الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معركة المقاطعة الانتخابية ودكاكين المعارضة

إلهامي الميرغني

2010 / 9 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


بدأ مع اقتراب موعد انتخابات مجلس الشعب تصاعد دعوات مقاطعة الانتخابات لأنها تفتقد لأي ضمانات حقيقية وان نتيجتها معروفة مسبقاً.رغم الشروط التي وضعتها الجمعية الوطنية للتغيير من اجل المشاركة والتي تجاهلتها الحكومة ومطالب ائتلاف المعارضة التي تعامل معها الحزب الوطني بما يليق بها لأنه اعلم بقدر هذه الأحزاب ونفوذها وسط الناس.
إن هذه الأحزاب جزء من صفقة التغيير القادم كما تأكد من نتائج انتخابات المجالس المحلية ومجلس الشورى. لهذا جاء قرار حزب الوفد بالمشاركة ليحسم الكثير من الجدل بأن كل أحزاب المعارضة الحكومية ستشارك.ولم تحسم جماعة الأخوان المسلمين موقفها بعد رغم صدور بعض التأكيدات بأن لديها 200 مرشح منهم 10 سيدات.بينما يبقي موقف دكاكين المعارضة وجماعات المثقفين المعزولة علي السلالم والوقفات الاحتجاجية العشرية ( التي لا يتجاوز المشاركين فيها بضع عشرات ) ولا توجد لديهم وسائل للتواصل مع جموع المصريين المغروسين في مشاكل مصر ويعانون الويلات ويصطفون بالملايين في صلاة التراويح يبكون ويبتهلون بالدعاء " بألا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين" أو الدعاء" اللهم اهلك الظالمين " وهذه هي قمة الرفض بالنسبة إليهم.
الجموع الأخرى من المصريين في الاحتجاجات العمالية والفلاحية ومظاهرات العطش أسري المطالب الاقتصادية المحدودة ولا زالوا أسري العفوية والوعي الاقتصادي في ظل غياب قوي طبقية تطرح رؤية مختلفة للتغير.ولا أدل علي عمق الأزمة سوي تأمل عشرات الاحتجاجات التي يناشد فيها المضربين والمعتصمين السيد رئيس الجمهورية والسيدة قرينته والسيد جمال مبارك والوزراء بالاستجابة لمطالبهم ويهتفون بأسمائهم طلباً للعون.بل أن تصاعد الحدة الطائفية ووصول مصر لحافة انفجار البركان الطائفي لا يمنع بعض المثقفين من مناشدة رئيس الجمهورية بالتدخل وكذلك فإن عشرات النشطاء المسيحيين يرون في الرئيس مبارك الحامي الحقيقي لهم.عن أي جمهور إذا تحدثنا دكاكين المعارضة ؟!
أزمة اليسار
يفتقد اليسار منذ سنوات لوجود حزب أو تنظيم قائد له رموزه ومنظماته الجماهيرية وتأثيره في الواقع ورؤيته الواضحة وبرنامجه الذي تتبناه قطاعات من الجمهور صاحب المصلحة.إن الانتخابات علي اختلاف مستوياتها تحتاج لوجوه شريفة ومحترمة لها نفوذ حقيقي بين الناس وليس مجرد أسماء عديمة التأثير والفاعلية.
إن اليسار بحاجة لتجاوز أزمته وبناء تنظيمه الحقيقي بدلاً من اللافتات التي تملئ الساحة السياسية دون فاعلية حقيقية.إن اليسار يحتاج لرموز حقيقية ورؤية مختلفة لمستقبل مصر، وعمل طويل النفس لبناء مرتكزات واختبار أفكاره .بدون الجماهير لا قيمة للأفكار العظيمة وستظل حبيسة الغرف المغلقة، بينما روح البشر وتفهمهم وتبنيهم لرؤية اليسار هي التي يمكن أن تبعث الروح والحياة في الحركة السياسية الميتة وتعيد لليسار اعتباره بأنه لا يطرح أفكار محلقة بل رؤية قابلة للتحقق.
معركة المقاطعة
أعلن البعض مبكراً مقاطعة الانتخابات مالم توفر الدولة الاستبدادية ضمانات لنزاهة الانتخابات. ولا أعرف ما الذي يجبر دولة بوليسية تحكم بالعسكر منذ 58 سنة أن تتخلي عن عسكرتها؟! ماهي القوة التي تجبر نظام استبدادي مثل نظام الرئيس مبارك أن يقود انتخابات نظيفة ؟! ما الذي يمنعه من التزوير وحزبه جزء من آلة الدولة القمعية ؟! هل يغير قوانين الانتخابات وشروط اللعبة السياسية إرضاء للدكتور البرادعى ومن معه؟!أم خوفاً من ردة فعل دكاكين المعارضة والواقفين علي السلالم؟! يعتبر البعض المقاطعة إبراء للذمة السياسية يتبعها بضع بيانات علي الانترنت وكل انتخابات وأنتم بخير.
إن المقاطعة معركة أشد واقسي من المشاركة في الانتخابات ولها ضمانات لا بد من توافرها وبدون ذلك تصبح أشبه بإقرارات الذمة المالية التي يقدمها كبار موظفي الدولة في مصر!!
إن المقاطعة تعني أن لدينا نفوذ وسط الناس وإننا قادرين علي التأثير في الناس ودفعهم لعدم الذهاب لصناديق الاقتراع لأنهم مقتنعين برؤيتنا للمقاطعة وحتمية التزوير وإنهم فاقدين الأمل في النظام الحاكم ويسقطون عنه شرعيته.هل يتوافر لدينا 10% من هذه المقومات أم إنها مجرد معركة مزايدات وطق حنك فقط.
أما إذا كنا نفتقد للوجود بين الناس ، ولا توجد لدينا رموز تقود الجماهير، وإن الجموع لا زالت تري مبارك المخلص ونظامه به بعض العيوب فقط وان الفساد ليس القاعدة فإن المقاطعة تعد خيانة للناس.وإذا كانت نسب التصويت أصلا تتراوح بين 15% في القاهرة و25% في المحافظات فإن الناس مقاطعة فعلياً بدون وجودنا وضجيجنا وبدون أي برادعي. وإذا كان هناك ملايين المصريين ممن لهم حق التصويت وليست لديهم بطاقات انتخابية فهل دعوة المقاطعة ستحل هذه المشكلة .
إن اليسار معركته مع العمال والفلاحين والفقراء ومن اجل مصلحة جموع الناس وبدون ذلك تتعمق الأزمة وتتواصل حلقاتها.
- هل ستقاطع الناس الانتخابات لأن نظام مبارك مرغ الكرامة الوطنية في الوحل وأصبح جزء من السياسة الأمريكية ؟
- هل سيقاطع الناس الانتخابات لتواطئ السياسة المصرية مع إسرائيل؟
- هل سيقاطع الناس الانتخابات لأنهم ضد توصيل المياه والغاز لإسرائيل بينما نعاني العطش وأزمة البوتاجاز؟
- هل سيقاطع الناس الانتخابات لأنهم ضد بيع القطاع العام؟
- هل سيقاطع الناس الانتخابات لأنهم ضد تخريب الزراعة المصرية والصناعة واعتمادنا علي الخارج؟
- هل سيقاطع الناس الانتخابات من أجل حد أدني للأجور 1200 جنيه وفقاً لأحكام القضاء؟
- هل سيقاطع الناس الانتخابات معترضين علي السياسات الحالية في التعليم والصحة؟
- هل سيقاطع الناس الانتخابات لاعتراضهم علي خصخصة التأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي؟
- هل سيقاطع الناس الانتخابات لأنهم ضد سرقة لوحة زهرة الخشخاش وتردي حال الثقافة المصرية؟
- هل سيقاطع الناس الانتخابات لأنهم ضد تخلي الدولة عن دورها وعودة المجالس العرفية وتفجر الصراعات الطائفية؟

إذا كانت كل هذه الأسباب ليست سبب المقاطعة ، وإذا كانت المقاطعة واقعة بدون دعوة المعارضة.فإن النتيجة والمحصلة هي أن يبقي الوضع علي ما هو عليه. لنتأمل انتخابات النقابات المهنية أو العمالية ونسب التصويت فيها؟ ألا يعد ذلك مستوي من المقاطعة ؟ إذا ما هو الجديد؟!نحن نحتاج لمشاركة أعلي وفاعلية أكبر والمقاطعة تثبت الوضع الحالي.
ما العمل؟!
دورنا وواجبنا هو طرح البديل وشرحه للناس ولو لم تقتنع به الناس وتلتف حوله وتموت من اجل الدفاع عنه يكون لدينا خطأ كبير علينا أن نفكر فيه ونعرف أسبابه. إن المقاطعة معركة كبيرة لا تتوافر لدينا الإمكانيات والمقومات اللازمة لخوضها.ولم يصل إليها وعي جموع العمال والفلاحين في مصر بعد ولم يصل إليه نفوذنا وسط الناس.
لذلك إذا كان هناك بعض الشرفاء لديهم حرص علي بناء يسار حقيقي فعليهم استثمار الانتخابات الحالية لطرح رموزهم وممثليهم الحقيقيين وطرح رؤيتهم لمواجهة مختلف قضايا الوطن ، وطرح البديل والمخرج من الأزمة الحالية. وبناء المرتكزات والمنظمات الجماهيرية التي تستمر في العمل ولا تنتهي بانتهاء مولد الانتخابات.
إننا نواجه مرحلة فاصلة في تاريخ مصر وفي تاريخ اليسار المصري.لكن للأسف لا يزال هناك كثير من الناس يصر علي استخدام نفس الأساليب القديمة ولا يستفيد من خبرات التاريخ، ولا يتأمل تأثير المقاطعة علي نفوذه ووجوده.هل تكون انتخابات البرلمان البداية لبعث حقيقي ليسار جديد، أم سندخل طور جديد من الأزمة . ذلك هو ما سيتضح خلال الأسابيع القادمة.
إلهامي الميرغني
20/9/2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المشاركة لها ظروف أولا وقبل كلّ شيء
سموأل راجي ( 2010 / 9 / 24 - 00:12 )
إن المغزى السياسي للامبالاة الشعب المصري الواضحة للعيان بترهات -انتخابات- نوفمبر القادم يكمن تحديدا في انسلاخه السياسي عن النظام القائم. نظاما لم يعد له رصيد إيديولوجي أو تأثير أو مصداقية جديرة بالاعتبار لدى أوسع الجماهير.
هذا الانسلاخ له أبعاد إستراتيجية فيما يتعلق برموز السلطة ومؤسساتها، ويشمل شخص الرئيس والحزب الحاكم ومؤسسات الديكتاتورية الصورية. إلا أن المفارقة الحالية تكمن أيضا في أن لامبالاة الشعب بطبقاته المفقّرة تشمل في الظرف الراهن القوى السياسية المعارضة، وخاصة القوى المتورطة في لعبة الانتخابات الباطلة، لعبة تتجاوز إمكانياتها ولا تأثير لها في مجرياتها. ماذا سيكون في المستقبل القريب موقف وحكم الشعب المصري وقواه الشغيلة من الأطراف السياسية التي ستقبل بكرسي أو بكرسيين في برلمان لقيط، وليد غير شرعي لانتخابات مزيفة. ماذا سيكون رأي -مواطنينا- من ديمقراطية الذين يُعلنون التقدمية والوطنية والحداثة وهم يقبلون مسبقا بالجلوس في مؤسسة تزوير، هي أشبه بالدمية في يد الديكتاتورية التي تعدّ العدّة لمشروع التّوريث؟
في خصوص المشاركة في حدّ ذاتها تُشير التطورات الأخيرة إلى أن الجدل القائم بين أنصار المشاركة النضالية والمقاطعة النشيطة يكاد يستوفى حظه. زيادة على أن أطراف المعارضة القانونية وغير القانونية تتوجه للحد من تبعات هذا الصراع تحت ضربات الإقصاء والاعتداءات. ويبدو أن أهل المشاركة ليس في مقدورهم غير المشاركة وأن أهل المقاطعة ليس في متناولهم غير المقاطعة. هذه المعادلة تحكمها في الواقع، عدى غياب الديمقراطية بالنسبة للجميع، طبيعة العلاقة القائمة بين كل طرف من أطراف المعارضة من جهة ومؤسسات الدكتاتورية وقاعدتها الاجتماعية من جهة ثانية. طبيعة هذه العلاقة تنعكس في موقف الأحزاب القائمة من انتخابات يرسمها مبارك وجماعته كما تنعكس في خطابها وبرنامجها السياسي
تكرر أحزاب المعارضة البرجوازية الرأي القائل بأن الإصلاح السياسي هو المدخل الرئيسي لكل إصلاح. ويحتل برنامج الإصلاح السياسي بما يعنيه من الدفاع عن الحريات العامة والفردية والدفاع عن أسس النظام الديمقراطي والجمهوري، يحتل تقريبا كامل مساحات دعايتها. بينما لا تتمتع المطالب الاجتماعية والإصلاحات التي تُعنى بتحسين واقع الشغيلة باهتمام جدي من قبل المعارضة ولا تُبرز تدخلاتها اليومية أهمية وإلحاحية هذه المطالب. ونادرا ما يتحدث قادة المعارضة عن برنامجهم الاجتماعي. كما لا ندري أي إصلاحات محددة يُطالبون بها لصالح الشغالين والمفقرين والمهمشين الذين يزداد عددهم مع احتداد الأزمة الرأسمالية وتطور وتيرة الاستغلال الرأسمالي المحلي والأجنبي. أما نتائج الأزمة الاقتصادية الرأسمالية الحالية وسبل مواجهتها فيبدو أن أحزاب المعارضة قد تركتها معلقة إلى ما بعد تحقيق الإصلاح السياسي. وهي بذلك تضع المطالب الاجتماعية المتعلقة بتحسين ظروف عيش الشغالين في درجة المطالب الثانوية ويبقى النضال من أجلها ضمن النضال المؤجل وضمن فرضيات ما بعد الإصلاح السياسي


2 - متى تتمّ المشاركة؟
سموأل راجي ( 2010 / 9 / 24 - 00:22 )
تكاد تجمع كل الأطراف السياسية على تدهور الأوضاع العامة بالبلاد تدهورا خطيرا. وكلما اقتربنا من موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية المبرمجة لنوفمبر القادم، اشتدّت عدوانية نظام الحكم في علاقة بالأحزاب والجمعيات والشخصيات المستقلة من جهة، وبجماهير الشعب التي ترزح تحت كلكل الاستغلال والنهب والفقر من جهة ثاني,ولكن بالرغم من وضوح الوضع وخطورته فإن المعارضة تواجهه مشتتة أكثر من أيّ وقت مضى. ومن الأسباب المباشرة لهذا التشتت الموقف ذاته من هذه الانتخابات المهزلة. فمنذ مدة سارعت عدة أطراف من بينها مكونات -المبادرة الوطنية- بإعلان مشاركتها فيها، رئاسية وتشريعية، وهي تعلم علم اليقين أنه لا المناخ السياسي ولا القانون الانتخابي يسمحان بإجراء انتخابات حرّة. كما تعلم علم اليقين أنها لا تملك حاليا من القدرة الميدانية ما يمكنها من زحزحة موازين القوى بمفردها، بل هي تعلم علم اليقين أنها لا تفعل شيئا، وحتى لا نبالغ، نقول لا تفعل ما هو مطلوب منها لتغيير هذه الموازين وأن كل ما في الأمر أنها لا تراهن على صندوق الاقتراع بقدر ما تراهن على الكراسي التي يمنحها النّظام للمعارضة كلّ حسب درجة ولائه

اخر الافلام

.. مساع أوروبية لتصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية| #غرفة_الأخبا


.. إسرائيل تقصف رفح وتسلم مقترحا للتهدئة| #غرفة_الأخبار




.. تشييع جثمان الجندي المصري ضحية إطلاق النار على الشريط الحدود


.. بكين تترقب انعقاد منتدى التعاون الصيني العربي في ظل التوترات




.. المتحدث باسم الأمن القومي الأميركي يؤكد لـ-العربية- أن على إ