الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة الكرسي .. ثانية .. الى الشاعر الراحل كمال سبتي

رياض سبتي

2010 / 9 / 15
الادب والفن


يا لحزنكِ ايّتها الذكرى ،
كنتُ قد نَشرتُك بين ايّامي
علّك تفاخرينَ بي مرثيَّتي ،
او علّي أَمسح عن رحيلِك ارتباكيَ ،
الطريقُ متلعثمةٌ والكلماتُ غبار ،
وغصنُكِ المرسوم على غيمتي
هَطلَ نبضاتٌ على ساحاتي المقفرة ،
سأعدُّ الدقائقَ والحروف
وأعبرُ الى قصيدتكَ
وسأقولُ:
مرَّتْ قبل عامٍ ،
على شرفةٍ
تشعُّ بسؤالٍ
ما آيتُك ؟
وبتأويلِ الملامح
ترمي على العارفينَ مكائِدها عند الغروب ،
وفي كلّ الجهاتِ
اقول :
انا الغابةُ حين تَرتَحل الى ماضٍ بلا رداء
انا الجرأة حين نعبر الى مشهدِ الكهفِ ونتبعُ ضوء الخطيئةِ
اركضُ الى حروفي
وخلفيَ حكمتي
نافذةٌ تطلُّ منها
امرأة ترقبُني وغصنٌ شتويٌّ قديم
احتسَبَتْه الآلهة مزمار
واحتسَبْتُها ساحلٌ يرددُ اسمَ المكيدة
اهربُ الى نصفِ طريقٍ او نصفِ حقل
لأرى القطيع ،
اسمعُ صوت المدينة بين الرَّماد
ليس ثمَّة أجراس على موتي
كيف يبكي العارِفون على زنبقتين ونساءٍ بلا ملامح ؟
كثيرونَ اراهم هناك
لم يَنَمْ القطيع منذ حربين
حَمَلوا التابوتَ على نهرٍ تناسلت منه السُّلالات
وانا الخارجُ من الحكايةِ بلا صوت ٍ
أَدخلُ الى نهاري بخطوةٍ مرتعشة
ووشم ملوث يؤطرَ رأسيَ بالعويل
قالت امرأة : ما لون الساحل ؟
حرفٌ ازرقٌ ضاعَ من صورتِها
بين صخرةٍ ونهرٍ مُقفرٍ أجوب الاسئلة بلا إتجاهٍ
وكأن الارض تمتدُّ لي بلا جواب
والغابةُ ؟
إمرأة حُبلى بسرِّ الحكمة
استدرَجَتني الى ليلٍ بلا حروفٍ
لأسردَ لها هزائمي في عزلةِ الغياب
عن حزنٍ كان يصغيَ لنجارٍ يرسمُ الكلمات على ابوابِ المدينة
السحرةُ والقوّادونَ والإمام الزانيَ
في كلِّ صيفٍ اعلِّق على بابِ مقبرتي
لن يَدخلوا كهفي.. واحداً ..واحداً
قالوا لو ُكنّا نسمع ( * )
يَحمِلني ألمي الى ظلِ شيخٍ صحراويٍّ
يَشعل ذكرياتي ويَنثرها على الساحلِ
هذا ظلّ ابليس ومرايا من حكمتي
يقول العارِفون
ما لون الساحل ؟, يكررُ رأسي ما بين الصخرةِ وشجرة ٍخجولة
سريرٌ متأخرٌ بلا جسدٍ يصعدُ إليَّ
شواطيٌء تحتفي بذكرى النفيِّ من الجنوبِ الى الجنوبِ
همٌ لا يكترثُ بظلّي المقدّس
نساءٌ تطاردُ فرسي
وحكمةٌ لغجريٍّ قالها عن انثى وليل
يقول العارفون
ما لون ايّامك ؟
مدخنتان ومذياع
وهذا البيتُ القديم
نهرٌ يختزل ُ نفسه
حنجرةٌ مشلولةٌ وبنصرٌ مبتورٌ
رمال بدوية ، حربٌ خاسرة
وممثلٌ مريضٌ برجل ٍواحدةٍ كانت الحربُ قد ابتعلت شقيقيه :
استيقظْ يا باشا ، بغداد قد سُرِقَتْ مِنك .(**)
يا لحزنكِ ايّتها الذكرى
من على كُرسيّك تجوب البلاد الواطئة
تلقي سرّكَ على غابات حروفك الاخيرة
ينشد العازفون لحناً سمعناه قبل عشرين مدينة :
آيتُك ألاّ تُكَلِّمَ النّاسَ خَمسَ لَيَالٍ سَوِيَّا
قلتُ:
الرجلُ في الحربِ غابَ
امرأةٌ تبحث عن ذكرى بيضاء لتُلَمْلِمَ قصة حروبها
وحَسرتي تتكيء على رصيفِ المدينةِ الاسود
والشاعرُ ؟ غشيم وطنٍ ..
لتبدأ الحكاية من جديد ..
بيتٌ ومدخنتان ،
عكّازان لشاعرٍ مقتول ..
رجلٌ ومذياعٌ قديم
يَهربُ من خليفةٍ ويقتله إمام
كرسيٌّ قرب نافذةُ وحائطٌ مدمّى ،
ستارةُ مُسدَلَة
كتابان على طاولةٍ مهترئة
من ايِّ البلاد انتَ ؟
يسأل العارِفون
اللعنةُ على كلِّ البِلاد .



( * ) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (سورة الملك 10 )
(**) جملة من مسرحية وقوفا وطني (1978) للمؤلف والكاتب العراقي الراحل مهدي السماوي
استفاد النص من الجملة الافتتاحية لقصيدة مكيدة المصائر للشاعر الراحل كمال سبتي ( الغابةُ .. القطيع سينام ...) وكذلك من (انا غشيم منفى)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اني اقف منك على مسافة واحدة
محمد نوري قادر ( 2010 / 9 / 15 - 09:49 )
اخي العزيز رياض
لقد قرأت الالم في قصيدتك , وعرفت الوجع الذي يدمي ايامك
انا اقف منك على مسافة واحدة , علّني احمل بعضا منه, وان كان
هو يعتمرنا جميعا
الرحمة للراحل الشاعر والاخ كمال سبتي تغمده الله فسيح جناته
هي قراءة اولى سوف اعيدها مرات
تقبل تحيتي


2 - نحن والالم صنوان
رياض سبتي ( 2010 / 9 / 15 - 22:26 )
تلك هي حدود الالم صديقي العزيز محمد .. تلك هي مسافات الوجع العراقي الذي لن يندمل كما تقوله الاحداث الان ,, تلك هي وحدتنا في الالم
شكرا لمشاعرك الجميلة ايها المبدع


3 - دم لي صديقا
علي الانباري ( 2010 / 9 / 16 - 05:06 )
استيقظْ يا باشا ،السحرةُ والقوّادونَ والإمام الزانيَ
في كلِّ صيفٍ اعلِّق على بابِ مقبرتي
لن يَدخلوا كهفي.استيقظْ يا باشا ، بغداد قد سُرِقَتْ مِنك .(**). واحداً ..واحداً
الشاعر الجميل رياض سبتي المحترم
لم اقرا لك من زمان على الحوار
لقد اثارتني قصيدتك لاسيما وهي ايغال في عوالم المرحوم الغالي
كمال ولا اريد ان اتكلم عن جمال هذه القصيدة رغم لوعتها
فاحيانا يكون الحزن جميلا معطرا بالاسى
تحياتي لك
وسبقى هكذا نسبح ضد التيار
دم لي صديقا


4 - صديقي الشاعر علي الانباري العزيز
رياض سبتي ( 2010 / 9 / 16 - 14:46 )
صديقي العزيز ,, انا لست غزير كتابة ,, رغم ان الرأس مشغول بالكثير الكثير ,, ولكنه تعب الحياة يا صديقي ومشاغلها ,,اشكرك جزيل الشكر لمتابعتك الجميلة لي ,,عسى ان التقيك وقد راح عنا حزننا وابتعدت عن طريقنا (المكائد ) محبتي


5 - بغداد
ziena abas ( 2011 / 4 / 6 - 09:25 )
استيقظ ياباشا ..بغداد قد سرقت منك

بغداد سرقت منا كلنا وصار ذكرها غصة وحسرة

قصيدة رائعة


6 - حزاننا تتكرر
حافظ الحافظ ( 2011 / 9 / 17 - 11:20 )
رياض صديقي العزيز الحزن تؤم لنا نحن الفقراء الذين نمضغ الالم رغيف من الامس الرحمه للراحل كمال تحياتي لك

اخر الافلام

.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح