الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلاح المظاهرات

ساطع راجي

2010 / 9 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


جاء تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الذي نشرته في 17 أيلول الجاري ليقرع جرسا كبيرا ومدويا ينبه العراقيين وقواهم السياسية للمآلات الخطرة التي تنتظر حرياتهم وحقوقهم الدستورية، فقد أشار التقرير الى خطورة القيود التي وضعتها الحكومة العراقية على حق التظاهر بذرائع شتى، وهي قيود ستؤدي عمليا الى الغاء حق التظاهر، وبذلك سيفقد العراقيون وقواهم السياسية واحدا من اهم الاسلحة للمطالبة بالحقوق وللدفاع عن النفس والمجتمع.
لم تهتم وسائل الاعلام ولا القوى السياسية كثيرا عندما قررت الحكومة فرض قيود على حرية التظاهر، كما ان وسائل الاعلام والقوى السياسية لم تهتم كثيرا بتقرير هيومن رايتس ووتش، وهو امر يكشف حالة من اللامبالاة السياسية والثقافية بحرية أساسية اقرها الدستور ويحتاجها اي شعب للتعبير عن مواقفه ومطالبه.
لقد خسرت الحكومة العراقية وخسرت العملية السياسية كثيرا بالتقرير الذي أصدرته المنظمة الدولية المهتمة بمتابعة حقوق الانسان، وتتمثل هذه الخسارة في دخول العراق بنظامه السياسي الجديد في قائمة الدول التي تنتقص من الحريات العامة وتقيد تمتع المواطنين بحقوق الانسان، وهذه القائمة غالبا ما تضم البلدان المحكومة بنظم دكتاتورية كان العراق في ظل النظام السابق من بينها وبمعنى آخر، فإن العراق قد عاد في احد اوجهه الى مكانه السابق رغم المعاناة التي عاشها العراقيون للتخلص من ذلك المكان.
لقد خسرت القوى السياسية العراقية، مهما كانت علاقتها بالسلطة، من تقييد حرية التظاهر لأنها فقدت واحدا من اهم الاسلحة السياسية في مرحلة خطرة في مسيرة بناء الدولة، فأي من هذه القوى ستكون بحاجة للتعبير عما قد يلحق بها من مظالم او غبن عبر التظاهر، كما انها ستحتاج الى التعبير عن مطالبها بهذه الوسيلة المهمة في التعاطي السياسي، ومن المستغرب ان تصمت القوى السياسية هذا الصمت الرهيب وهي تفقد اهم اسلحتها.
تضرر بعض الممتلكات العامة، حدوث حالات شغب، تجاوز بعض المتظاهرين على القوانين، عرقلة المسير الروتيني للحياة مؤقتا، كلها امور تحدث نتيجة للتظاهر في جميع البلدان التي تشهد تظاهرات جماهيرية، ومهما كان شكل النظام الحاكم، لكن الخروقات او المخاوف لا يمكن ان تبرر الغاء حق التظاهر او تقييده بطريقة عشوائية وبمحددات غامضة ومعقدة تقود عمليا الى الغاء التظاهر.
عندما يقدم اي نظام سياسي وفي اي ظرف وتحت اي ذريعة، بتقليص الحريات العامة، فأنه يدفع بنفسه للدخول في قائمة النظم الاستبدادية من جهة، ويدفع بالمواطنين الى انتهاج اساليب غير سلمية وغير قانونية للتعبير عن ارائهم وتحقيق مطالبهم، وتصبح الاليات الديمقراطية فاقدة للقيمة والفائدة كما تصبح النصوص الدستورية فاقدة للمعنى.
تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، كشف عن ملابسات إتخاذ قرار تقييد التظاهر وهي ملابسات تؤشر الى المنهج العشوائي والشخصاني في التعامل مع المطالب الشعبية والحقوق الدستورية، كما كشف التقرير عن قلق حقيقي على مصير بقية الحقوق وقدرة السلطات التنفيذية على وضع العراقيل امام المواطنين وحتى معاقبتهم في حال قرروا الاعلان عن امتعاضهم من تردي الخدمات والفساد وتبديد الاموال واهمال المصالح العامة من قبل الحكومة.
تتحمل منظمات المجتمع المدني العراقية قدر كبيرا من مسؤولية اللامبالاة تجاه فقدان وتقييد الحريات، فصمتها يدفع للتساؤل عن جدوى وجودها ام انها لا تعرف بهذه القيود الا في اللحظة الاخيرة وبعد فوات الآوان؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحريات الدستورية في خطر
ابراهيم المشهداني ( 2010 / 9 / 24 - 17:02 )












لك يا حكومة

اخر الافلام

.. غانتس يستقيل من مجلس الحرب الإسرائيلي ويطالب بانتخابات مبكرة


.. بعد الهزيمة الأوروبية.. ماكرون يحل البرلمان ويدعو لانتخابات




.. تباين المواقف حول مشروع قانون القتل الرحيم للكلاب الضالة في


.. استشهاد فتى برصاص الاحتلال في مخيم الفارعة بطوباس




.. ما تداعيات استقالة غانتس على المشهد السياسي بإسرائيل؟