الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حق تقرير المصير والحفاظ على الثوابت

أكرم أبو عمرو

2010 / 9 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


في أواخر عام 2004 أعلن ارئيل شارون رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق لأول مرة عن مشروع مقترح لفك الارتباط آحادي الجانب عن قطاع غزة ، والذي كان ابرز بنوده هو إخلاء المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة وإخلاء الجيش الإسرائيلي لمواقعه داخل القطاع ، ولم يمضي كثير من الوقت حتى بدأ حراك داخلي فلسطيني على جميع المستويات السياسية والثقافية حيث نظمت العديد من الندوات وورش العمل لتدارس الموضوع وشكلت اللجان المتخصصة لوضع الدراسات والاقتراحات لمتابعة تداعيات هذا المشروع ، وفي هذا السياق جمعني لقاء مع عدد من أساتذة الجامعات لتدارس الأمر ووضع سيناريوهات محتملة للتعاطي مع هذا الظرف فعلى الرغم من رفضه رسميا فقد كان هناك ترحيبا فلسطينيا واسعا من العديد من أبناء القطاع والفصائل المختلفة كيف لا وهو يتحدث عن زوال الاحتلال بعد أن ظل جاثما على ارض قطاع غزة ثمان وثلاثون عاما ، لقد تناولنا في هذا اللقاء الوضع السياسي الفلسطيني والظروف التي دفعت شارون لاتخاذ هذا القرار والأهداف المحتمله لاتخاذه والاقتراحات التي يمكن الأخذ بها بعد انتهاء عملية الإخلاء الإسرائيلي ، وأثناء الحوار سأل احد الاساتذه الحاضرين سؤالا قال فيه : أريد أن اعرف بالضبط ماذا يعني حق تقرير المصير الذي نطالب وننادي به منذ النكبة وحتى الآن ؟ استغربت في حينها هذا السؤال وقلت في نفسي أيعقل أن لا يعرف هذا الأستاذ ما المقصود بحق تقرير المصير ، ولكنني أدركت الآن أن هذا الأستاذ كان بعيد النظر بل يتمتع بنظرة ثاقبة فهو له كل الحق في هذا السؤال وأنا اكرر سؤاله ماذا يعني حق تقرير المصير ؟ شعار طالما ورد على السنة الخطباء في مختلف المحافل والمناسبات منذ النكبة وفي الكتب والمقالات وقرارات المؤتمرات والمنظمات وحتى إلى وقت قريب ، أن حق تقرير المصير يعني أن هناك خيارات عديدة أمام الشعب الفلسطيني له الحق في اختيار أي منها لتحديد مستقبله ، خيارات لشعب تائه فقد بوصلته حاول البعض وضعه على مفترق طرق ليستكمل تيهه ، لان الخيارات الموضوعة والتي ناضلت الحناجر والكلمات كثيرا من اجل إقراراها عبر شعار حق تقرير المصير هي خيارات اقرب لاندثار الفلسطيني منها إلى البقاء فمن الخيارات إقامة الدولة أم الانضمام إلى دولة أخرى تحت أي مسمى وحدة فيدرالية أو كونفدرالية ، العودة أو التعويض الخ ، عندما ننظر إلى الشعوب العربية والإفريقية والأسيوية التي عانت كثيرا من الاستعمار وضحت من اجل الاستقلال لم نجد دولة واحدة وضعت أمامها خيارات كهذه بل كان الهدف الوحيد هو جلاء الاحتلال ونيل الاستقلال ليمارس الشعب حياته بحرية ليتطور وينمو بتطور العصر ، ويعمل على علاج قضاياه الداخلية بنفسه عبر نظامه الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي المستمد من تاريخه وتراثه ، ويمضي شعار حق تقرير المصير عشرات السنين دون أن نرى حقا ولا مصيرا أو حتى خيارات ، واليوم اختفى هذا الشعار لم يعد أحدا يتناوله ليحل مكانه شعارا آخر ألا وهو شعار الحفاظ على الثوابت الفلسطينية ، نعم شعار الحفاظ على الثوابت ، ترى أي ثوابت نريد الحفاظ عليها ، وهل هناك تهديد لثوابتنا ؟ اعتقد لا فأن هذه الثوابت محفورة في قلوب الفلسطينيين منذ ولادتهم ، فإذا سالت أي طفل فلسطيني من أين أنت سيجيب عل الفور أنا من يافا أو السبع ( بئر السبع ) أو من المجدل الخ من المدن والبلدات الفلسطينية إذن هذا هو العنوان الحقيقي لحفاظنا على الثوابت ، طوال اثنتي وستون عاما لم ينس الفلسطينيون أرضهم وحقوقهم ، لم يفرط أحدا بهذه الحقوق ولم يتنازل ، لان من تنازل فعلا وفرط في ثوابتنا من أقام العلاقات مع عدونا ، من هرول إلى التطبيع معه وافتتح المراكز التجارية ومراكز الاتصال ، من فرط من أدار ظهره لشعبنا وسكت عن الدم النازف دائما على أرضنا ومن شعبنا ، من فرط في ثوابتنا هو من سكت عن مصادرة الأراضي وتهويد القدس ، من فرط في ثوابتنا من حاصر وساهم في حصار شعبنا ، إذن فشعار الحفاظ على الثوابت ملهاة الغرض منها تمرير سياسات بعينها لخدمة أجندات إقليمية لا ترى في القضية الفلسطينية سوى صهوة خيل لبلوغ أهدافها، لذلك علينا اليقظة والانتباه بعدم التحليق بعيدا بشعارات لا تسمن ولا تغني من جوع ، ولا تستعيد أوطانا فعدونا شرس ويعمل على تحقيق اهدافة واستراتيجياته غير آبه بكل شعاراتنا ولننظر إلى حالة شعبنا وما بها من مشاكل جمة ، ناتجة حتما عن الاحتلال وممارساته فعندما يحاصر قطاع غزة لمدة طويلة فحتما سترى معدل البطالة الأكثر في العالم ، وما يلحق بها من تزايد معدلات الفقر ، والنسيج الاجتماعي المهدد ، وهجرة الشباب وفي الشباب تكمن مأساة كبيرة فقد قدر لي منذ أيام أن أكون أمام معبر رفح البري ورأيت جموع المسافرين لقد كان غالبيتهم العظمى من الشباب الأقل من ثلاثين عاما ، وتساءلت في نفسي إلي أين هؤلاء ذاهبون صحيح أن الهدف من سفرهم هدفا مشروعا لأنهم ذاهبون أما للدراسة أو العمل ولكن ياترى هل سيبعود هؤلاء إلى وطنهم للمساهمة في بنائة وتنميته اعتقد في ظل هذه الظروف لا فإن لم يكن جميعهم فمعظهم لن يعود ، محصلة القول فلنترك هذه الشعارات ولننظر إلى واقعنا بكل جوانبه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي