كما تقول الاستاذه وفاء سلطان
اعبد الحجر لكن لاتقتلني فيه

اخر الافلام

.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره


.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث عن أسباب نجاح شخصية دانيال في ل


.. فيلم ولاد رزق 3 بطولة أحمد عز يقفز لـ 193 مليون جنيه منذ طرح




.. عيد ميلاد خيرى بشارة.. بصمات سينمائية مميزة وقدم عمرو دياب و