الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبعة ملائكة وشاهدان .. ملامح من أفراح العيد

محمد سعيد الصگار

2010 / 9 / 21
الادب والفن


منذ سبعة وسبعين عاماً‮ ‬حافلة بالتموجات الصاعدة والنازلة،‮ ‬العاصفة والمتأنية،‮ ‬الخائبة والناجحة،‮ ‬والمتواصلة منذ أن أبصرت نور الحياة إلى اليوم؛ لم أشهد فيها مثل هذا العبد الذي‮ ‬هو أسعد الأعياد في‮ ‬ذلك الشريط الطويل المحتشد بالمفارقات والأوجاع والقلق والتوتر والخوف والإنتظار وضغط الدم والديون،‮ ‬وحلاوة السكري،‮ ‬وتعثر الخطى،‮ ‬واتسداد الأوردة والأرزاق‮.‬

هذا العيد كان ذا وجه أبهى جمعنا لأول مرة بسبعة من الشياطين،‮ ‬هم في‮ ‬الحقيقة سبعة ملائكة،‮ ‬ثلاثة منهم أبنائي،‮ ‬وأربعة منهم أحفادي.
‬وكان ضجيج الأحفاد وفرحهم‮ ‬يأتي‮ ‬كأعذب ما أسمع من أصوات،‮ ‬أنا الذى أحتاج دائماً‮ ‬إلى الهدوء والصفاء،‮ ‬وأنتقي‮ ‬لما أسمع أنقى الأصوات وأصفاها،‮ ‬وأنقلها من ذبذات الصوت إلى ذبذبات القلب‮. ‬وإذ كان للإحفاد مدارهم من الفرح،‮ ‬كان للأولاد مدار آخر في‮ ‬الحوار والتأمل ومتابعة سياق الحياة،‮ ‬واختلاف الآراء واتفاقها‮.‬

بين موسيقى شوبرت الذي‮ ‬أحبه ومونولوجات عزيز علي‮ ‬وميانات‮ ‬يوسف عمر،‮ ‬وضجة الأحفاد الني‮ ‬يختلط فيها الضجيج وأصوات اللعب الألكترونية والصياح المفرح بتغلبهم على حل ألعابهم،‮ ‬مسافة ليست متنائية،‮ ‬لأنها،‮ ‬كلها مفاتيح للفرح الذي‮ ‬أجلناه وقتاً‮ ‬طويلاً،‮ ‬وها نحن اليوم في‮ ‬مهرجان ضم سبعة من ملائكة الشياطين،‮ ‬تسندهم الحاجة جدتهم وأنا‮.‬
في‮ ‬الحقيقة،‮ ‬ليست للأفراح مواسم،‮ ‬ولكن للعيد فرحة ذات نكهة خاصة،‮ ‬استمتعت بها هذا اليوم بأكثر مما استمتع بها الأولاد والأحفاد‮.‬

ومع أن أحفادي‮ ‬لا‮ ‬يحسنون من العربية‮ ‬غير عبارة‮ (‬عيد سعيد،‮ ‬وجدو،‮ ‬وبيبي‮)‬،‮ ‬فهم بين فرنسيين ويابانيين، كانت اللغة الأسمى هي‮ ‬لغة الفرح الذي‮ ‬أشاعوه لنا في‮ ‬هذا اليوم المبارك‮.‬

الجدة‮ ‬غادرتنا ليلة البارحةا بعد منتصف الليل لتنعم بقسط من الراحة بعد عناء‮ ‬يومين في‮ ‬إعداد مستلزمات المائدة من الكليجة وكبة الحلب والمعجنات وأصناف الأسماك التي‮ ‬تهالكنا عليها وكأننا لم نذق مثلها؛ وكان مذاقها مختلفاً‮ ‬فعلا،‮ ‬بين رنين ملاعق الشاي‮ ‬والحلويات،‮ ‬والتعليقات التي‮ ‬هي‮ ‬أشهى من كل ذلك‮.‬

حين‮ ‬يحيط بك سبعة ملائكة من صنف الشياطين،‮ ‬يتوغلون إلى عمق أعماقك ويمنحونك هذه البهجة الصاخبة،‮ ‬ماذا تريد أكثر من ذلك‮.‬

مغفور لأيامي‮ ‬كل ما مر‮ ‬بها من مرارة وعناء جاءني‮ ‬بهذه الفوضى الخلاقة،‮ ‬والضجيج والفرح الطافح من الأحفاد‮.‬

كان هذا العيد‮ ) ‬2010‮(‬أجمل أيامي،‮ ‬وربما آخرها؛ وهو جدير باعتزازي،‮ ‬فما زالت أصواتهم تتموج في‮ ‬أرجاء المرسم والبيت،‮ ‬وفي‮ ‬حنايا القلب‮.‬

هذا الوهج الذي‮ ‬يشيعه الأحفاد بفرحهم‮ ‬وضوضائهم هو خلاصة العمر،‮ ‬وصفوة ما تبقى لدينا من الرحلة الطويلة،‮ ‬وهو،‮ ‬بعد، حصيلة تلك الإيام القاحلة التي‮ ‬مرت بنا،‮ ‬وهي‮ ‬اليوم من متاع الذاكرة الحميم.

لا أريد أن أفلسف المعاني‮ ‬الإنسانية والدلالات المعنوية لهذه الممارسات،‮ ‬فهي‮ ‬من تحصيل الحاصل الذي‮ ‬يعرفه الجميع،‮ ‬ولكنني‮ ‬أردت أن أشير إلى قدرتها على تعطيل الألم،‮ ‬وتأجيل اللوعة مما نصادفه من أوجاع‮.‬

ميلان وتيو وياسو‮ (‬الكسندر‮)‬،‮ ‬ووائل الذي‮ ‬نسميه‮ (‬واوي‮) ‬الذي‮ ‬هو شيطانهم الأكثر إمناعا بما لديه من‮ ‬طرائف وحذلقات ومقالب بسيطة تنقلنا إلى عالم البراءة والصفاء‮.‬

أكثر ما لفت انتباه الأحفاد في‮ ‬هذا العيد هو تلك‮ (‬العيدية‮) ‬التي‮ ‬عمرت جيوبهم،‮ ‬وراحوا‮ ‬يحصون قيمتها،‮ ‬فهم لم‮ ‬يعتادوا على الهدايا النقدية،‮ ‬وإنما على الهدايا المتمثلة بالألعاب والكتب والأزياء وألعاب الكومپيوتر،‮ ‬أما اليوم فهم أثرياء مع هذه الخردوات الجديدة على تجاربهم‮.‬

للأحفاد نكهة حياتية تختلف عن نكهة الأولاد لكونهم‮ ‬يضاعفون فرحة الوجود التي‮ ‬خبرناها مع الأولاد قبلهم،‮ ‬مع جرعة إضافية من الحنان والفرح والزهو والأمل بجمال الحياة‮.‬

مع الأحفاد،‮ ‬نحس بالأمان والأمل،‮ ‬ونتناسى هموم الحياة ومشاكلها،‮ ‬وعندما‮ ‬يغادروننا‮ ‬يظل ضجيجهم‮ ‬يملأ البيت،‮ ‬وتظل ضحكاتهم تتموّج في‮ ‬أرجائه‮.‬

كل عبد وأنتم بخير‮.‬








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لك من العمر اجمله
ئاشتي/ دنمارك ( 2010 / 9 / 20 - 22:48 )
استاذنا الكبير أبا ريا
لا أملك غير أن أبتسم لمرآك وأنت توزع مشاغلك بين أحفادك كم أنا سعيد بسعادتك بأحفادك
كل الذي أتمناه أن تستمر سعادتك لأعياد قادمة،نرى فيها حلمنا وقد تحقق الكثير منه،كتاب في اليد ،فلم جميل في صالة للسينما، رقصة زورباوية على شاطئ
دجلة،قدح من النبيذ الفرنسي نعطر به أيامنا..هل هذه الأمنيات كبيرة علينا؟؟
أذن ليختصورها بموت هادئ لنا،لأننا في الحقيقة نكون قد اضعنا العمر كله
لك امنياتي بموفور الصحة
صديقك ئاشتي/دنمارك


2 - ستشرق شمسك غداَ وبعد عام وبعد دهر أيها الصكار
الحكيم البابلي ( 2010 / 9 / 21 - 05:55 )
أستاذي العزيز محمد سعيد الصكار
اسعد الزمن أعيادكم وايامكم ونفوسكم وكل العائلة الكريمة
كم هو جميلٌ وحقيقي قولك : ليست للأفراحِ مواسم ، ولكن للعيد فرحة ذات نكهة خاصة
وصدقني أحسستُ وشعرتُ وتطعمتُ هذه النكهة في سطورك اليوم ، وأكاد اقسم بأنني شممتُ رائحة ( الكليجة ) التي لا يُسَمي أي عراقي العيد عيداً بدونها ، أشبع الزمن أبناء بلادي كليجة وجعل كل أيامهم أعياداً وسعادة
ومن خلال كلماتك عن العائلة الصغيرة السعيدة بوجود جدو وبيبي والأولاد والأحفاد بقيادة الواوي الصغير ، تمنيت للحظات أن أكون معكم وزوجتي وبناتي ، كوني أعرف بأن العراقيين ممكن أن يكونوا عائلة واحدة مُتجانسة في لحظة زمنية عابرة ، كما ممكن أن يتقاتلوا لألف سبب تافه أحياناً ، وهذا هو قدرنا
عزيزي أبا ريا ، لا تكتب عن توقعاتك لمستقبل الأيام ، مثل قولك : ربما يكون هذا آخر عيد لي
شخصياً لا أفكر في نهايتي إلا نادراً ، كوني اؤمن بأن أغلبنا يعيش في الوقت المستقطع ، شخصياً كان المفروض بي أن أرحل منذ سنة 1988 ، ولكن شكراً لتكنلوجية أميركا التي كانت أسرع بخمسة دقائق من هادم اللذات ومُفرق الجماعات
كُن متفائلاً وتمتع بكل دقيقة
تحياتي


3 - ياتمرة الخستاوي
محمد الرديني ( 2010 / 9 / 21 - 07:33 )
مرّ هذا العيد ياصديقي الاعز الصكار كالتالي
كانت الكليجة متوفرة على عناد البابلي ولكن العيد كان كما تعرف بعيدا عنا ولم يستطع احد منا التطاول عليه لطول قامته الا صاحب سوبرماركت من جيلنا
تذكر الدواليب البصرية والحمير الفرحة وهي تحمل الاطفال الخفاف وشعر بنات وابيض وبيض والشكرلمة فما كان منه الا طلب من ابنه الكبير وهو رسام اصيل ولكنه لايعرف من العربية سوى بابا وماما ، اقول منه ان يرسم على لوحة كبيرة زينت مقدمة محله مجموعة من حمير العيد والمراجيح ودواليب الهوى وطفل صغير يأكل ابيض وبيض
وحتى هذه اللحظة كلما يخلو محله من الزبائن يقفز بخفة شاب الى بوابة محله ليرى العيد
سلمت واعتقد ان ربنا سيحفظك لنا نحن الملهوفين الى وجود الشرفاء بيننا في زمن عز فيه حتى استيراد الشكرلمة


4 - الاستاذ الصكار المحترم
على عجيل منهل ( 2010 / 9 / 21 - 09:23 )
مبروك لك هذه السعادة والفرح جعل الله ايامك افراحا وسعادة وكل الصحة والعافية


5 - أيامك فرح سيدنا الصكار العزيز
ليندا كبرييل ( 2010 / 9 / 21 - 14:05 )
Omedeto gozaimasu senseii
كان هدا العيد أجمل أيامي وربما آخرها
Nagaii iki shite kudasaii .. Ojiisama , Obaasama
أرجو أن تستعين ب ياسو ليشرح لك ما كتبته

ما اجتمع اثنان إلا وكان العيد أقصد الفرح ثالثهما , وما دمت تدهشنا في كل مرة بغير المطروق وتضع أعيننا على شواطئ فرح جديد , فإن الحلم سيظل يدافع عن وجوده . الحلم لا يزور إلا الأحياء - المعايديبن دوماً - سيدنا . أعانق فرحك متمنية لكم جميعاً السعادة


6 - مشاعر الكاتب استاذ الصكٌار
مرثا فرنسيس ( 2010 / 9 / 25 - 19:03 )
سلام لك استاذ
أجمل احتفال هو الذي يستطيع الإنسان ان يفرح ويضحك فيه من القلب مهما كانت المناسبة
وأجمل مافي الكتابة انها تنقل احاسيس ومشاعر الكاتب كما هي وبكل صدق
وأشعر بالفرحة تغمر حروفك وكلماتك
دمت سعيدا بأحفادك وأحبائك
محبتي واحترامي


7 - الفوضى الخلاقة
عبد الإله سباهي ( 2010 / 12 / 1 - 23:26 )
عزيزي ابو ريا
الثلج اليوم عندنا في الدنمارك قد جاوز المتر ولكن تحياتنا وأشواقنا لك تظل تحتفظ بدفئها.
كل مرة تضعني في حيرة من استعاراتك والتي أظنك تعنيها
- مغفور لأيامي كل ما مر بها من مرارة وعناء جاءني بهذه الفوضى الخلاقة-
هل سنشكر ونغفر الأيام المريرة التي مرت بنا بعد أن جاءتنا -بالفوضى الخلاقة- والتي لا نعرف نهاية لها؟
أشتاق لأخبار أيها العزيز. .

اخر الافلام

.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا


.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف




.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??