الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحمد البحراني ... مشهدية تسعى لتثوير الحس الجمالي

علي رشيد

2004 / 9 / 4
الادب والفن


يعتبر النحات العراقي أحمد البحراني والمقيم في قطر ، فنانا فاعلا ومرتكزا أساسيا في عملية التجريب ، وتدوين لغة معاصرة في المفردة النحتية العراقية و العربية ، فهو نحات دؤوب ، وفنان يمتلك وعيا كبيرا في التعامل مع الخامة ، والقدرة على ترويض شراستها ، خصوصا وأن البحراني يتعامل مع مادة الحديد بكل صلابتها وقسوتها ، لكنه ينجز أشكاله بديناميكية وإلفة تمنح الخامة النحتية سياق الإيهام الشعري وانسيابية المفردة الموسيقية، محرضا صلابة الحديد على أن تتكشف بكيانات ندية أمام حكمة الفضاء ، حتى يخيل للمرء أن البحراني ينجز نصا يبتهج بكيانه الشكلي ، أحباره النار والحديد وكتل المعدن، وهي تخرج من عدميتها إلى بديهية السحر وسعة اللامتناهي . حيث تتشكل بانسيابية تجريدية هندسية تنحاز إلى الفضاء كبعد يمنح قيامته لجدلية العلاقة بين الكتلة والفراغ .

يحاور البحراني عناصره وينجز أسئلته التي تتشكل بمفاهيم بصرية تنحاز لخصوصيته في تشكيل عجينته ، هذه الخصوصية المنفلتة من طوق الاستنساخ وطقوسية الكيان النحتي وعلافتها بالذائقة البصرية . فهو يعيد بناء الذخيرة الإرثية لحضارات وموروثات تشكل مرجعيته في تكثيف طاقته ودلالته المعرفية البصرية في استلهام الأبعاد الكاملة للعمل النحتي بفضاءاته المحكمة .
يتشكل المشهد البصري لدى البحراني في تحريض الكتلة على أن تنسج كيانها ، وترسيخ إيقاعات حركية عدة للعمل النحتي ، كي تقرأه العين كإيهام يحرر الرؤية من مضمارها السلفي في التعامل مع العمل النحتي ، بل ويحثها على توظيف قراءة مغايرة تبلبل إشكالية النظر إلى كم كبير من الموروث النحتي العربي ، كذلك يغامر البحراني في مشاكسة فيزياء العمل ، من خلال ترسيخ الإستقرار للعمل رغم كبر حجمه وثقل وزنه مع الإخلال بمفهوم الموازنة في تشكيل العمل بصريا .

منحوتات البحراني شخوص وكائنات وانعكاسات حياتية خصبة ، تتعرى من ملامحها وتشكلها المشخص لتغزل بهندسية، فضاءها الخاص ، محتضنة المكان ، منفتحة على حيزها فيه و المتشكل في مخيلة الفنان ، لتندس بأزليتها ضمن الملمح
العام ، لا بثنائية الأبعاد الأفقية أو العمودية ، ولا بثقل العمل والعلاقة مابين الكتلة ومحيطها ، بل بمغامرة الإيماءة وفعلها المندمج في تحقيق المعنى المضمر في تركيبة الفضاء ، هذا المعنى المرسوم في بصيرة البحراني وهو يوقظ فاعلية اليد التي ترسم وتوشم وتلوي أعنة الخيال الكامن في المادة ( الحديد ) ومنطوقها البصري.
وبحركية ديناميكية تنشد منحوتاته الترحال عبر صياغاتها المنحنية والمدورة، لتنفذ بمناخها، المجسد بهندسية جمالية وجاذبية معمارية ، تحيل المكان إلى مقاطع من مرئيات وإيقاعات تبرز سيرة المشهد بتلقائية اختزالية متجسمة في فصاحة المكان .

أعمال البحراني النحتية مشاريع إرساء لقيم وصياغات جديدة في منطوق النحت ، لمضامين لها بعدها الأسطوري والفلسفي ومدارها الدرامي المحكم في صياغة مشروعها المنبعث بمشهدية تسعى لتثوير الحس الجمالي عبر أعراف تتجاوز تكرار المنجز التقليدي ، وتكريس الدلالات البصرية وخصائصه المعرفية في تغيير نمط التذوق السائد للأعمال النحتية والذي كثيرا مايندرج في كسل بصري يلتقط السائد والسهل والمتعارف .

المخيلة هي القيمة الأولى في عمل النحات البحراني ، فهي موروثه وتجلياته منذ طفولته ، حيث الدرس الأول لأشكاله الكتلية التي أنجزها وهو طفل لم يتجاوز الخامسة من عمره بطمى أودعها إياه نهر يندس في وسط مدينته الواقعة على ضفاف الفرات ، حيث تتشكل مشهدية الشكل بيديه ، منفتحا على استمتاع بصري ، منجذبا لعفوية الكتلة المشكلة ، وهي ترسم محسوساتها في كيانه الغض ، لقد كرس البحراني هذه العلاقة التي تكشفت له وظل أمينا للمشهد الأول بكل استحضاراته، منكبا على عفويته في التعبير عن الحلمية التي تنسج هفهفتها في خاماته وإيقاع العمل وتحولات أبعاده وحجومه في حدود الفراغ .
درس الفنان أحمد البحراني ( بابل 1965 ) النحت في معهد الفنون الجميلة- بغداد ، وتخرج منه سنة 1988 ، وهو لا يخفي تأثره بأساتذته من النحاتين العراقيين ومنهم عبد الرحيم الوكيل ، شارك في العديد من المعارض في داخل العراق وخارجه ، ومنها معرض الواسطي ومعرض النحت العراقي في اليمن وكذلك مشاركته في معارض عدة في قطر وبيروت والأمارات وله الكثير من الأعمال النحتية المنجزة في عدة مدن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي