الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يُحكى أن

خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)

2010 / 9 / 24
الادب والفن


يُحكى أنَّ مدينةً غيَّرَتْ رأيَها وصارتْ مجازَ عاصِفةْ، وأكَلَها الرُّواةُ في ثرثراتٍ غيرِ مكتوبةٍ حتى اختفتْ من يدي ربَّةِ الطقوسِ وصارتْ علامةً لحزنِ العشّاقِ الطويلِ، وانتهتْ مثلَ أيّ طيرٍ لم يجِدْ أُمّاً كي تعلِّمَهُ الفرقَ بينَ الغابةِ وحديقةُ الجارِ النّزِقْ، صُدفةٌ جعلتْ جامعَ كنوزٍ يعثُرُ على المدينةِ ـ العاصفةِ في بيتِ شِعرٍ على حائطٍ مهجورٍ في فضاءٍ مهجورٍ خارجَ الأرضِ والسماءِ معاً.
**

ويُحكى أنّهُ في بِلادٍ لا تنامُ، مازالَ هناكَ مُدَّعي نبوّةٍ وحيدْ، يجلِسُ في ما يشبِهُ محراباً، حفرَتْهُ مياهُ النهرِ في مليونِ سنةٍ بصبرٍ لا يُدانى، يُطلِقُ أقوالَهُ في الهواءِ، وتؤمِنُ بهِ غيومٌ وعصافيرٌ وبعضُ شجرْ، وما زالتْ لُغَتُهُ طريّةً وتُنعِشُ بقايا القلوبِ التي احتوتها الصخورُ حولَهُ، يُقالُ أنّهُ غارقٌ في ما يشبِهُ النّومَ منذُ فقَدَ آخرُ العصافيرِ صوتَهُ في معركةٍ مع فاتحينَ بلونِ بشرةٍ أزرق.
**

كما يُحكى عن امرأةٍ من خشبِ اللّوْزِ قَدّتْ فِكْرَتَها، تستنِدُ إلى ذكرياتِها فتجرحُها الذكرياتُ، تحملُ ورداً لم يذبلْ منذُ مئة عامٍ وتبحثُ عمّن تُهديهِ لهُ، وحينَ كذَّبتُ الروايةَ، ظهرَتْ لي في الماءِ كخاطرٍ لم يخطرْ على قلبٍ من قبلُ، كانتْ بيدين من عشبٍ وعينان من حبَقٍ وشفتان من شَفَقْ، غيرَ أنها على غيرِ ما كانوا يحكون: أطلَّ من بين أصابِعِها نَوّارٌ من بلّورٍ وجيشٌ من الكرومْ، وبَدوتُ في عينيها كحكايةٍ لا تُصَدَّقْ.
**

ويُحكى أنَّ ولَداً قتَلَهُ حُلْمُهُ صَعَدَ مع الصاعدينَ إلى الجبلِ العظيمْ، لم يجِدْهُ عظيماً كالفِكرةِ التي ماتَ عليها، فماتَ مرةً أخرى.
**

ويحكى عن انتظارٍ طويلٍ لم يُعْرَفْ صاحِبُهُ، لم يكنْ وردٌ على البابِ، لم تأتِ الرسائلُ، ولم يهمسْ لهُ صوتٌ في المساءات البارِدةْ، لم تأتِهِ هديَّةٌ ولم يعرِفْ يوماً هذا الذي كان في انتظارِهْ.

**
ويحكى أنّ حروباً لا تُعَدُّ بضحايا لا تُعَدُّ غطَّتْ أرضاً لا تُحَدُّ وفضاءً لم يتّسِعْ لصرخاتِ القاتلِ والقتيلْ، واختلطَ الدمُ بالفولاذِ وبالصّواعِقِ التي شارَكَتْ من عليائها، حتى فنيَتْ الخلائقُ كلُّها، كذَّبتُ الحكايةَ لأنّي لم أعرف كيفَ نجا الراوي.
**

أما كيفَ أحببتُ الندى في عينيكِ وسمّيتُهُ دمعاً، وكيفَ أعطيتُ يديكِ حرّيتهما في روحي، وعن ناياتِ صوتِكِ في سكونِ فضاءينا، عن شعرِكِ الذاهبِ في الغاباتِ وخصرِكِ المغموسُ بالطيورِ والأغاني...
فلم يحكِ عنّهُ أحدْ.


20 أيلول 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يحكى ان
جميل السلحوت ( 2010 / 9 / 24 - 15:22 )
ويحكى انني مشتاق اليك يا خالد والى كل الأحبة في قطاعنا الغالي
فما هي اخبارك؟


2 - وأنا كذلك
خالد جمعة ( 2010 / 9 / 24 - 16:20 )
مرحبا
وأنا أيضا اشتقت لكم، وملخص اشتياقي انني قضيت شهرا كاملا في عمان أنتظر أن يسمح لي بالدخول الى رام الله ولم أتمكن
تحياتي لك وللجميع

اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي