الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجد للفاسدين في الأعالي وعلى الثقافة والشعب السلام

نرمين خفاجي

2010 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تستدعى كلمة متحف إلى الذهن على الفور خزائن التاريخ بما تحوى من الفن.. الجمال.. الحضارة.. صخب الألوان وحزنها.. لغة الأحجار .. فتنة الأساطير..هوس الآلهة ..تيجان الملوك ..طقوس الكهنة .. رائحة شعب قديم .. تواريخ ازدهار وانكسار.. لغات اندثرت.. قرون مضت وتركت تماثيل ولوحات ومعابد وأواني مليئة بالحواديت والأسرار .
على أي حال لا زال من حق أي مصري الإحتفاظ بكامل تصوراته بغض النظر عن الواقع المعاش .
وقد أثار مؤخراً اختفاء لوحة أزهار الخشخاش لفان جوخ من متحف محمود خليل بالدقي العديد من التعليقات كما فتحت جروحاً قديمة فتذكرنا كارثة هولوكوست بني سويف وحريق المسرح القومي ومحرقة المسافر خانة غير حرائق أخرى صغيرة هنا وهناك داخل متاحف أو مخازن متاحف ودائما هناك خسائر مادية لا يعلم قيمتها الفنية والأثرية أباطرة الجهل بوزارة الثقافة.
كما أثار ذلك الحدث كلاماً حول مدى فاعلية تلك الوزارة في الواقع المصري كما طال الحديث بالطبع الوزير "المزمن" المتربع على عرش الوزارة منذ دهر(23 عاماً) ولمن لا يعلم تضم وزارة "الثقافة" 12 هيئة ومجلس أعلى وصندوق، والمجلس الأعلى للثقافة وحده يحتوي على 24 لجنة وثلاث شعب ومكتبة القاهرة ومركز الهناجر والمركز القومي للمسرح والمركز القومي للسنيما ،هذا غير الأمانة العامة والمكتب الدائم لحماية حق المؤلف .
وعلى الرغم من كل هذه الهيئات والمؤسسات والمجالس العليا والشعب واللجان تعاني مصر من فراغ ثقافي رهيب ،يعبر عن نفسه من وقت لآخر في صورة فتاوي عبقرية كإرضاع الكبير ،ومعارك لا فكرية يصاحبها تنابذ بالألقاب (لقب وزير الثقافة بأبي جهل في أزمة الجهر برأيه في الحجاب) وتراشق بالألفاظ والتلميحات في المعارك الدائرة بين "مثقفي" الحظيرة و"مثقفي" الحصيرة (الذين لم يدخلوا الحظيرة بالطبع).
في خضم هذه المعارك ومع سياسات الليبرالية الجديدة ذابت حقوق جموع الشعب المصري الثقافية خاصة بعد تسليع كافة الخدمات وانهيارها أيضا واخص بالذكر التعليم لأنه أحد مفاتيح الثقافة والوعي .
ومع إنشغال الشعب بالجري وراء لقمة العيش أو الهرب من جحيم الفقر والعوز في مراكب الهجرة غير الشرعية ،وفي معمعة الغوص والتنقيب في آبار الثقافة الوهابية ذات الرائحة النفطية ،نسي الشعب تراثه وآثاره فخرجت المعارض إلى الخارج بمئات القطع الفريدة من ذهب الفراعين وخيرة تماثيلهم إلى دول العالم في أوروبا وأمريكا وأسيا (يمنع قانون الآثار في المادة 10 سفر القطع الفريدة أو التي يخشى عليها من التلف) وتتعرض بعض القطع للتلف الفعلي من كثرة التغليف والفك والنقل والعرض ،ومع شراء الذمم خرست الأصوات التي تطالب باختيار قطع مكررة وتتحمل الشحن والسفر أو لا تندرج على الأقل تحت بند القطع الفريدة ،وأهمية معارض الآثار الأساسية هي جلب عملة صعبة للبلاد ،ويتم صرف تلك الأموال كما يدعي الدكتور زاهي حواس على تطوير وترميم وإنشاء المتاحف .
ولا ينبغي أن نخدع بما نسمعه من أرقام تبرق على صفحات الجرائد "القومية" ،ففيما يتعلق بتطوير المتاحف أو إنشائها، الأرقام في مصر ليست معياراً للتقييم!!
فمثلاً تم إنفاق 29 مليون جنيه على تطوير المتحف القبطي وبعد افتتاحه بأشهر قليلة اندلعت النيران داخل إحدى الفتارين التي كانت تحتوي على 26 أثر ،وأغلقت الحمامات عدة مرات لسؤ أعمال السباكة ،هذا غير النهب والسلب والهبش والهبر للمال العام وأحيانا للآثار لمن استطاع إليها سبيلاً .
أما عن عمليات إنشاء المتاحف خاصة "الإقليمية" فحدث عن العشوائية ولا حرج مثلاً تم إختيار منبر من ضمن مقتنيات متحف الفن الإسلامي "وجد في الأساس بمدينة طنطا" لوضعه في متحف رشيد ،فلا يوجد أي سيناريو لمتحف إقليمي يعبر حقيقة عن تاريخ أو روح المدينة الموجود بها المتحف ،وإنما يتم إختيار عشوائي لقطع آثار معروضة أو موجودة بمخازن متاحف أخرى.
وفي الحقيقة أن عمليات الإفقار المتتابعة التي يتعرض لها المصريون بوتيرة تتسارع عاماً عن عام جعلتهم يعرضون عن زيارة المتاحف فضلاً عن تسطيح مناهج التاريخ في المدارس ،ولا تبذل وزارة الثقافة أي جهد يذكر من أجل الترويج للسياحة الداخلية ،ولا يمنح الزائر لا المصري ولا الأجنبي أي ورقة بخلاف التذكرة تحمل أي معلومة عن المتحف .
كما تلعب العشوائية والفوضى في تعيين مديري المتاحف ورؤساء القطاعات ومديري المؤسسات الثقافية "القومية" دوراً هاماً في الإنحدار غير المسبوق الذي نعاني منه ،وقد وصلت إلى مداها مع تفجر العديد من قضايا الفساد في السنوات الخمس الأخيرة والتي أظهرت تورط كلاً من مساعد وزير الثقافة نفسه والمسئول عن مشروع القاهرة الفاطمية ومتحف الحضارة وصندوق التنمية الثقافية ،ومساعد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار والذي كان مسئولا بشكل مباشر عن "تطوير" وإنشاء كافة المتاحف.
ماذا عن مجالس إدارات المتاحف ؟ هي مثال للحفريات المتحجرة فمثلاً يربو عدد أعضاء مجلس إدارة المتحف القبطي على ال60 عضوا بينهم أعضاء في السجن "على ذمة قضايا فساد" وآخرين خارج البلاد وهناك أعضاء تم تعيينهم بترشيح من الأمين العام ولا يمتون بصلة للآثار، و لا يوجد أي لجان داخل مجالس إدارات المتاحف لصياغة أي سياسة ثقافية أو حتى ملاحظة زيادة أو هبوط أعداد الزائرين أو عمل أي خطة للترويج السياحي الداخلي والخارجي، أما عن مناخ البحث العلمي داخل المتاحف فقد تكفلت البيروقراطية بخنق الباحثين باستثناء الباحثين الأجانب حيث يفتح اليورو والدولار الأبواب المغلقة كما تردت أحوال المكتبات بالمتاحف وساءت خدماتها للغاية .
وقد أدى كل هذا الترهل إلى حدوث تآكل مع الوقت لمفهوم الثقافة نفسه لدى العاملين بالوزارة ككل وأيضا إنهيار لأخلاقيات المهنة.
ومن الملفت "بالمرة بقى" للنظر الترسانة العسكرية (شرطة الآثار) الموجودة أمام المتاحف الكبرى والمناطق الأثرية، والتي تقوم بدورها المنوط بها وهو حماية المتاحف والآثار من المصريين "المقرفين".
إن إتخاذ وإصدار القرارات في تلك الوزارة "المترهلة" كما في باقي الوزارات ببلدنا المنكوب يتم بمركزية شديدة خاصة "ندب" المسئولين بالمؤسسات والقطاعات المختلفة بغض النظر عن تخصصاتهم أو خبراتهم ،فليس هناك معايير محددة للإلتحاق بوظيفة ما في وزارة الثقافة، ويبدو هذا طبيعياً في ظل نظام تحكمه الوسايط والإستعانة بأهل الثقة وليس أهل العلم وبالطبع ينطبق نفس الشيء على اختيار رؤساء الهيئات والمؤسسات الهامة "الموظفين الكبار" فمثلا تم انتداب الدكتور حسين الجندي ليكون رئيساُ للمجلس القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، وهو المتخرج من معهد السنيما ولا يمت للمسرح بصلة، وقبل هذا المنصب كان يشغل وظيفة مدير صندوق التنمية الثقافية "وقت أزمة لوحات محمد علي"، هناك آيضاً أيمن عبد المنعم مساعد الوزير والمسجون على ذمة قضية فساد كبرى ،وكان يشغل ثلاثة مناصب هامة في وقت واحد ،أيضا الثقافة الجماهيرية لم يتم تعيين أي مسئول عنها من داخلها سوى على أبو شادي ،ولا يوجد هنا ما يعرف في كل أنحاء العالم بالسيرة الذاتية التي يتم على أساسها إختيار الشخص المناسب للمكان المناسب ،وقد تسبب الإستعانة بأهل الثقة وليس العلم في كوارث منها سرقة تراث أحد المؤسسات "القومية" بالكامل وهذا بدوره حول الوزارة نفسها إلى متحف لديناصورات الفساد والمحسوبية والإهمال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مفيش مثقفين عشان يبقى فى وزاره للثقافه
جمال الدين الافغانى ( 2011 / 1 / 24 - 20:37 )
علىفكره المشكله عندنا اننا مش لاقين جيل جديديقرا ويتعلم اويفهم اكتر الموجودعلى الساحه لا يزيدعلى انه يردد ما يقال فى الصحافه والتلفزيون منغير اى فهم وبقى الصحفى بالضروره مثقف وايضا الدكتور والمهندش بقا استخدام الكلمه عشوائى ولاا يدل على اى شئ

اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح بين


.. بوتين: كيف ستكون ولايته الخامسة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد -بتعميق- الهجوم على رفح


.. أمال الفلسطينيين بوقف إطلاق النار تبخرت بأقل من ساعة.. فما ه




.. بوتين يوجه باستخدام النووي قرب أوكرانيا .. والكرملين يوضح ال