الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جملة واحدة عن الطغيان...

فاضل الخطيب

2010 / 9 / 24
الادب والفن


جملة واحدة عن الطغيان...

إلى الملوحي(19عاماً) والمالح(80عاماً)، وكل الذين بينهما من معتقلي الرأي والضمير –علمانيين، يساريين وإسلاميين. عرب، كرد، آشور وغيرهم في سجون طغيان الأسد الصغير..
قصيدة للشاعر والكاتب المجري إلليش جولا(1902- 1983) Illyés Gyula..

حيث الطغيان،
هناك طغيان،
ليس فقط في فوهة البندقية،
ليس فقط في المعتقلات،

ليس فقط في غرف التعذيب،
ليس فقط في صرخات السجّان
في الليالي المظلمة،
هناك طغيان.

ليس فقط في ظلام الدخان،
في خطب مرافعاتهم القانونية،
في الاعترافات،
في إشارات دَقّ المعتقلين لبعضهم على الجدران،

ليس فقط في برودة حكم القاضي:
مذنب، مُدان!
هناك طغيان
ليس فقط عند العساكر

في فرقعة أمر:
"استعد"، "نار"، في التطبيل،
وفي جرّ الجثث
إلى الحفرة أيضاً،

ليس فقط في السرّ،
في الباب المفتوح نصفه،
في الارتباك والخوف،
في ترديد الأخبار همساً

في سقوطها أمام الفم،
في إشارة "هسس" لمنع الكلام،
حيث الطغيان،
هناك طغيان

ليس فقط في قسمات
قساوة الوجه وفي صمته
كحديد الشبك،
في صراخ تأوّه النضال،

في هطولٍ أصمّ
متزايد الصمت للدموع،
في حدقات عيون الأطفال
المتسعة،

هناك في هدوء الليل
وفي ضجيج عربات سكة الحديد،
وكذلك في أماكن
وقوف سياراتهم عند البوابة،

في خلال كلمة "هالو"
وحيث السكون
تشعر بتنصت أذنٍ غريبة
في سماعة التليفون،

لأن هناك طغيان
ليس فقط على الأقدام الواقفة
في زغاريد الأعراس،
في الترحيبات، في القصائد وفي الألحان،

ليس فقط في عدم الكَلَل
في تصفيق الأيادي
في دار الأوبرا
في نفخ البوق،

في رمادية انعدام صفاء
قاعات الغاليري،
في كل إطار لوحة على حِدة
وقبل ذلك حتى في فرشاة الفنان،

لأن هناك طغيان
في رياض الأطفال،
في نصيحة الآباء،
في ابتسامة الأمهات،

في طريقة تأتأة جواب الطفل
للغريب،
وقبل أن تهمسَ له
تتطلّع للخلف حرصاً على الأمان،

هناك موجودٌ
في قبلة الوداع،
كما هو هناك في قول الزوجة:
متى ترجع البيت يا حبيبي،

موجود كالعادة في الشارع
في سؤاله المتكرر عن - وكيف حالي،
في ليونته المفاجئة
في ضغطه على يديّ مصافحاً.

وكما فجأة
يتجمد وجه حبيبتك
لأنه هناك
في لقاء الحب أيضاً،

ليس فقط في الاستجواب،
هناك موجود في الاعتراف أيضاً،
في نشوة معسول الكلام،
كالذبابة في خمر الدنان،

لأنه يلاحقك في الحلم
لست موجوداً في شخصك،
هو هناك في سرير زفافك
من قبل تفكيرك في الزواج،

في الكؤوس وفي صحون الطعام،
هو موجود في الأنف وفي الفم،
في الواقع وفي الغموض،
في الهواء الطلق وفي غرفة النوم،

كما لو كانت النافذة مفتوحة
وتدخل منها رائحة الجيفة،
كما لو كان تسرب الغاز
من مكان ما في البيت.

إذا كنت تتحدث مع نفسك،
يسألك الطغيان،
وحتى في خيالك
لا يمكن أن تكون حراً،

قد تصل حدود درب التبانة في الأعلى أيضاً،
حيث يسطع الشعاع
حقول ألغام، والنجمة:
تتجسس من ثقب الباب

خيمة السماء الصاخبة
معسكر واحد للأعمال الشاقة،
لأن الطغيان ينطق،
من الحمّى، ومن الولاء والإيمان،

من الكاهن، من اعترافك بالذنوب،
من عِظات وصلوات
دور العبادة، البرلمان، أجهزة التعذيب
والعديد من المسارح.

يتعرّج البرق، هكذا هو
في كل شيء غير متوقع
في ضوضائه، في ضوئه،
في حيرة قلبه،

في الهدوء،
في أغلال الضجر الآسر،
في غزارة انهمار المطر
في قضبان شبك المعتقل الواصل للسماء،

إنه موجود هناك، في كل هدف،
موجودٌ في غدِك،
في أفكارك،
في كل حركاتك،

كما الماء يسير في مجراه،
تتبعه وتخلقه،
تتطلع للخروج من هذه الدائرة
وهو ينظر إليك من المرآة،

يراقب، يتسلل، بلا جدوى تركض
أنت أسير، وبنفس الوقت مُحتل
موجود في طعم تبغك
في قماش ثيابك

في شرابك، في طعامك
حتى النخاع موجود فيك
في اجترار حيرتك،
ومن أفكاره فقط يتلقّح عقلك،

تحب الاطّلاع، لكنك لا ترى إلاّ
السحر الذي وضعه أمامك،
وكان قد لفّ الغابة حريقٌ
من عود ثقاب،

لأنك عندما رميته
لم تدعسه وتطفئه،
وهكذا صار هو أيضاً يراقبك
في المعمل، في الحقل وفي المنزل،

ومازلت لا تشعر معنى الحياة،
معنى اللحم والخبز،
معنى أن تُحب، أن تعشق،
أن تنشر ذراعيك،

أنت عبد أغلالك
هكذا، َصَنعْتَها وحَمَلْتَها،
إذا أنت أكلتَ، ينمو جسمه هو ويقوَى،
وابنك يُنجبُ له عبداً آخر،

حيث يوجد الطغيان:
كل فردٍ حلقة في السلسلة،
رائحة عفنة تفيضُ منك،
أنت نفسك أيضاً طغيان،

حيث يوجد الطغيان،
كل شيء بلا جدوى،
الأغنية أيضاً، هكذا الولاء للسلطان،
في أيّ عملٍ كان،

لأنه يقف هناك
منذ البداية عند قبرك،
هو يقول لك من أنت، ومن كنت،
وتجمّله بمساحيق تجميلك..
...................
وتطلب منه الغفران! إنه الطغيان...

بودابست، 24 / 9 / 2010، فاضل الخطيب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لن يعبر الطغاة
فلورنس غزلان ( 2010 / 9 / 24 - 21:58 )
ياصديقي...
قبائل الطغاة تفرش اليوم جنودها، ترفع رايتها على أبواب أحلامنا
تزرع الفوضى بأيامنا، وتمد جسوراً من الحقد بين غفوة الفتيان وسكينة الحب
تخترق مواكبه كل الحصون وتجعل من أجساد الطفولة جسوراً
ليعبر الطغاة تلالنا
يرسلون قراصنتهم كي تبطش بالبيادر وتفتك بالمؤونة
ثم تزرع الفتنة في أرحام المحبة...حتى يضيق المدى حول السبايا
تُسكب الأنخاب في كؤوس التتار الجدد، تشرب من دماء الضحايا ومن هجوع النفوس حين تموت المروءة وتسحق البراءة
على مذبح الأسماء الملعونة، التي قفزت فجأة من جدائل التاريخ ، من فصائل الخلافات الصغيرة
لتزرع الشواطيء بشظايا لحمنا، وتصنع الكؤوس من جلودنا
تحلم بنهايتنا...دون أن تدرك أن روحنا لاتموت
وأنها عائدة من رماد الحريق، عائدة من لجم حسراتها لترسم معالم الغد
فوق حجارة تشهد على هزيمة الطغاة
أحييك


2 - طول ذاكرة الطغاة بعكس طغيانهم
فاضل الخطيب ( 2010 / 9 / 25 - 08:28 )
طول ذاكرة الطغاة بعكس طغيانهم، وخلال التاريخ الطويل للبشرية يُذكرون كأمثلة شاذة في فكرها، وحشية عدوانية في تعاملها، ورغم ذلك نجد ظاهرتهم تتكرر.. تتكرر بتواطؤ خارجي وتواطؤ داخلي.. يبدو أن كثيرأ من سياسيي أمريكا وأوربا لم يتعلّم درس التساهل مع فكر القمع والإقصاء، ويبدو أن حقوق الإنسان خارج مجتمعاتهم تعيش تحت حدّ -الصفر-. رغم أن انتصار الحرية لشعبٍ ما على هذا الكوكب، هو انتصار لكل الشعوب.. التواطؤ لا يمكن دائماً تبريره وشرحه..
الموقف السلبي لا يؤثر فقط بأضراره من خلال فعلة قام بها صاحبه، بل من خلال لا مبالاته أيضاً، وفي هذه الحالة يتحمل مسئولية أخلاقية عن ذلك.. وهذا ينطبق علينا كسوريين وعلى أصدقاء نظام الطغيان أو الساكتين عليه.. تحياتي صديقة أم رشا


3 - الطغيان من مفرزات الرأسمال
جريس الهامس ( 2010 / 9 / 26 - 00:10 )
إنحطاط الرأسمال في البلدان المنكوبة بحكم العسكر والدكتاتوريات الفردية والطائفية العنصريةكالنظام الأسدي يلغي عملية الإنتاج والتنمية السياسية والإقتصادية ويتحول إلى رأسمال كومبرادوري لاوطني وطفيلي غير منتج ,,وبالتالي يلغي الدولة بالمفهوم العلمي لها كعقد إجتماعي ويلغي سلطة القضاء ويمزق الوحدة الوطنية إلى مافيات متصارعة منذ عشرات القرون على السلطة أو منضوية تحت جزمة الديكتاتور الطاغية الذي يرعى الطغيان المتوارث في بلادنا باستثناء فترات قصيرة ونادرة تمتع فيها شعبنا بعبير الديمقراطية ... حتى أحزابنا المشخصنة والملغومة يسودها الطغيان بنسب مختلفة في السلطة وخارجها .. وأبشع هذا الطغيان هو الطغيان المركب طائفياً من سائق الدبابة وعامل الهاتف إلى رئيس الأركان ومن مدير المدرسة إلى جميع مفاصل دولة المافيا والعدو الصهيوني وشركات النفط المهيمنة على المنطقة لآتجد أفضل من هذا الطغيان المستدام الوقح والداعر لبقائه متربعاً على أشلاء شعبنا ووطننا - شكراً لإنتصارك وتفاؤلك في معركتنا ضد الوريث الطاغية والطغيان وسلمت يداك يا عزيزنا الفاضل فاضل وشكراً


4 - فيروس يسمم عالم اليوم
فاضل الخطيب ( 2010 / 9 / 26 - 08:04 )
تحياتي للأستاذ المناضل جريس الهامس على إغنائه الموضوع حول طبيعة الاستبداد، والذي يمثل نظام العائلة صورته.. وأعتقد أن ثمن تشويه القيم الاجتماعية للمواطن من أكبر مخلفات جرائمه الأخلاقية، والتي سيكلف مجتمعنا عقوداً من الزمن لإعادة معاييرها إلى نفوس الناس، عقوداً بعد سقوط نظام الطغيان ويبقى شعبنا يلملم جراحه ويبني نفسه وقيمه الإنسانية..
شكراً على مرورك، وأحلى الأمنيات بالصحة الجيدة والعطاء

اخر الافلام

.. تفاعلكم | الفنان محمد عبده يكشف طبيعة مرضه ورحلته العلاجية


.. تفاعلكم | الحوثي يخطف ويعتقل فنانين شعبيين والتهمة: الغناء!




.. صراحة مطلقة في أجوبة أحمد الخفاجي عن المغنيات والممثلات العر


.. بشار مراد يكسر التابوهات بالغناء • فرانس 24 / FRANCE 24




.. عوام في بحر الكلام-الشاعر جمال بخيت يحكي موقف للملك فاروق مع