الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات في السويد - من يحدد اتجاهات تطور البلد؟

سامي المالح

2010 / 9 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


يوم الاحد 19 من سبتمبر الجاري يتوجه الملايين من السويديين الى صناديق الاقتراع، ليحددوا، في كرنفال ديمقراطي، اي من التحالفين – اليمين الحاكم ام اليسار المعارض، سيتولى ادارة شؤون البلاد للسنوات الاربع المقبلة.
ومنذ أشهر احتدمت الحملات الانتخابية، في كل مكان وعلى مختلف المستويات، في الساحات العامة والشوارع والمراكز التجارية ومواقع تجمع الناس وفي الصحف والجرائد والاذاعات وقنوات التلفزيون المختلفة، أشترك فيها عشرات الالاف من القادة والكوادر والاعضاء والمؤيدين من كل الاحزاب، لاقناع المواطن بجدوى السياسات والمشاريع والمواقف والشعارات، لكسب صوته، وبالتالي لضمان الاكثرية النيابية التي تؤهل لتشكيل الحكومة.
قضايا انية ملحة وقليل من المواجهات الايديولوجية
بالرغم من ان المنافسة الاساسية في هذه الانتخابات هي بين تحاف اليمين الذي حكم لاربع سنوات ماضية وبين تحالف اليسار الذي تشكل في السنة الاخيرة من حزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب اليسار وحزب البيئة، الا ان ما يسود الحوارات والمناقشات والمناظرات والمواجهات المباشرة في وسائل الاعلام المختلفة هو، الى حد كبير، تركيزحول الاسئلة والمواقف والمشاكل الانية التي تمس حياة شرائح او قطاعات مختلفة من المجتمع السويدي. وبأستثناء بعض البرامج الاذاعية والتلفزيونية والمقالات في الصحف الكبيرة والمواجهة الحوارية الايديولوجية التلفزيونية الوحيدة بين رئيسة الحزب الاشتراكي مونا سالين ورئيس حزب المحافظين فريدريك راينفيلد، فان اغلب الحوارات والمناقشات والدعايات الانتخابية واللافتات والبوسترات والشعارات تتمحور حول: العمل، الضرائب، المدرسة، البيئة، النظام الصحي والموقف من الحرب في افغانستان. والمتابع لكل هذه الحوارات والمواجهات والانشطة الاخرى، يلاحظ ، ان الطرفين يحاولان تسويق حلول ملموسة انية واضحة، مع التلافي في الخوض في نقاشات ايديولوجية عميقة والحديث عن التوجهات الاستراتيجية ورسم صورة المستقبل البعيد.
الوسطية في خطاب اليمين
ولعل، تسويق اليمين بزعامة المحافظين، الذين يطلقون على نفسهم بالمحافظين الجدد، برنامجهم وحكومتهم كبرنامج العمل وحكومة توفير فرص العمل، متحركين نحو الوسط، ومقتربين في خطابهم الانتخابي من خطاب وتوجهات ومواقع التحالف اليساري المعارض، هو الذي يجعل امر رفع المناقشات الايديولوجية الى الواجهة امرا صعبا ومهمة ليست بعسيرة لتحالف اليسار. ان هذه السياسة وهذه الصياغة للخطاب الانتخابي اليميني، الذي لايعكس في الواقع السياسة الفعلية لليمين في الكثير من المجالات، تحقق لهم نتائج جيدة في تأثيرها على الناخب، ولاسيما الناخب الاقل اطلاعا على تفاصيل البرامج والاقل تفكيرا واهتماما بالنتائج المستقبلية التي تتحكم بتماسك وتطورالنظام والمجتمع السويدي. وفي هذا السياق يمكن الاشارة ايضا الى ان تحالف اليسار، يفتقر، في هذا المنعطف، الى صياغة متماسكة لافكار وتوجهات عميقة جديدة وجذابة لتحديد اتجاهات تطور البلد، كما فعل الاشتراكيون الديمقراطيون، بناة النظام والموديل السويدي، في الكثير من المنعطفات في القرن الماضي. وللاسف فأن التحالف اليساري يفتقد أيضا الى قادة ذات كفاءة وشخصية جذابة وكارزمية لمواجهة شخصيات ذات حنكة وكارزمية في تحالف اليمين الحاكم.
مفاجئة الانتخابات – سفيريا ديموكراتنا
أن المفاجأة الكبرى في هذه الانتخابات هي الارقام المعلنة في الاستطلاعات المختلفة للكثير من المؤسسات ووسائل الاعلام، والتي تؤشر لزيادة عدد المصوتين لحزب "سفيريا ديموكراتنا" حزب السويديين الديمقراطيين ذات الاصول والميول العنصرية والذي يضم في صفوفه عدد كبير من معادي الاجانب ومن لهم افكارعلاقات مع منظمات عنصرية. ولقد نشط هذا الحزب على خلفية المشاكل والتعقيدات والاخفاقات في سياسة الاحزاب والتحالفات الكبيرة في ما يخص سياسة اللجوء والتعامل مع اللاجئين. ان عدم تناول هذه المشاكل ووضعها من ضمن اولويات مواضيع الحوار والمناقشات بجرأة، وطرح حلول واضحة للتعامل مع تطلعات اللاجئين ومحاولة دمجهم وتوفير فرص الدراسة والعمل وانهاء حالة التقوقع والعزلة والشعور بالتفرقة، في اطارتعزيز الديمقراطية والمحافظة على قيمها وتقاليدها العريقة، خلق اجواء افضل لهذا الحزب للتحرك بين القطاعات القلقة والخائفة من تداعيات الواقع الجديد في البلد، والتي تنخدع بطريقة ربط مشاكل الاقتصاد السويدي بسياسة اللجوء ووجود الاجانب في البلد. والجدير بالذكر ان هذا الحزب يعمل باستمرارعلى تغذية الخوف وتسليط الضوء على مواقع التوتر في المجتمع ويحاول خداع قسم من الاجانب من خلال تسويق نفسه مدافعا عن المسحيين ضد الديانات الاخرى. وللاسف لقد انخدع عدد غير قليل من ابناء شعبنا المسيحي من العراق بخطاب هذا الحزب وربما يصوت عدد منهم له في هذه الانتخابات. ان هذا الحزب معروف في السويد كحزب عنصري معادي للاجانب كلهم بما فيهم المسيحيون، ولذلك لم يعطي الاعلام في السويد اية فرصة لظهور قادته وللدعاية لافكاره وبرنامجه، كما رفضت كل الاحزاب الاخرى في السويد مواجهتهم في مناظرات ومناقشات سياسية، مؤكدين في عشرات المناسبات، باجماع، بانه حزب غير جدي وغير مسؤول وينشط لزرع التفرقة والتوتر.
والاهم من كل ذلك لقد اعلن تحالف اليساروكذلك تحالف اليمين وان بنبرة اخف، انهما في حالة عدم الحصول على الاكثرية لتشكيل الحكومة، سوف يرفضان التعاون مع هذا الحزب وسوف لن يمنحا الفرصة له لكي يكون ممثلا في الحكومة، هذا، طبعا، اذا ما حصد هذا الحزب العدد الكافي من الاصوات يوم الاحد القادم ليكون ممثلا في البرلمان.
أهمية اصوات الاجانب
تبرز في هذه الانتخابات، وبشكل اوضح من السابق، اهمية الاجانب في السويد. وسيكون لمجموع اصواتهم تاثير واضح في النتائج. المشكلة المزمنة هي النسبة الواطئة القليلة التي تمارس حقها الانتخابي. الملاحظ ان عدد الاجانب المرشحين في قوائم كل الاحزاب في السويد، سواء للبلديات او المحافظات او للبرلمان ازداد في هذه الانتخابات، وبشكل خاص في احزاب تحالف اليسار. ومن الجدير بالذكر ان ثمة عدد مثير للانتباه من العراقيين من مختلف انتماءاتهم العرقية والدينية ترشحت ضمن قوائم تحالف اليسار، من ضمنهم شخصيات ذات كفاءة وتاريخ سياسي مشهود، بالاضافة الى اخرين يبحثون عن فرص للشهرة والبروز او الوظيفة. وعليه فمن الهام جدا ان يتوجه الاجانب، ومنهم عشرات الالاف من العراقيين الى صناديق الاقتراع وممارسة هذا الحق الديمقراطي وتحمل المسؤولية في تحديد من سيرسم اتجاهات التطور في البلد للسنوات الاربع القادمة. ان لكل صوت قيمته المتساوية والحقيقة لانه يؤثر في نتائج الانتخابات وبالتالي في سياسة الحكومة المقبلة التي ستمس حياة المواطن ومستقبله.
انا اصوت للتحالف اليساري
وبالنسبة لي شخصيا، يسعدني ان استجيب لتساؤلات العشرات ممن اتصلوا بي مستفسرين عن ارائي وتحليلاتي وفهمي لبرامج وتوجهات الاحزاب والتحالفات، واقول بوضوح بانني وانطلاقا من حرصي ومسؤوليتي على مستقبل السويد وطني الثاني وانطلاقا من مصالح السورايي (الكلدان السريان الاشوريين) سأصوت لتحاف اليسار وللاسباب التالية:
سياستهم للحفاظ على الضمانات ومستلزمات العيش الكريم لكل فرد بغض النظر عن خلفيته والدعوة للتضامن والمساواة جدية وواقعية، وتنعكس جليا في الميزانية والخطة الاقتصادية المطروحة في برنامجهم الانتخابي. فهم وان ليسوا مع خفض الضرائب المجالات في بعض، كما يدعي اليمين، الا انهم يبغون توازنا عقلانيا في سياستهم الضريبية بما يضمن توفيرالصحة والتعليم والضمانات الاجتماعية للجميع وبما لايهدد التماسك الاجتماعي من خلال تقليص الفوارق - الطبقية وبين الجنسين ومع الاجانب. بالعكس من اليمين الذي يريد تخفيض الضرائب الذي قد يخدع ذوي الدخل المنخفض مرحليا، ولكن يؤدي بالنتيجة الى زيادة الفوارق الاجتماعية ويؤثرعلى طبيعة التعليم وتوفيرالصحة والسكن والخدمات والضمانات الاجتماعية للعاطلين عن العمل والمرضى من جهة، ويخلق الاجواء والبيئة الملائمة لزيادة ارباح الشركات الكبيرة واعطاء المزيد من الثروات للاغنياء.
االامر الاخر هو الموقف من الاجانب ومعالجة مشاكلهم، فالتحالف اليساري اكثر وضوح ومصداقية وشفافية، وفي برنامجه مقترحات ملموسة للحد من التفرقة والعزلة والبطالة بين الاجانب وخاصة الشباب، مستفيدا من الثغرات والاخطاء سابقا. كما ان التحالف اليساري يقف بدون تردد موقفا ايجابيا من قضايا الشعوب والاقليات المظطهدة ويدافع عن حقوقها. السياسة الخارجية لليسار بشكلها العام اكثر عقلانية ومنحازة للشعوب وتقف ضد الحروب واستخدام العنف وتدعوا الى تنشيط دور الامم المتحدة في حل الازمات ومواجهة تحديات المستقبل.
واخيرا، ان حزب البيئة النشط والمتنامي في تحالف اليسار نجح في المساهمة الفعالة لصياغة برنامج عملي وواقعي للتعامل مع مشاكل البيئة وتحمل المسؤولية مستقبلا وطنيا في السويد او عالميا من اجل حياة ومناخ وحياة افضل في الكرة الارضية.
الاهم هو ان يمارس الفرد حقوقه بمنتهى الحرية. ان هذه الممارسة تطور الوعي وبالتالي تنمي الشعور بالمسؤولية. فهي تضع الفرد امام مسؤولية المتابعة والمراقبة وتقييم سياسة من انتخبهم لتحديد الموقف الصائب للمرة القادمة على اساس الوقائع والنتائج على الارض.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الانتخابات في السويد
صباح قدوري ( 2010 / 9 / 16 - 12:24 )
تحاول كتلة اليمين،تعميق فكرة اللبرالية الجديدة في سياستها، بحيث تشمل كل مرافق الحياة ، وخاصة في خصخصة الاقتصاد. كذلك تطبيق نهج السياسة الخارجية المؤيدة للموقف الامريكي، والذي يستند على استخدام القوة العسكرية والغطرسة والتدخل والتهديد والوعيد للدول الاخرى اتجاه الاحداث العالمية ، وخاصة في الشرق الاوسط . كذلك نسبة مشاركة الاجانب في الانتخابات البرلمانية والمحلية ضعيفة ومنخفضة، وهي ظاهرة سيئة، تعكس اثرها على نتائج الانتخابية لصالح كتلة اليمين والاحزاب العنصرية ، التي مستمرة في سياستها المعادية للاجانب في المجالات المختلفة.كثير من المسيحيين، وخاصة من سوريا ، والعراق ولبنان، الذين يشكلون جماعات كبيرة من بلدية (سوتتالية)، لهم مصالح خاصة واقتصادية مشتركة مع كتلة اليمين، ساهموا في الانتخابات السابقة ، وكذلك سيساهمون في هذه الانتخابات، للتصويت الى هذه الكتل، وذلك لتحقيق منافعهم الخاصة الضيقة على حساب حقوق ومصالح بقية الاجانب في السويد. والحالات المشارة اليها في السويد مشابهة الى حد ما الى حالتنا في الدانمارك، ونحن على موعد مع الانتخابات في السنة القادمة


2 - اليسار السويدي
رعد الحافظ ( 2010 / 9 / 16 - 19:32 )
شكراً عزيزي الكاتب لإيضاحك بعض النقاط عن الإنتخابات السويدية وبرامج الكتلتين الرئيسة
وأنا أيضاً ( وقد صوتت مبكراً ) للسوسيال ديميكراتيك , وأتمنى لهم حظاً سعيداً
لكن مع ذلك لنكون واقعيين , فالإستطلاعات الأخيرة تشير الى تقدّم تحالف اليمين بفارق واضح , والمفاجأة الأهم , تقدّم حزب سفيريا ديموكراتك الى حوالي 10% من مجموع الاصوات وهذهِ نسبة عالية , نوعاً ما مقارنة بال 4 % التي حصلوا عليها في الإنتخابات السابقة وليس 7% كما أعلنوا
هذا يعكس رغم تسامح الشعب السويدي عموماً مع المهاجرين , إزدياد نسبة الرافضين لهم
وفي ظنّي أهم سبب لذلك ليس العنصرية لدى بعض السويديين بل تصرفات الكثير من المهاجرين أنفسهم , فحتماً تعلم أخي وتسمع عن سلوك البعض منهم
***
تحياتي لجهدكَ الكريم

اخر الافلام

.. المؤتمر الرابع للتيار الديمقراطي العراقي-نجاحات وتهاني-1


.. قتلة مخدّرون أم حراس للعدالة؟.. الحشاشين وأسرار أول تنظيم لل




.. وكالة رويترز: قطر تدرس مستقبل المكتب السياسي لحركة حماس في أ


.. أوكرانيا تستهدف القرم.. كيف غيّرت الصواريخ معادلة الحرب؟| #ا




.. وصول وفدين من حماس وقطر إلى القاهرة سعيا لاستكمال المفاوضات