الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأغنيه العراقية مابين الابتذال والتحشيش 1

وميض خليل القصاب

2010 / 9 / 22
الادب والفن


لاتوجد أغاني مثل أغاني زمان, كلمة كثيرا ما نسمعها ونقولها ونحن نتكلم في مجال الغناء والأغاني والسبب نختزله عادة بمشاكل في اللحن والكلمات والأصوات فأين الحناجر الذهبية؟ والألحان والكلمات والقصائد التي مضت؟ من كلمات وصراخ اليوم , ولكن ما لا نعبر عنه بصدق ونبقيه لأنفسنا أننا نحب الأغاني التي تتماشي مع حالتنا النفسية وتأتي معبرة عن كلمات وأفكار حبيسة في قلوبنا , هي صور لمعاناتنا وترجمة لضحكاتنا, ولهذا فنحن نحن للماضي بسبب أن الحاضر يميل لترجم انفعالاته بسرعة نعاني من تحملها طول اليوم ونفضل إيقاع أكثر هدوءا يذكرنا بأوقات لم تكن فيها حياتنا بهذا التعقيد. ونتجاهل أن مبدعين الماضي كانوا في أزمانهم متهمين بالتجديد والصخب وكان هناك أكثر من صوت يترحم على من سبقوهم , ولهذا السبب تجدنا نماشي الجديد من الغناء لأنه اقرب لصوت شوارعنا وطريقتنا في التعبير عن المشاعر ونستمتع بتنوعه وبألحانه والمبتكر منها وقد نستمتع حتى بالغريب منه , فببساطة تبهرنا سهولة صياغة الكلمة وسحر التعبير الريفي والمنبعث من قلب الشارع ليختزل مانحا ول أن نعبر عنه بكلمات رنانة
هذا الكلام ينطبق على روائع ناظم الغزالي , وسعدون جابر ورياض أحمد ومحمود أنور وكاظم الساهر وغيرهم من النخبة التي تزهو بها سماء الأغنية العراقية ممن لم يسعني ذكرهم جميعا , فانا متأكد أن الناس فوجئت بناظم الغزالي وهو يتغنى بالعنب والسلة وبهدايا العيد كما حلقت مع طيور سعدون وتعجبت من حبه للمعشوق الذي فاق حبه للماء ولا تزال مواويل رياض تسكر السامعين ولم تكن يوما مجرد كلام , وكان محمود أنور من نجوم الأغنية الشبابية في العراق وتميز بأناقته في الثمانينات وهو يتغنى بحقه في الحبيب وكاظم عبر الشط لينطلق في جسر من بغداد إلى الصين, وغيرهم ممن لاتزال كلماتهم تمنحنا دفعه للتحمل في عالمنا القاسي.
فالشاعر والمغني يحاول أن يترجم واقعه وعبراته مما يحيط به من بيئته وتأتي ألحانه من روح الكلمة, فيشبه الأشياء بكلمات تحمل لنا أحيانا ببساطتها ورقة لحنها وعفويتها, نشوة نفسية تنقلنا لعالم الحالة وبالتالي تلمس جراحنا , والأغنية الريفية والنابعة من أزقة المدينة هي حقيقة المدينة والقرية ولسان حال ناسها فكلما تبسطت وتيسرت معانيها كلما جاءت من القلب لتذكرنا بصوت أب أو أخ أو صديق
المشكلة أننا نعيش اليوم ونحن نسمع فئة من الأشياء التي لا ينطبق عليها هذا الكلام, هي تطرح على نفسها تصنيف أغنية وتتجنى وتقول أنها صوت الناس ولكنها صوت زعيق فئة من الناس ,هم جزء من مجتمعنا أفرزتهم مشاكلنا وأخطائنا, وتركهم انشغالنا بالبقاء أحياء باستخدام سياسة من خاف سلم والمشي بجانب الحائط لدرجة أننا أصبحنا الحائط , تركهم ينمون ويتزايدون كما تتزايد أتلال الزبال عندما يهمل موظف البلدية تفريغ الحاويات ,ويرفعها إلى علو شامخ إصرارنا البليد على أن نرمي كيس بعد كيس في جبالها منتظرين المعجزة التي ستتحقق ويجعلها تختفي غدا, ولا يزيلها ألا عود ثقاب من صبية يعانون من الملل في ليلة مظلمة بلا كهرباء فتتناثر أوراقها في رماد مآسينا تاركا أثرا لليوم التالي من الرماد اللزج والرائحة العفنة لتستقبل موكبا جديدا من أكياسنا, نحن نرميها وشفاهنا تلعن من أشعلها وتلوم من لم يزيلها .
هكذا حياتنا تملئها الأرصفة المفخخة بالحفر وأكوام الأتربة التي تنفذ من تحت سجاجيدنا بعدما اتخمت مما نخبئه تحتها من أتربة , ونحن نلوم الأيام التي ليست كل الماضي الذي كان بلا أتربة ولا نحتاج لتجميعها كاللصوص تحت السجاد , هكذا حياتنا تنوء بالأزيال التي تطفو فوق السطح , وهي تشكل نفسها في كيانات تتكلم وتفكر وتطرح هويتها, بل هي تلغي هويتنا وتؤكد صوتها وتاريخها ولسانها وعاداتها على أنها الأصل والذي لايعجبه فليضرب رأسه بعرض الحائط.
من هنا استفزنا مبدع عراقي وفقه الله للسفر وإنتاج أغنية غير رخيصة التكلفة في بلد عربي , ووقف وهو يقطر من شعره الدهن والجل ومن حوله كم هائل من الراقصات ممن لم تعد ملامحنا العراقية واضحة ضمن التشكيلة الغجرية المودرن التي تتزين بها المحترفات(فنيا) في هذا الزمن , قرر هذا المبدع أن يتخذ لسان الشباب ومآسيهم في العراق موضوعا لأغنيته , ولخص وضعنا بمصطلحات اخترعنها للتسفيه من سفاهة أيامنا التي لاتوجد مصطلحات محترمة للتعامل معها , فقرر المبدع أن بدرج كلماتنا السفيه ويدخلها قاموس الأغنية والمصطلحات العراقية , وصارت العبارة التي كنت أستهزئ بها من المسطولين والغائبين في توهت الحياة شعارا لقصة حب سفيه للمبدع , وصارت حياتنا على يديه حشيشا.
ولأننا تعلمنا في أيامنا هذه مصمصة الشفا يف والترحم على أيامنا التي مضت حتى لو كانت جحيما مطلقا , وكعادة الكثيرين ممن يرمون بالحجارة الصغيرة طواحين الهواء , لم أجد الأ هذه الحفنة ممن ارتضوا النعيق والدق بإيقاع همجي لتنشيط السكارى على الرقص في ملاهي الغربة كهدف أوجه له بندقيتي المحشوة بالهواء , على الأقل لأكسب شرف المحاولة وأن أتبجح بعد قرن من الزمان بأنني لوحت بالسيف في وجه طاحونة وان كانت طاحونة على تل زبالة.
ليست هذه مقالة أو بحث , لان الموضوع يحتاج لدراسة معمقة من قبل باحثين يستطيعون أن يفهمونا أن الآخرين ليس كوم زبالة وان للمشكلة جذور وان الخلل هنا وهنا , ولان الموضعية تتطلب حيادية وأنا غير مستعد أن أتعامل بحيادية , لأنني كما قال أحد مطربينا الجدد حياتي تحشيش , وبالتالي من حقي التحشيشي أن أحشش على ألآخرين لوصف الحالة التحشيشية للأغنية العراقية التحشيشية والتي نحن مجبرين أن نسمعها في التلفزيون وبرامج الراديو ورنات الموبايل وأقراص كوكتيلات الأغاني العراقية الحديثة
ولان المغني يتغنى بالمحبوبة في معظم مورثانا الغنائي العراقي فقد ارتبطت صورة الحبيبة بتلك الشابة اللطيفة التي خرجت في قريتها وهي تسلم بطرف العين والحاجب متحديا العيون لتؤدي واجبها للحبيب , وبنورة المسكينة حبيسة الأسوار العالية , وبالفاتنة التي هي ذات جمال خليط من السومري والبابلي هي السمراء التي تخاطب الحبيب في حديقة وتتخذ من الورد لغة للمراسلات , ولكن شعراء اليوم قاتلهم الله قرروا أن يمنحوها منظرا أكثر واقعية فتغنوا بالذي جاء بسيارته الحديثة يفتر علينا ضحكنا بوجه لو بلوه أبتلينا , طبعا الذي ضحك فريق غنائي من ثلاثة فتيات لأنه في مقطع ثاني يؤكدن أنهم الثلاثة لايريدونه بالحرف , كم احسدهم على القدرة على المشي والتعرض للتحرش بسيارة وعدم تعرضهم للخطف المسلح من قبل العاشق الذي أستخدم العربة رباعية الدفع بدل من حصان العاشق, وان كان هذا واحد من الأصوات النسائية في علاقة الحب والهيام فالرجال انتهجوا منهج المباشرة من خلال أمي تريد جنه شكلتي عمي , وهو مطلع قصيدة عصماء لشاعر يتغنى بالبيت الذي عنده وكون أمه تبحث من مده عن واحده تعجبه بمواصفات رقية وعيون محددة وهو قرر تسليم البيت وممتلكاته بالفتاة التي ستعجب والدته بالطبع , ورغم بروز أمه كعامل مؤثر في إكمال عملية الزواج لأنه مدلل ووحيد الأم ( ربما الأب أستشهد في أحد الحروب لم يتم توضيح هذا في الأغنية ) رغم هذه العلاقة غير المريحة بالأم أريد أن أتخيل ما نوعية تفكير المرأة التي يتم خطبتها بعبارة كلشي يصير بيدج بس تقبلين كلشي اطيج؟, وكأن العملية هي تحويل صك ملكية وكان العملية اختزلت بشكد أطيج وأشكد تتطيني وشكلتي عمي؟
ربما العروس ستكون من شاكله المبدعة التي تغنت بحبيبها السكران وقالت له شبيك شارب شي ؟ سؤال منطقي في عهد اصبح الابداع فيه تهمه وتهميش عقل المواطن مهمة ووسيله للربح ,الحمد لله على كم مطرب المحترم والمحترمين انفسهم وفنهم ولازالوا يغنون من اجل فن نظيف وليرشوا مبيدا على ماابتلنا الله من باقي المبدعين والسلاطين في الفن العراقي الحديث وللحديث بقيه ...............








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنانة الراحلة ذكرى تعود من جديد بتقنية -اله


.. مواجهة وتلاسن بكلمات نابية بين الممثل روبرتو دي نيرو وأنصار




.. المختصة في علم النفس جيهان مرابط: العنف في الأفلام والدراما


.. منزل فيلم home alone الشهير معروض للبيع بـ 5.25 مليون دولار




.. إقبال كبير على تعلم اللغة العربية في الجامعات الصينية | #مرا