الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلم اللقاء

البتول المحجوب

2010 / 9 / 25
الادب والفن



إلى من كنتٌ له وطنا يتفيأ ظلاله..
إلى من حلم يوما بلقاء امرأة تدثره بعبق
رائحة الوطن المدفون في رمال الصحراء
إلى "س"

في ركن من أركان غرفتها الباردة الجدران تنزوي وحيدة،تحلم بمساءات دافئة يفوح منها عبق رائحة الثرى المبتل، بعيدا عن صخب المدن الكبرى..بعيدا عن أرصفة المنافي، وعن كآبة وجوه باردة. يراودها الحلم وتراودها ذكرى كلماته ذاك المساء. مساء الحنين لمرابع البدو ،ودفء خيام الوبر،حيث القمر وليالي السمر،حيث الأمهات الطيبات المتشحات سوادا، حيث الكلمة الشعرية ونغم شجي الإيقاع يتردد صداه في ربوع صحراء ،بعيدا عن جدران لها أذان .
حلما معا بالصحراء...بدفء رمالها،ببسمة شمسها الصباحية على الكثبان،بغروبها المسائي الراحل عن الخيام..
يأسرها دفء كلماته المطل، كحلم جميل على ذاكرتها المثقلة بهم، من رحل ذات مساء شاحب...أربكتها حكاياتك التي لاتنتهي ،حين همست لها حالما ،بدفء أنفاس امرأة مترعة بالوجع والحب معا.تتذكر مسا ء حكاياتك الشجية النغمات على مسامعها، وتنام ببراءة الأطفال على دفء ساعدك.. أطلت التأمل في ملامح وجهها الموغل في بداوته، مررت أناملك بدفء ،على تفاصيل وجهها ،قرأ ت كلمات وكلمات في خريطة الوجع البدوي المرسوم بوفاء على قسماتها..تأملت حروف ملامحها المتعبة طويلا، حتى غفت عيناك على براءة وجهها. لتستيقظ صباحا على قبلة دافئة من ثغر شمس الصحراء..
تحتفي بالصحراء فرحا، بعيدا عن جدران باردة وعن أرصفة منافي أتعبك الرحيل منها و إليها..بعيدا عن مدن ابتلعتك طويلا، مدن لم تتخلص منها إلا حلما. تتوحد أحلامكما في ربوع الصحراء بعيدا عن صخب المدن.
وترحل صوب الأرض السمراء، بحثا و عشقا في مرابع البدو ،ورائحة الثرى المبلل بعرق المعاناة على من رحل وما عاد من رحلته...
تستيقظ الطفلة الصغيرة التي تأبى أن تكبر في انتظار أحبتها،تعانقها ابتسامتك عندما يداعب نسيم الصباح عيناها العسليتان،تفرح بقدح الحليب المشترك بينكما ،فلحليب النوق حنين وذكرى،ولطعم القدح البدوي لذة لايعرفها إلاّ من خبر الصحراء.. تحتضنك نظراتها..فتزداد عشقا للدفء أيها القادم من المنافي الباردة.
تمرر أناملها المرتعشة على قسمات وجهك، تقرأ بقايا زمن مر من هنا. تريدك أن تنسى الزمن الماضي، و تعيش حاضرها ومستقبلها الأتي. تراودها هواجس أنثى جبلت على القلق والسؤال المحير .أنثى تخاف الفرح القادم من هناك.. تخشى الفقدان وحرقة الغياب، يطمئنها دفء صوتك قائلا:
-سأظل قربك أحكي، كل ليلة حكاية حتى يداعبك النوم، وأحملك بين ذراعي..... لاقلقك الدائم ولا ذاكرتك المثقلة، بهم الغياب ستحرمني منك...
تنظر طويلا في عمق عينيه، بحثا عن دفء يحتوي صقيع أيامها الماضية، علّها تنسى جدران غرفة باردة الزوايا وحيطان دامعة هناك..يقترب منها أكثر تحس دفء أنفاسه، ترتبك، يربت على كتفها، يمسد شعرها..يقربه من أنفه، بحثا عن رائحة الأوطان البعيدة.تشرد في ذكرى من فقدته في جمعة عاصف، من ذبلت سنين عمره الجميل ،من لفظ أنفاسه وحيدا على إسفلت زنزانة باردة موحشة. دون مواساة ،دون شربة ماء، أو قطعة سكر. تتذكره بحرقة في القلب وغصة في الحلق، تسقط دمعة على خدها الشاحب. تواري وجهها عنه يقترب أكثر يقبل وجهها المبلل بالدمع.ويرتشف بدفء شفتيه ملوحة الدمع والوجع معا...
يغرق في عشق امرأة قادمة من بعيد، و يحلم بعبق رائحة الوطن في ضفائرها.ضفائر أنثى تعلقت بدفء نظراته ،وحلمت بالنوم على صدره،بعيدا عن هواجس أنثى القلق والسؤال المحير... تبتسم له بدفء في هذا الربع الخالي، فيبتسم بحب، لدفء ابتسامتها، لنقاء دمعتها..لوفاء جميل يسكنها، على من توارى في الغياب..

البتول المحجوب لمديميغ/طنطان/المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القاصة الاديبة المبدعة البتول المحجوب
عبد الوهاب المطلبي ( 2010 / 9 / 26 - 15:37 )
ارق التحايا الى الاديبة القاصة بتول المحجوب.. التي تتناول اللقاء مع الحلم الذي استشهد في زنزانة اللاعوده..كان الفارس الجميل كالعنقاء ينهض دائما ويأتي الينا من زاوية جديدة...متوشحا بعبق الصحراء...وزانبقه المثيرة في موسم الخصب والنماْ ...بتول توقظ هذه القدسية...وكأنها غيمة ماطرة....فتموج الصحراء بإبتسامات ذات معان عميقة
مودتي واحترامي


2 - كل المحبة والتقدير
البتول المحجوب ( 2010 / 9 / 26 - 16:16 )
المبدع الكبير بنبله بابداعاته
بحضوره البهي
ممتنة لك دوما..حضورك..
كلماتك الداعمة
كلماتك المشجعة..شكرا جميلا لك عبد الوهاب لانك هنا
بكل هذا الحضور المميز..شكرا للشعر وللسرد
الذي اتاح لي التعرف على ابداع شاعر بقدرك
كل المحبة والتقدير لك

اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل