الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شمس عبر الأوراق: شينكيجي تاكاهاشي

عبدالكريم كاصد

2010 / 9 / 24
الادب والفن


ولد الشاعر الياباني شينكيجي تاكاهاشي سنة 1901. بدا حياته الأدبيّة متأثّراً بالدادائية، ففي سنة 1924 اصدر رواية بعنوان (دادا)، أعقبها بإصدار مجموعة شعرية بعنوان (شعر شنكيجي الدادائيّ)، عندما كان نزيل السجن، وقد مزّق النسخة التي ارسلت إليه عندما استلمها من خلال قضبان زنزانته.
أما التحوّل الكبير في حياته، إثر محاولات عديدة للانتحار، فقد حدث بعد شروعه بدراسة أصول الـ "زن" في أحد المعابد المشهورة بصرامة تقاليدها، إذ استمرّ في تدرّبه على هذه الاصول نحو ما يقرب من سبعة عشر عاماً، حتّى أهّلته لكتابة العديد من الكتب الخاصة بالزن بالإضافة إلى أشعاره وقصصه.
اصبح شعره ، في السنوات الأخيرة، موضع اهتمام الكثير من الشعراء والنقّاد.
يقول عنه مترجم شعره إلى الإنجليزيّة إنّ المخيّلة التي يتمتّع بها شينكيجي هي مخيّلة نادرة وغريبة على المخيّلة الأوربية كما تتجلّى في شعر شعرائها ونثر كتّابها.
توفي شنكيجي تاكاهاشي سنة 1987.



فوق الريح


فوق الريح أسير،
وتحتي جبل فيجي
والبحر بحجم الطابع،
وجزر بعدد النمل.

بيدي اليمنى
صفعت الشمس،
وباليسرى
أمسكت القمر،
دون أن أنسى أبداً
أنني كنت سحابة لم تولد.

في الزمن انطلقت
في المستقبل الصغير كثقب الإبرة
عابراً كالخيط
ظهراً أحدب،
شيئاً ساكناً متناهياً في الصغر.



بابونج بريّ


كنت في أسفل سلّم المخزن التجاريّ
حين متّ
فألفيتُ نفسي سائراً على رصيفٍ غابر
أتذكّر أجدادي.

في الطائرة أعطيتُ المضيّفة
شاشة قابلة للطيّ
رُسم عليها المنحدرُ الذي ولدتُ فيه، صخرةً هائلة مقلوبة،
جبالٌ استحالت إلى أنهار، سيّارات، زواحف.

في قبو المخزن التجاريّ
اشتريت أسماكاً بحريّة مجفّفة هي الأرض،
فطراً هو الشمس،
عارفاً إنها فرصتي الأخيرة
لإراحتها في الرحلة.
فجأة هبطت الطائرة عند مدخل كهف
هناك تغزلت بلا حياء بفاتنة حسناء من الماضي
حول الكهف
كان ثمّة بابونج برّي صغير، ذابل.

عندئذٍ تذكرتُ حبي للمضيّفة
فأسرعتُ عائداً إلى الطائرة.



الجرذ والمرأة


من هو سيّد الجسد؟
لا العقل ولا الروح.
إنّه شئ بعيد الغور،
يهيمن على العالم.

حراسة الخراف
فوق طاقة الكلاب.
لا، إنه الراعي – أيها الربّ؟-
مؤرجحاً ذيل الجرذ.

ثمّة ثلج على الأرض
وعلى التلّ ثمّة امرأة عارية.
أنا الآن حرّ أفعل ما أشاء
على أرض صلبة.

لا شئ يؤذي:
ماثرتي حرّة,
كعقلي نفسه،
لا تترك أثرا.ً



محطة قطار


محطة قطار،
بضعة مسافرين يصعدون،
يهبطون،
كشك مغلق على الرصيف.

أ هي هناك أم في رأسي
طافية فوق غضون دماغي؟
لا حاجة للبقاء أو الرحيل،

مكان بالغ الهدوء:
شباك تذاكر، أبواب صغيرة، عاملون-
لا أحد لكن ثمة ساموراي

ينتحر. مدير المحطة
يديرعين الكاميرا،
برهاناً على دقّته.

قطار ينزلق على سكك دماغي،
شئ مربوط بشريط من جلد
حقيبة، كاميرا، لا أحد.



غياب



حسبك قل، " إنّه خارج "-
يعود
بعد خمسة بلايين سنة!




الحائط الصخريّ


الزهرة تنبثق من الصخرة،
في المطر والريح
كلب يتشمّم ويبول.
أثَر فراشة في ضباب شفيف
حيث يطرطش طفل.

على شاشة من ورق،
ساقا امرأة
بيضاوان، رشيقتان.
لا رغبة عندي بعد،
أنا مسرور.

رأيتها أخيراً
يداها خلف الظهر-
لا تصدّ شيئاً في الواقع،
مرحّبة بالشمس
بين فخذيها.

قرب الحائط الصخريّ،
غصن ذهبيّ.



القمر والأرنب البريّ


أشياء وحيدةٍ توجد.
هناك في القمر
ألمح أرنباً

في فوهة بركان
يصنع كعكات من الرزّ.
طلبتُ واحدة.

" أيّ واحدةٍ؟ " قال الأرنب.
"تلك التي على هيئة صارخ"
" ها هي – انطلق! "

عالياً في الخارج،
كلّ شئ يمرّ
دفعة واحدة،

أنا حرّ أخيراً-
لا أعرف اتجاهي.





صَدَفة


لاشئ،
لا شئ يولد،
على الإطلاق
أو يموت،
الصدفة تقول
وتقول
من أعماق الفراغ.
جسدها
يكنسه المدّ-
ثمّ ماذا؟
تنام
في الرمل،
جافّة
في الشمس،
مستحمّة
في ضياء القمر،
لا شئ يحدث للبحر
ولا لأيّ شئ آخر.
مرّة
بعد أخرى
تتلاشى في الموجة.



شمس عبر الأوراق



الطفل نائم على ظهر الأمّ.
لم تحسن صنعاً بذهابك إلى شجرة الخوخ-
رائحة الأزهار خطرة.
والشجرة قد تصبح بحراً أزرق،
مع أنّ هدير الأمواج ليس بمقدوره أن يصل
إلى صخرة الخوخة امخللّة أو إيقاظ الطفل.

الجسد وقد عثر قلبه القافز،
يندفع في البحر. اقلع الأشجار!
كلّ يوم يرفس الطفل السماء،
أو يرفس الأرض.
ما اسهل أن يفنى الكون نفسه كالكلب!
- مثلما الآن -
أشعة الشمس قضبان عجلة واقفة،
تلتمع عبر أوراق غصن.



عصفور الدوريّ

عصفور الدوريّ
أثناء الحلاقة،
قطع رأسه،
وهذا ما كان يريده بالضبط.
شعره القصير يطفو على البحيرة.

الدوريّ لا يخاف الموت،
ولا يبالي بالعشب
الطالع على السطوح
والخطى العابرة في الطريق
مع إنه يقفز بأبهة

في ذلك الحلم
ناشراً أجنحته كالصقر،
وما يسرّ حقّاً
إنّه قد يحيا بعد الأزهار المغتصبة

رأس الدوريّ فارغ بشكل عجيب
وحين يموت فلا حاجة هناك
للثرثرة أو حني الراس.

الدوريّ يصارع في مهمة نبيلة هي خلط الزمن
لخلق الفوضى
في الأشياء التي أنجزها.



انفجار


أنا كلب جاهل،
قطة تافهة،
ضباب فوق ميزاب،
مطر يكتسح الأزهار.

أغلق عينيّ، أتنفّس-
هواء شعاعيّاً!
بليون سنة وأنا سأنكمش إلى النصف،
التلوّث ينفذ إلى مخّ العظم.

ثمّ ماذا؟
سأنعق في وجه ما يتبقّى
وقد حوّلني الانشطار النووي
إلى فراغ
مع أنّ هناك دماً قليلاً.

أركض الآن بأقصى سرعتي.




شعاع صغير


أشجار في غابة ميّتة،
أوراق تكفّن الأرض.
وعلى الجرف الواسع
امرأة بكنزة حمراء
تنتظر.

ثمة ومضة شمس،
ورقة تهبّ فوق وجهها.
.

الرجل يلوح هادئاً،
مستلقياً جوارها.
وفي الحال تحلّق وحيدة،
حاملة حقيبتها.

هو يصلّي
(أسمعه الآن)
أن تسير أمورها كما يرام.
طائرة تهدر فوق،
وهو يتنشّق سيجارته.

ورقتان ميتتان تطيران جانبا.ً




فطر

أنفخ دخان تبغي
في أذنها الجامدة من البرد.
سنونوة تندفع في السماء.

الرغبات كالفطر،
بلا جذور، بلا أزهار،
تنبتُ في كلّ مكان.

خاتم حديد
يتدلّى من أذنها
عطن فطريّ
يلمع في الظلام.



قمر


يبزغ القمر
بينما تتفسّخ بلايين الجثث
تحت سطح الأرض.
أنا الذي انهض من بينهم،
سرعان ما انضمّ إليهم – جميعاً
اين يطفو القمر؟
على أمواج دماغي.



يد



أمدّ يدي
فيختفي كلّ شئ

رأيتُ في رأس الافعى
وجه أمّي الميّتة،

في الغيوم المهلهلة
حزن أبي الميّت.

عضّ اصابعي-
الوقت لا أثر له.

يداي هما العالم،
يمكنهما صنع أيّ شئ.




بطاطا حلوة


من بين جميع الأشياء
اريد أن أكون بطاطا حلوة،
طازجة مستخرجة للتوّ.



ظهيرة


سريعاً
يسقط شعري –
هذه الظهيرة
أنا ذاهب إلى أسيا الصغرى.



سماء


متسلّقاً شجرة شمع
على السماء المرعدة.
أخرج لساني-
يا لانهمار المطر!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05


.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي




.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من


.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري




.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب