الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جريدة الأهرام: أني لا أكذب ولكني أتجمل

صلاح الجوهري

2010 / 9 / 19
الصحافة والاعلام


لا أخفي عليكم دهشتي عندما شاهدت صورة الرئيس مبارك المعدلة في جريدة الأهرام المصرية وكنت من قبل قد شاهدتها في المواقع والجرائد العالمية مثل رويترز و بي بي سي و غيرهم قبل أن أتصفح الجرائد المصرية بحكم العادة. فللأسباب عديدة لم أعد أثق بالجرائد المصرية ثقة عمياء. لذا أتصفح وكالات الأنباء العالمية أولا ثم انتهي بصحافة مصر.

شاهدت الصورة مرارا وتكرارا في صحف الأنباء العالمية ولم يخطر ببالي أن تكون الصورة مفبركة في جريدة الأهرام على الرغم من تصفحي لها على الموقع الإلكتروني. وعندما أثيرت تلك السقطة الإعلامية ضحكت كما لم أضحك من قبل وتخيلت فعلا الموقف الذي يمكن أن يجعل مبارك يسابق رؤساء الدول في السير ليكون هو الأول ويحصل على الميدالية الذهبية وينال تصفيق الجماهير. تخيلت منهكا بعد هذا السباق ولم يقوى على متابعة المفوضات وأخذ قيلولة صغيرة حتى ينتهوا.

طبعا هذا خيال، ولكن فعلا الرئيس مبارك المتأخر عن الركب بدا منهكا مقارنا بأوباما الشاب الذي يتمتع بطول غير عادي يجعل فتحة أرجله تسابق من يمشي بجانبه.

من الذي يمشي أولا؟ ومن الذي يتقدم المسيرة؟ ومن وصل أولا؟؟ تلك أمور الصغار وهو شعور بالضعف وإحساس بالنقص يجعل الذي يرى الرئيس متأخرا عن الركب تأخرا في صنع القرار أو أن دور مصر في المحادثات المباشرة يعد دورا تكميليا ثانويا. ونسي فعلا أن مصر تعيش فعلا تراجعا حضاريا غير مسبوق. تجعل الصورة الأصلية هي الصورة التعبيرية وليست الصورة المفبركة. فقد برر الأستاذ أسامة سرايا هذه السقطة الإعلامية تبريرا مستفزا حين قال أن هذه الصورة المفبركة ما هي إلا صورة تعبيرية لمكانة مصر في هذه المفاوضات. ولكني للأسف أرى أن الصورة الأكثر تعبيرا عن حال مصر بين الأمم هي الصورة الأصلية التي لا يستطيع أي برنامج كمبيوتر أن يعيدها إلى وضعها الحضاري بين الأمم.

الشعور بالنقص يختلط أيضا بالغباء الإعلامي الذي يتصور أن الأهرام بتاريخها العريق وبحضورها الإعلامي العالمي لا تعدوا أن تكون مجرد نشرة إخبارية توزع في محلات السوبر ماركت وأن أي خبر غير صحيح أو مفبرك هو خبر محدود يشاهده القلة القليلة. وماحدش واخد باله وكله عند العرب صابون.

ليس شعورا بالنقص والغباء معا، بل هو انعكاس حي على الانتكاسة الفكرية والإعلامية التي تعاني منها مصر.

ففي مقال لي على الحوار المتمدن سابقا كنت قد تكلمت عن سقطات جريدة أخرى من جرائد مصر إلا وهي جريدة اليوم السابع التي تورطت عدة مرات في أخبار غير صحيحة والترويج لأخبار كاذبة والتورط في فبركة بعضها والتمادي في هذا الخطأ، دون إعتذار أو تدارك للموقف.

وشبهت التمادي في الخطأ كمن سار بسيارته عكس الاتجاه، فبدلا من الاعتذار والتراجع يبدأ في ضرب مصباح السيارة القوى لمن هم في الاتجاه الصحيح ويتبجح محاولا أن يسيطر على الموقف بالصوت العالي واستعراض النفوذ (أنت مش عارف أنان مين؟).

حدث سابقا مع اليوم السابع والآن مع جريدة عريقة كجريدة الأهرام. فها الأستاذ أسامة سريا بدل من التراجع وتقديم الاعتذار أو التدارك، بدأ في التفاخر بهذا العمل وتبرير العمل بأنه صورة تعبيرية وسيعمل على مكافئة الشخص الذي قام بهذا العمل (المزور). فتحول العقاب إلى ترقية. وتحول التزوير إلى عمل محمود.

في مصر دائما ما يترقي الإنسان المخطئ. ... لماذ؟ ....للان لا أعرف إجابة لهذا السؤال.

في المصالح الحكومية المصرية إن اشتكيت أحد الموظفين بأنه يؤخر معاملاتك. فكن حذرا فقد يترقى ولا تتم معاملتك معه إطلاقا. لذا يفكر الإنسان البسيط قبل أن يشكو أي موظف حكومي. لأنه سيعلم علم اليقين أن معاملاته لن تقضى مطلقا وأن الشكوى التي سيتقدم بها ليس لإصلاح سير العمل، وليست رفعا للظلم ومحاسبة المخطئ، وإنما هي نكبة على هذا الإنسان البسيط وعلى اللي خلفوه.

لذا أرى مستقبلا قاتما للإعلام المصري الذي يقوم عليه الآن أشباه المتخصصين، والدخلاء على الإعلام المصري أصبحوا كثر، فجمع الإعلام المصري كل من ليس له عمل بل قل الأسوأ. لقد جمع الإعلام المصري طلبة وطالبات وزعهم مكتب التنسيق الجائر على كليات الإعلام وهم لا يحبونها. فجمع ما بين غير الموهوبين والعاطلين.

معظم الوظائف يشغلها أشخاص في مصر لا يحبون عملهم بل هم ضحايا مجموع الثانوية العامة ومكتب التنسيق الذي يوزع الطلاب ليس بحسب كفاءة الإنسان وحبه للتخصص الذي يريده، بل بحسب مجموعه في الثانوية العامة. فيرى الشباب أن كليات الإعلام أحسن من الجلوس على المقاهي. وعند التخرج ... أهي شغلانة والسلام.

للأسف مصر تنحدر بسبب السياسات الغبية التي تنتهجها الحكومة وهي تفتخر بذلك كما قلت قبلا في مقال لي (الردة الحضارية في مصر) هذه السياسات تتفاخر أمام العالم بغبائها وتتبجح أمام الجميع بأن غبائها هو أفضل الأفكار وسقطاتها هي أحسن الانتصارات. والعالم عليه أن يتقبل هذا وعلينا أن نتجرع يوميا تزوير وافتراءات وكذب وتلفيق الصحافة المصرية فمتى سنكف عن تصديقها.

بس خلاص !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيك سوليفان: -قرار تجميد شحنة الأسلحة، لا يعني أننا سنتخلى ع


.. اتساع رقعة العمليات العسكرية في غزة رغم الدعوات الدولية لوقف




.. معارك ضارية في الفاشر والجيش يشن قصفا جويا على مواقع في الخر


.. -منذ شهور وأنا أبحث عن أخي-.. وسيم سالم من غزة يروي قصة بحثه




.. بلينكن: إذا قررت إسرائيل الذهاب لعملية واسعة في رفح فلن نكون