الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جرس الموازنة

ساطع راجي

2010 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


لقد تسرب الوقت من بين اصابع العراقيين بهدوء دون ان يثير انتباه أحد بسبب الانشغال اليومي بتصريحات النواب والساسة الذين يعيشون في الدرجة الثالثة من هرم السلطة، ساسة يفعلون كل شيء الا اتخاذ القرار او صنع المبادرة، فضلوا على مدى اشهر ينتفون الزمن يوما فيوما ولحظة فلحظة حتى وجد العراقيون أنفسهم في الربع الاخير من السنة المالية ولتحدق المخاطر بلقمة عيش الناس وبمستقبل عشرات آلاف الشباب الذين ينتظرون السنة المالية الجديدة للحصول على فرصة عمل، بعدما خابت آمال سابقيهم الذين انتظروا تشكيل مجلس الخدمة المدنية لكن المجلس لم يتشكل لأن البرلمان لم ينعقد الا لاداء اليمين، وهو ما يعني تراكم العاطلين في صفوف الانتظار.
هناك من يتحدث عن اعداد موازنة عامة وانها جاهزة لتقدم الى مجلس الوزراء، وهي خطوة ان كانت قد حدثت فعلا فإنها تعني تجاوزا خطيرا على حق الحكومة القادمة التي مازالت في علم الغيب، فالسياسة الاقتصادية والمالية هي جوهر عمل الحكومة وتمثل الجزء الاساس من برنامجها، ولذلك لايمكن لحكومة المستقبل الاعتماد على موازنة وضعتها سابقتها وهي قد تشكل عقبة أمام تنفيذ برنامجها ووعودها، ولهذا ليس من حق الحكومة الحالية وضع موازنة عامة تحت اي مبرر كان والا فأنها ستكون قد استحوذت على السلطة او على جزء مهم منها خارج اطر الدستور وادوات الديمقراطية.
اقتراب نهاية السنة المالية لا يشكل فقط خطرا دستوريا وتهديدا للوظائف المحتملة ولا اشتباكا سياسيا فادحا فقط، بل انه سيضع الحكومة والدولة امام مشاكل تتعلق بالالتزامات الدولية وعمليات الاستثمار وابرام العقود الخارجية، وسيفتح المجال امام القوى السياسية المتنافسة الى الدعوة مجددا لتدويل الازمة العراقية.
لقد اعتدنا في العراق على تأخر اقرار الموازنة العامة بشكل دوري، لكن الذي قد يحدث هذه المرة يشكل خطرا يفوق ما عهدناه فهو اختبار حقيقي لقدرة العراقيين على ادارة الدولة وفق الدستور والمنهج الديمقراطي، ومجرد تلفيق حل للخروج من ازمة الموازنة بعيدا عن حل المأزق السياسي برمته، سيكون بمثابة اعلان نهاية الديمقراطية وتمزيقا صريحا للدستور، وبعدها لن يكون هناك مجال للحديث عن التمسك بالدستور او التمسك بأي فقرة من فقراته، فليس هناك ما هو اكبر من خرق الدستور او التحايل عليه في السلطة على المال العام.
هناك من يراهن اليوم على شعور القوى السياسية بالمسؤولية تجاه الخطر الداهم من انتهاء العام المالي بدون وجود موازنة شرعية حتى في قسمها التشغيلي، وهناك من يظن ان القوى السياسية ستكثف مفاوضاتها وتقلص طموحاتها لانقاذ العراق من هذا المطب القريب والاسراع في تشكيل الحكومة، لكن التجارب القريبة علمتنا ان هؤلاء المراهنين لن يحظوا بفرصة للكسب والاقرب الى الظن ان القوى السياسية المتنافسة والمتفاوضة وهي نفسها التي تدير الحكومة الراهنة ستسعى الى تلفيق حل تشويهي يتيح لها من جهة الاستمرار في انفاق المال العام كما يتيح لها من جهة أخرى مزيدا من الوقت لممارسة مناوراتها التفاوضية علها ترضي شيئا من نهمها المرضي للسلطة، ولهذا فأن جرس الموازنة وهو يقرع لن يجد له مصغيا بين الساسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استدعاء الهيئة الناخبة في الجزائر للانتخابات الرئاسية


.. الانتخابات الأوروبية: أي تداعيات لفوز اليمين الفرنسي المتطرف




.. الانتخابات الأوروبية: كيف استهدفتها حملات التضليل الروسية؟


.. مجلس الأمن يقر مشروع قرار أميركي بشأن التهدئة في قطاع غزة بـ




.. القيادي بحماس محمود مرداوي لسكاي نيوز عربية: نرفض أي حل يجتز