الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف الذكوري يطارد المرأة المصريّة

سمر عيسى

2010 / 9 / 26
بوابة التمدن


امان
العنف الجسدي والمعنوي ضد المرأة ظاهرة تتزايد يوماً بعد يوم وتدخل ضمن دائرة مقفلة، إذا صحّ التعبير، من العنف الشامل الذي يغلّف سلوكيات البشر بعضهم إزاء بعض. من هنا، تتخذ هذه المشكلة أبعاداً إنسانية تؤثر بطريقة أو بأخرى في نمو المجتمع وتطوّره، لأن سلوك المرأة التي تتعرض للعنف الأسري ينعكس سلباً على أولادها ومن الطبيعي أن يعاني هؤلاء العقد.

تشير دراسة أجراها المركز المصري لحقوق المرأة، إلى أن ثلثي الرجال المصريين يقرّون بأنهم تحرّشوا بنساء وأن 83 في المئة من النساء المصريات تعرّضن للتحرّش، وأن الغالبية العظمى من النساء لا يفعلن شيئاً إزاء تعرّضهن للعنف أو التحرش.

كذلك، تشير الإحصائيات إلى أن 60 في المئة من النساء اللواتي يتعرضن للعنف الأسري أميّات، 30 في المئة يتمتعن بمستويات تعليمية عالية، 40 في المئة بحاجة إلى استشارة طبيب، تتعرض زوجة من أصل ثلاث زوجات للضرب بأشكال مختلفة أثناء الحمل، 47 في المئة من حالات القتل التي ضحاياها من النساء هي جرائم شرف، تتصدر مصر المركز الأول عالمياً في عدد النساء المختونات وفي حالات العنف الجسدي والتحرّش الجنسي الذي أصبح ظاهرة خطيرة في المجتمع المصري.

هيمنة الرجل

توضح نهاد أبو القمصان، مديرة المركز المصري لحقوق المرأة، أن العنف ضد المرأة مظهرٌ لعلاقات غير متكافئة بين الرجل والمرأة عبر التاريخ أدت إلى هيمنة الرجل على المرأة وممارسته التمييز ضدها من خلال العنف الجسدي والنفسي والجنسي الذي يحدث في إطار الأسرة، بما في ذلك الضرب والتعدي الجنسي واغتصاب الزوجة وختان الإناث وغيره من الممارسات المؤذية للمرأة، بالإضافة إلى العنف الجنسي الذي يحدث في إطار المجتمع العام بما في ذلك الاغتصاب والتعدي الجنسي والمضايقة الجنسية.

تضيف أبو القمصان: «يتلقى المركز المصري لحقوق المرأة كماً هائلاً من الشكاوى تتقدم بها نساء يواجهن التهديد والانتهاك العلني وأنواعاً مختلفة من العنف»...

تكمن المشكلة الرئيسة، في رأيها، في أن النساء الضحايا لا يعرفن حقوقهن، ويجهلن أن أشكال العنف المختلفة يعاقب عليها القانون، خصوصاً أنها تسبّب لهن أضراراً نفسية وعصبية قد تمتد آثارها فترات طويلة من حياتهن.

تطالب أبو القمصان الدولة بأن تتّبع سياسة هدفها القضاء على العنف ضد المرأة وعدم التنصل من هذه السياسة لأي سبب يتعلق بالأعراف والتقاليد المتوارثة في مجتمعنا، وأن تستحدث قوانين خاصة لحماية النساء من العنف المنزلي والتحرش الجنسي، وأن تساعد في إجراء إحصاءات تتعلق بالعنف ضد المرأة وتتناول أسبابه وطبيعته وخطورته وتبعاته.

ظاهرة خطيرة

يلاحظ د. يحيى الأحمدي، أستاذ علم النفس التربوي، أن حملات مناهضة العنف ضد المرأة لم تفلح، على مدى العقود السابقة، في إنهاء هذه الظاهرة الخطيرة، ولا حتى الحدّ منها على أقل تقدير، «على رغم عمل الجمعيات النسائية الحقوقية على مدى سنوات طويلة إلا أن الصورة في الواقع تزداد قتامة، والدليل أن 54 في المئة من حالات القتل التي تحدث في مصر، البطل فيها هو الزوج أي أن الوضع يزداد سوءاً».

يشير الأحمدي إلى أن هذه المشكلة لا تقتصر على بلد أو مجتمع معيّنين إنما تنتشر في العالم، لأسباب مختلفة في مقدّمها العوامل الثقافية والتربوية والاقتصادية، العادات والتقاليد، بالإضافة إلى الأسباب التشريعية التي تساعد، أحياناً كثيرة، على ممارسة العنف والتمييز ضد المرأة.

في هذا السياق، تؤكد د. نجوى عبد الحميد، أستاذ علم الاجتماع في جامعة عين شمس، أن امرأة من أصل ثلاث نساء في العالم تتعرض للضرب أو الإكراه على ممارسة الجنس أو إساءة المعاملة بصورة أو بأخرى، لكن تكمن المشكلة في المجتمعات العربية في أنها ما زالت ذكورية وتمنع المرأة من ممارسة أعمال بعينها وتعتبرها طرفاً ضعيفاً يحتاج إلى رعاية وحماية من الرجل، سواء كان زوجاً أو أباً أو أخاً أو أباً، الذي يحدد نسبة مشاركتها في الحياة العامة.

تضيف عبد الحميد: «تعتبر العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية من أهم الأطر التي تبرّر العنف ضد المرأة، فضلاً عن القيم العشائرية والثقافة الذكورية التي تعلي من شأن الرجل وتعامل المرأة باحتقار وتضعها في الدرجة الثانية من السلم الإنساني».

تطالب عبد الحميد باستحداث مشروع قانون لتعديل النصوص غير المنصفة في قانون الأحوال الشخصية وخصوصاً تلك المتعلقة بالطلاق الذي يتم بإرادة منفردة من الرجل، وبضرورة تغيير الموروثات الثقافية في المجتمعات العربية التي تشجع على التمييز ضد المرأة.

بدورها، ترى د.ماجدة عامر، خبيرة في شؤون الأسرة، أن السبب الرئيس في ازدياد ظاهرة العنف ضد المرأة هو المرأة نفسها، إذ أصبحت نداً عنيداً للرجل ما جعلها تهدر الكثير من حقوقه، تقول: «أصبح لها كيانها المستقلّ المادي وتفوقت على الرجل في نواحٍ حياتية كثيرة، وباتت على استعداد للاستغناء عنه فنما لديه شعور بعدم التقدير من المرأة، التي خلقها الله لتكون سكناً له، وكان من الطبيعي أن تحدث ردة فعل عنيفة إزاء هذا الوضع المستجدّ».

موقف الإسلام

توضح د. آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة في كلية بنات في جامعة الأزهر، أن الإسلام يؤكد موقع المرأة إلى جانب الرجل في الإنسانية والعقل والمسؤولية، وأسس الحياة الزوجية على المودة والرحمة، «لكن المشكلة في النصوص الدينية التي تفسر لصالح الرجل فتتمخض عنها أحكام فقهية تنال من مكانة المرأة وتسلبها حقوقها ودورها في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ما يدعم سلطة الرجل ويعطيه تبريرات لممارسة العنف».

تضيف نصير: «لم يُبح الإسلام للرجل أن يمارس أي عنف على المرأة بل عزز مكانتها إلى جانبه، واعتبرها، في إطار الزواج، كائناً حقوقياً مستقلاً عن الرجل من الناحية المادية فليس للزوج أن يستولي على أموالها الخاصة أو أن يتدخل في تجارتها أو مصالحها التي لا تتعلق به كزوج أو بالأسرة التي يتحمل مسؤوليتها. كذلك، أمر الإسلام بمعاملة المرأة على أساس من المودة والرحمة حيث جاء في قوله تعالي: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً»، كذلك جاء في الحديث الشريف «استوصوا بالنساء خيراً».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب