الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين رأيتكِ؟

فراس عبد المجيد

2010 / 9 / 16
الادب والفن


لا أذكر أين رأيتك ِ

كنت ِ تغطين الجسد ، بزَبَد البحر ِ، وكان البحر ُ

يكسّرُ موجَه ُ بين المدّ وبين الجزْر ِ، وبين الثلج ِ

وبين النار ِ. وكنت ُ على ضفة التاريخ أنام ُ ...

وما نمت ِ،وما نامتْ إلا فوق شفاه الغيب الأسماءْ



كلّ شموع الذاكرة المثقوبة ِ كانت في أحد الأيام ِ

تضيء طريق حصاني .. لكنّ سنابكهُ ظلت تقدح ُ

شررا ًفي وقفتها دون حراك ٍ ، والأرض توشوش

للبحر ِ ، وشَعرك ِ ماجَ كمثل ِ أعنّة ِ خيل ٍ سمّرها

خوف ٌ من أن تنطلق ببحر دماء ْ



هل كنت ِ سواك ِ ؟

أم أنك ِ ما كنت ِ سوى ظل ٍّ يرشح من " حنفية ِ"

ضوء ٍ أزرق َ لم يتوحّد بالسُدُم ِ ، وظل ّ عصيّا ً ،

حتى مل ّ القُزَح ُ تقوّسه ، وارتسم مَعينا ً بزوايا

مغمسة ٍ بالدم ِ فوق نحيب الصحراءْ ؟



هل لامس َ طرف ُ ثيابك ِ جرح َ الشاطئ ِ ،

حين التم َّ الشفق ُ على حزن النورسة ِ الحيرى

وهي تودّع منتحرا ً يتوغّل في البحر عميقا ً ..

والأفق يردد أصداء َ نداء ْ ؟



هل كان الأفق ُ بريئا ً ؟

هل كان الموج الشاهد َ وحدَه ُ ؟

هل رددت النورسة ُ بخفق ِ جناحيها

تلك َ الأصداء ْ ؟



لا أذكر أين رأيتُك ِ

إلا أني أذكر كيف انحدرت ْ حبّات ُ اللؤلؤ ِ

من عنق ٍ بضّ ٍ أسمرَ كالحنطة ِ ، ثم احترقتْ

بين شفاهي ، وارتسمت ْ فوق جبيني الأغبر ِ

قوس َ هلال ٍ وسماء ْ



لا أذكر ما اسمك ِ

لا أذكر قَط ّ سوى حرفين من اسمك ِ نبتتْ

في بوح ِ أصابعنا . أما ما بقي َ من الأحرف ِ

( كم حرفا ً ؟ ) فقد اندغمت ْ في لفح الهمس ِ

وفي حمّى الإصغاء ْ



أذكرُ :

كنا اثنين ِ ..

ولا أذكر أحدا ً آخر َ غير ظلال ٍ شاحبة ٍ لفّتنا

بغلالة شوق ٍ زرقاء ْ



أين رأيتك ِ ؟

ليس مهمّا ً..

فالرؤية تفرش فوق الروح ِ حريرَ النظرة ِ ،

ثمّ تجزّئها نُدفا ً من ثلج ٍ ، أو حمما ً ترسم

وجع َ الماء ْ



كيف رأيتك ِ ؟

أذكر ُ :

كنت ِ تسمّين الأشياء َ ، وتبتكرين لها ظلا ً ،

ثم تقودين الظل ّ إلى أن يتسمّر تحت جدار ٍ

في ليلة عشق ٍ قمراء ْ



أيكون الظلّ إذن هو من يرسم ومض تلألؤ

تلك الأشياء ْ ؟



لا أذكر أين رأيتك ِ

لا أذكرُ ..

هل تذكر شفتاك ِ ملوحة َ فجر ٍ أغبرَ ظلت ْ

تستعصي على إشراقته ِ شمس ٌ عمياء ْ؟



مزجت ْ مغربها بالمشرق ِ، مشرقها بالمغرب ِ

حتى امتزجت ْ بالأشكال الأشكال ُ ، وبالأشياءِ

الأشياء ْ ؟



أنا لا أذكر شيئا ً .. لا أذكر ..

إلا حين أفقتُ ، رأيتك ِ مزهرة ً مثل غصون ِ

البرق ِ تشعين نبيذا ً يصطبغ بحمرته الكونُ

وتصحو من غفوتها الأسماء ْ







أيار 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أحسنت أستاذ فراس
حاتم العراقي ( 2010 / 9 / 17 - 14:06 )
أحسنت أستاذ فراس .. قصيدة هائلة

اخر الافلام

.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط