الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإصلاح المزعوم لنظام التقاعد بالمغرب: هجوم آخر على العمال وعموم المأجورين

كريم اعا

2010 / 9 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بعد أن دق ناقوس التراجع عن مكتسبات المتقاعدين بفرنسا، بتبني مشروع "إصلاح أنظمة التقاعد" من قبل أغلبية النواب البرلمانيين الفرنسيين، لا شك في أن سياسيينا المغاربة وشيعهم من أنصار الهجوم على المكتسبات الاجتماعية للعمال المغاربة وعموم المأجورين، سيطلقون العنان لدسائسهم وأساليبهم التناورية لتكريس مسلسل التراجعات والهجوم على حقوق غير مكتملة أصلا وبحاجة لتغيير جذري.
ولن نسقط في فخ اعتبار أنظمة التقاعد الحالية مثالية وبحاجة لحماية، نظرا لما تكرسه من تفاوتات وتمييز بين العمل اليدوي والفكري، ولما تتأسس عليه من تصور طبقي ينطلق من جعل العمال وعموم المأجورين المصدر الوحيد لإغناء صناديق التقاعد وعموم ميزانية الدولة. ناهيك عن الآفاق المرسومة لهذا المكسب الاجتماعي عبر جعله ميدانا للمضاربة والريع الماليين، بعد خوصصة ممتلكات شعبية بنتها سواعد أبناء الشعب.
ولعل الحديث عن إصلاح مزعوم لأنظمة التقاعد بالمغرب يجعلنا نسجل الملاحظات التالية:
- الأزمة التي يتحدثون عنها جزء من حملة للتضليل وحجب حقيقة واقعية مؤداها ارتفاع حجم الثروة التي تنتجها البلاد واستفراد حفنة من البرجوازيين وخدامهم بها؛
- استمرار الدور الطبقي لجهاز الدولة من خلال مسارعته لنجدة الرأسماليين وإعفائهم من التنازل عن جزء من فائض القيمة الذي يستأثرون به، عبر امتيازات ضريبية سخية وإجراءات تحفيزية لمزيد من نهب خيرات الوطن واستغلال أبشع ليدها العاملة؛
- تواطؤ الحاكمين وأجهزتهم الإيديولوجية مع النقابات الصفراء والبيروقراطية لضرب حق العمال في تقاعد مريح وضامن للكرامة؛
- استثمار حالة التراجع التي يعرفها النضال العمالي بخاصة، والجماهيري بعامة من أجل فرض إجراءات مجحفة كالرفع من سن التقاعد أو التخفيض من قيمة معاشات لا تمكن أصلا من العيش الكريم؛
- استثمار الآلة الإعلامية للدولة لخلق مناخ سلبي يسمح بالتمرير السريع للتراجعات، ولو بخلق أحداث جانبية أو استغلال قضايا قادرة على التجييش وعدم الالتفات لضرب الحق في العيش الإنساني بعد سنوات من الكد والاستغلال؛
إن الهجوم الكاسح الذي يشنه الرأسماليون وخدامهم على مكتسبات انتزعت بالتضحيات الجسام يفرض على أنصار الخط البروليتاري التسلح بمواقف واضحة والتمسك بخيار المواجهة الميدانية لكل المخططات الطبقية وعلى رأسها ضرب الحق في تقاعد إنساني مريح.
ولن نحيد عن الصواب إن قلنا بأن جميع الفئات الاجتماعية التي تعيش من قوة عملها ستصطف إلى جانب الطبقة العاملة في معركتها هاته وستحمل إلى طاحونتها دعما يتطلب وجود قيادة عمالية لاستثماره والدفع به نحو آفاق ثورية. وكل الخطر في السماح للقيادات البرجوازية الصغيرة المتنفذة في النقابات البيروقراطية بقيادة هذا النضال، فالتجارب التاريخية تبين تراجعاتها الكبيرة وتخليها عن النضال العمالي الحقيقي، ولنا في مواقفها من "إعلان المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد المنعقد بتاريخ 31 ماي 2010 عن جملة من الإجراءات التقنية، دفعة واحدة، بدعوى الحفاظ على التوازن المالي للصندوق، والمزمع أنه مهدد بالاختلال ابتداء من سنة 2011" خير دليل: بيان يتيم يستجدي الحكومة ولا يضع الرد الجماهيري في جدول أعماله.
معركة أنظمة التقاعد جزء من نضال جماهيري كبير، يفرض التسلح بنظرية سليمة، تتأسس عليها استراتيجية واضحة، تترجم إلى برنامج عملي جريء. وفي غياب إطار تنظيمي قادر على تحمل هذه المسؤولية لا خيار أمام المناضلين العماليين إلا العودة إلى أشكال العمل التي شكلت ولا تزال قوتهم المؤثرة: تفجير المعارك الميدانية واستثمار الزخم الذي تتيحه لبناء التنظيم العمالي، بوابة تحصين النضالات والذوذ عن مصالح العمال وعموم المستغلين، بعيدا عن مكيافيلية البرجوازية الصغرى وتفسخ البيروقراطية النقابية.
الأكيد أن الفئات الحاكمة ستعمل على تمرير مخططها الجديد عبر إجراءات عملية آنية، ترافقها بيانات نقابية وحزبية خجولة، تستنكر استفراد السلطة السائدة بالحسم في هذه المسألة ولا تستطيع حتى مواجهة نزع آخر أوراق التوت التي تخفي بها طبيعتها الانبطاحية والمساومة.
قوة الخط العمالي الكفاحي في قدرته على تعبئة صفوفه، وبالأخص شبيبته القادرة على العطاء والتضحية، أما شيوخه التي أبانت عن جبن كبير وضعف في المبادرة ومجابهة المهام الفكرية والتنظيمية التي يفرضها الصراع الطبقي، فقد تحولت إلى عامل إضعاف لن يتم تجاوزه إلا بتقديم نقد ذاتي صريح والالتفاف من جديد حول القضايا الجماهيرية ذات الأولوية.
وإلى حين تحقق ذلك، سيتم استهداف سن التقاعد والمساس بقيمة المعاشات الهزيلة أصلا، وتجميد الأجور مقابل ارتفاع تكلفة المعيشة، لنستيقظ على قضايا هامشية يجعلها الإعلام الرسمي حدثا نوعيا جديرا بالمتابعة واتخاذ مبادرات ميدانية لمساندتها أو مجابهة ما ينتج عنها من صراع مغشوش لا ينفك يعيد الواقع إلى حاله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها